عقدت النقابة الوطنية للصحافة المغربية الدورة العادية لمجلسها الوطني، الأحد الاخير وناقشت خلالها عددا من القضايا التنظيمية والمستجدات، أصدرت عقب أشغالها بلاغا ننشر نصه كمايلي: تميزت الدورة العادية للمجلس الوطني للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، المنعقد يوم 4 شتنبر 2011، بمناقشة جدول أعمال شمل عددا من القضايا التنظيمية ومستجدات الحقل الإعلامي بالمغرب في سياق ما تشهده بلادنا من حراك سياسي واجتماعي، أبرزه على الخصوص توسيع جبهة المطالبة بالديمقراطية. وقد شدد المجلس في تدخلات أعضائه على الدور الأساسي للصحافة والإعلام في منظومة الشفافية والتعددية والحق في الاختلاف وحرية الرأي والتربية على المواطنة. وأكد على ما يلي: 1- إن المجلس الوطني للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، وهو يجدد انخراطه في دينامية المطالبة بتطبيق مبادئ الديمقراطية، ويعتبر نفسه جزءا لا يتجزأ من حركة الإصلاح والتغيير، يسجل استنكاره الشديد لما يحصل على مستوى انتهاك حرية الصحافة وعدم احترام القانون واستمرار التدخل السلطوي في توجيه القضاء. ويذكر في هذا الإطار باللجوء إلى القانون الجنائي لتبرير اعتقال وسجن مدير جريدة المساء، رشيد نيني، والإمعان في البحث عن كل التأويلات القمعية لقانون الصحافة، لمواصلة متابعة مديري جرائد وصحافيين، وإخضاعهم لاستنطاقات بوليسية انتقامية. إن المجلس وهو يتابع بقلق شديد هذه التطورات السلبية، يعتبرها محاولة واضحة من طرف القوى التي تسعى إلى عرقلة التحول الديمقراطي، وزرع اليأس والإحباط في النفوس، للحفاظ على منهج التسلط الذي عبرت أغلب قوى الشعب المغربي رفضها له. لذلك، فإن المجلس يطالب مجددا بالإفراج عن السيد رشيد نيني واحترام مقتضيات قانون الصحافة، على علاتها. 2- إن التحولات التي تشهدها منطقتنا العربية، والتي تسير في اتجاه رفض الأوضاع القائمة، وخاصة استبداد الحكام وانتشار فساد الأنظمة وطغيان السلطة، لا بد أن يشكل درسا بليغا ينبغي إدراك مغزاه الرئيسي، وهو رفض الشعوب للظلم والقمع والتسلط. وفي هذا الإطار، إن ما تعيشه بلادنا من تطورات، سواء على واجهة الإصلاح الدستوري والسياسي أو على واجهة المظاهرات المطالبة بمحاربة الفساد ورفع مظاهر الظلم، تستوجب الانخراط في بناء الديمقراطية الحقيقية، بدون إنصاف حلول، أو محاولات العودة إلى وراء أو التملص من الالتزامات الرسمية المعلن عنها. 3- وانسجاما مع متطلبات الديمقراطية الحقيقية، فإن المجلس الوطني الفيدرالي، إذ يثمن مبادرة إنشاء منتدى الدفاع عن الخدمة العمومية في وسائل الإعلام، يدعو كافة القوى الحية في بلادنا إلى وضع هذا الملف في أولوية الاهتمامات، لأنه لا يمكن تصور أي تطور ديمقراطي وسياسي في بدون المساهمة الفاعلة لمؤسسات الإعلام العمومي في هذا الورش. ويسجل المجلس، بكل أسف، الرفض الممنهج للسلطة المشرفة على هذا القطاع، احترام مقتضيات الخدمة العمومية التي تتطلب تقديم منتوج جيد على كل المستويات السياسية والفنية والثقافية، وتطوير التعددية والحق في