نظم المركز الدولي للإعلام والتواصل بتنسيق مع النيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، يوم السبت الماضي بطنجة، حفل توقيع وتقديم كتاب "محمد بن العربي الطريس .. وثائق نائب لثلاثة سلاطين"، الذي أعده المؤرخ والباحث والإعلامي والديبلوماسي السابق أبو بكر بنونة. وكتاب "محمد بن العربي الطريس .. وثائق نائب لثلاثة سلاطين"، المؤلف الثاني الصادر عن مؤسسة عبد الخالق الطريس للتربية والثقافة والعلوم، الذي كتبت تقديمه رئيسة المؤسسة كنزة الطريس والباحث محمد طارق حيون، يندرج في إطار الكتب التي تسعى إلى الحفاظ على ذاكرة الحركة الوطنية بشمال المغرب وباقي ربوع المملكة، وفي إطار السعي للتعريف بمواقف وأعمال الوطنيين المغاربة الذين ناضلوا، من مختلف مواقع المسؤولية، من أجل الدفاع عن مصالح البلاد، إضافة إلى إغناء المكتبة الوطنية المهتمة بالسير الذاتية والتأريخ. وجاء في تصدير الكتاب أن المؤلف، الذي صدرت الطبعة الأولى منه سنة 2021، هو مبادرة توثيقية تهتم بأهم الأحداث التي عاشها المغرب خاصة ما بين 1883 و1908، ومساهمة ومواقف رجال الدولة الكبار من أمثال محمد بن العربي الطريس الذي كلف آنذاك بتصريف الأمور الخارجية التي استقرت إدارتها بمدينة طنجة، وما بذلوه من جهد لحماية مصالح المملكة ومواجهة أطماع بعد الدول الأوروبية، وكذا في إطار الدفاع عن الوطن والوحدة الترابية للبلاد وعرش المملكة. والكتاب أيضا، حسب مؤلفيه، تمكن من جمع رصيد هام من الوثائق المشتتة في مختلف الخزانات الوطنية والأجنبية، ويستنطق كما هائلا من الوثائق التي تهم رجالات الدولة وشخصيات سياسية مغربية مرجعية، من ضمنهم النائب السلطاني محمد بن العربي الطريس، الذين كانت لهم مساهمات في التاريخ السياسي المغربي المعاصر خاصة خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. ويقدم الكتاب، عبر وثائق رسمية وشخصية، المسؤوليات والمهام السياسية التي تحملها رجال الدولة وسفراء خلال الثلاثة العقود التي سبقت فترة الحماية، من بينهم بوسلهام بن علي أزطوط ومحمد الخطيب ومحمد بركاش ومحمد بن العربي الطريس، خاصة مع اشتداد الأطماع الامبريالية الاستعمارية من طرف دول بعينها. وتكشف الوثائق الواردة في الكتاب، الذي يتضمن بين طياته 219 صفحة من الحجم الكبير، والمراسلات بين محمد بن العربي الطريس والسلاطين وممثلي الدول الأوروبية المعنية، عن العديد من المواقف الشجاعة للمملكة المغربية وعن العديد من القضايا والمحطات التاريخية والمراحل المفصلية في تاريخ المغرب، وكذا خبايا المفاوضات الديبلوماسية التي جرت بين المملكة ودول أوروبية والاتفاقيات التي ترتبت عنها. وفي الجانب الاقتصادي، تكشف الوثائق التي يتضمنها الكتاب مضامين الاتفاقيات التجارية بين المغرب ودول أوروبية والسياسة النقدية المتبعة آنذاك، والسياسية الجمركية وقوانين المكوس والتخليص الجمركي للمنتجات المستوردة والمصدرة، ومفاوضات مد سلك التلغراف بين طنجة وجبل طارق وبين طنجة وطريفة. كما يخصص الكتاب لجانب مهم من الحياة الاجتماعية إبان الفترة التي يلامسها المؤلف، ويتطرق للعديد من الظواهر المرتبطة بعادات وتقاليد وممارسات اجتماعية والقرارات المتخذة لضمان الأمن، وقضايا أخرى مجتمعية برزت مع تواجد مواطنين أجانب في المغرب، خاصة في شماله. كما يتحدث الكتاب عن تجربة وخبرة الديبلوماسي والنائب السلطاني محمد بن العربي الطريس وتعامله السياسي مع سفراء وقناصلة الدول الأوروبية وتنسيقه مع سلاطين المغرب وكيفية تصريفه للقرارات المركزية دفاعا عن مصلحة البلاد ومواجهة الأطماع الاستعمارية، وحيثيات مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906. وأكد مؤلفو الكتاب أن هذا الإصدار العلمي التاريخي هدفه هو إبراز من جهة دور سلاطين الدولة العلوية في الدفاع عن مصالح المغرب في ظروف سياسية كانت صعبة للغاية، ومن جهة أخرى إظهار دور المواطنين المغاربة على اختلاف مواقعهم ومساهمتهم في الدفاع عن حقوق المغرب والوحدة الترابية للمملكة. وسجل المؤلفون أن الكتاب يشكل قيمة مضافة لمجال البحث التاريخي ويساهم في خدمة المعرفة التاريخية للمغرب والمغاربة وتعزيز رصيد المكتبة المغربية والدراسات الدبلوماسية.