تتواصل ككل موسم هجرة اللاعبين المغاربة نحو دوريات الخليج العربي، حيث بلغ العدد حتى الآن إلى6 لاعبين، وهم هشام ابو شروان، محسن متولي، جواد وادوش، جمال العليوي، محمد الشيحاني، محمد أمين نجمي، ويعتبر هؤلاء من أبرز الأسماء التي أنجبتها البطولة الوطنية لكرة القدم خلال السنوات الأخيرة، كما ينتظر خلال فترة الانتقالات الشتوية، رحيل مجموعة أخرى من اللاعبين البارزين. وتعتبر عملية الانتقال عموما، مؤشرا إيجابيا على قيمة المنتوج الكروي في أية بطولة، إلا أن الوجه الثاني للعملة يكمن في أن أغلب المنتقلين قصدوا الخليج العربي كالعادة، وبصفة خاصة قطر، الإمارات العربية، البحرين، عمان، ونسبة قليلة نحو الدوري السعودي الذي يبقى الأقوى على صعيد المنطقة، والتحق به لاعبان من بين الركائز الأساسية للفريق الوطني المغربي وهما يوسف العربي وعادل هرماش. وقد انضافت هذه السنة حالة أخرى أكثر سلبية وفضاعة وتهم الفئات الصغرى، حيث قام نادي السد القطري بتواطىء مكشوف مع أحد السماسرة المبتدئين بمدينة الدارالبيضاء وبمساعدة لاعب مغربي سابق، بترحيل مجموعة من اللاعبين الصاعدين المنتمين لنادي الوداد والرجاء، عن طريق إغراء أولياءهم بوعود وامتيازات، وتشير كل الدلائل أن التركيز على هذه الفئة العمرية الهدف منه مستقبلا تجنيس العناصر المتميزة تحسبا لمونديال 2022-2018. كل هذه المعطيات تؤكد بلا مجال للشك، أن بطولتنا الوطنية تعيش نزيفا موسميا، اسمه الخليج العربي الذي يعتبر بحق مقبرة حقيقية للاعبين المغاربة، فقد ألفنا من قبل أن يفضل اللاعبون المغاربة الذين اقتربوا من سن التقاعد الرياضي، الانتقال إلى الخليج بحثا عن نهاية مادية سعيدة لمشوار طويل، وهو اختيار طبيعي وعادي، لا نقاش فيه، وقد اهتدى له أخيرا مجموعة من نجوم كرة القدم الأوروبية، تحت تأثير بريق البترودولار الذي لا يقام. إلا أن الإشكال الحقيقي، يكمن في كون أغلب اللاعبين المغاربة الذين انتقلوا للخليج العربي خلال السنوات الأخيرة، انتقلوا في سن مبكرة جدا، ليختفوا عن الأنظار دون أن يظهر لهم الأثر من الناحية التقنية، فلا الأندية التي كونتهم استفادت من عطائهم، ولا هم دعموا المنتخبات الوطنية سواء بالفئات الصغرى أو الكبرى. الأمثلة في هذا الشأن كثيرة، ولعل أبرزها على الإطلاق يبقى سعيد الخرازي اللاعب السابق للرجاء البيضاوي والذي انتقل للإمارات في سن 18 سنة، وقد اعتقد الكثيرون أن هذا اللاعب سيكون نجما كبيرا في سماء كرة القدم الوطنية نظرا للإمكانيات التقنية الهائلة التي كان يتوفر عليها، إلى درجة لقبه الكثيرون ب «بودربالة» الثاني، إلا أن لاعبنا هذا اختفى عن الأنظار ولم نعد نسمع إلا القليل من أخباره، ليعود هذا الموسم وقد أخذ منه التعب مأخذه، وهو حاليا يعاني من إصابة بليغة تعرض لها في أول مقابلة يخوضها بقميص الكوكب المراكشي. مثال الخرازي ينطبق على العديد من اللاعبين المغاربة الذين يقصدون الخليج العربى طمعا في كسب مالي، حتى ولو كان قليل مقارنة مع ما يتقاضاه الأوروبيون والبرازيليون والأرجنتينيون، لكنه على كل حال أفضل بكثير مما يتقاضونه بالبطولة المغربية، لكن على حساب المستقبل الرياضي. الرحيل المبكر نحو الخليج العربي، يقضي أولا على مستقبل اللاعب، ويضعف الأندية، كما يشكل نزيفا كبيرا للبطولة الوطنية. نحن مع الانتقال للخارج، لكن نحو أوروبا، أما الخليج فتوقيته معروف، ويتحدد في الوصول إلى مرحلة متقدمة من السن، يكون فيها اللاعب قد قدم الشيء الكثير داخل الملاعب الوطنية التي توجد في أمس الحاجة إلى نجوم محليين قادرين على جلب الجمهور، وجلب الاهتمام الإعلامي والمستشهرين. وبدون شك، فإن الوصول إلى حل لهذا المشكل المزمن يكمن في تقوية الأندية الوطنية، وتأهيلها لتصبح قادرة على الاحتفاظ بكامل عناصرها، تقيهم من إغراءات سماسرة الخليج وما أكثرهم. فعندما أراد ناد خليجي جلب اللاعب المصري الشهير أبو تريكة، الذي وقف جمهور الوداد مساء يوم الأحد الماضي تحية احترام وتقدير له، جاء الرد المصري قاطعا مرفوقا بتعويض مادي مهم، تجاوز القيمة المالية التي اقترحها النادي الإماراتي، ليستمر حمل أبو تريكة للقميص الأحمر، مستمرا في منح الدوري المصري تقلا خاصا للدوري المصري... هذا مجرد مثال، وفي ذلك عبرة لمن يعتبر...