الاختلاف وحرية الرأي والتربية على المواطنة. إن الأسلوب السلطوي، الذي ما زال يسود منهج توجيه وتسيير مؤسسات الإعلام العمومي، يناقض كل المبادئ الديمقراطية، بل يتنافى حتى ما جاء به الدستور الجديد. لذلك فإن المجلس يؤكد أن الدفاع عن حق الشعب في هذا المرفق العام، يتطلب المراجعة الشاملة القانونية والسياسية والإدارية، لطريقة تسيير وتدبير وسائل الإعلام العمومية، وإخضاعها لمنهجية الشفافية والمحاسبة والمراقبة الحكومية والبرلمانية والمهنية والشعبية. 4- يدين المجلس استمرار الاعتداء على الصحافيين من طرف قوى الأمن، في العديد من التظاهرات وفي مختلف المدن والجهات. ويعتبر أن هذه الممارسات تشكل انتهاكا واضحا للقوانين، سواء تلك التي تنظم عمل موظفي الأمن أو القانون الجنائي، الذي يمنع الاعتداء وتعذيب المواطنين والشطط في استعمال السلطة، بالإضافة إلى القانون الأساسي للصحافي المهني، الذي ينظم مهنة الصحافة، ويعطي الحق للصحافي في تغطية كل الأحداث، فضلا عما تنص عليه المواثيق الدولية التي التزم المغرب بالاعتراف بها. انطلاقا من هذه المقتضيات القانونية، ومن ضرورة احترام مبادئ حقوق الإنسان الكونية والحق في الخبر، فإن المجلس يدعو الحكومة المغربية وكافة السلطات إلى العمل على حماية الصحافيين، لممارسة مهنتهم في إطار من السلامة الجسدية والمعنوية، التي يضمنها القانون المغربي. 5- بعد استعراضه للممارسات المخلة بالأخلاقيات المهنة، وبالانحرافات التي تظهر من حين لآخر، والتي ضاعفت من خطورتها استعمالات التكنولوجيات الحديثة عبر الانترنيت، في تناقض تام مع الرسالة النبيلة للصحافة، اعتبر المجلس أن الظروف مواتية للتقدم في تأسيس آلية للتنظيم الذاتي، خاصة وأن الدستور الجديد ينص على هذا المبدأ، في إطار من الاستقلالية التامة عن أية سلطة، خارج المهنة. وفي هذا الإطار تشكلت لجنة من المجلس لدراسة مقترح إنشاء المجلس الوطني للصحافة، لمناقشته لاحقا مع الفيدرالية المغربية لناشري الصحف والحكومة، ممثلة في وزارة الاتصال. ومن أجل التقدم في معالجة ملف الأخلاقيات، فإن المجلس الوطني الفيدرالي يوجه نداء إلى كافة الناشرين، مديري ومسؤولي الصحافة الورقية والالكترونية، بوضع قواعد لاحترام شرف المهنة عبر مجالس للتحرير، لتسهر على حسن السلوك المهني وعلى احترام حق الصحافي في الدفاع عن ضميره، طبقا لمبادئ الأخلاقيات، كما هي متعارف عليها دوليا. 6- إن المجلس وهو يستعرض مختلف هذه القضايا يستحضر أيضا الأوضاع المادية والمهنية للصحافيين في مختلف القطاعات، ويؤكد أن تحسينها يمر أولا عبر احترام الحق النقابي من طرف المسؤولين عن المؤسسات الصحافية والإعلامية، سواء في القطاع الخاص أو العمومي. ويسجل في هذا الإطار أن هناك استهتارا بهذا الحق وبقانون الشغل، وبالقانون الأساسي للصحافي المهني، من طرف العديد من مديري المقاولات، وتحت صمت الجهات الحكومية المكلفة بحماية هذه القوانين. ويذكر المجلس بالاتفاق الحاصل مع الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، بخصوص تجديد الاتفاقية الجماعية وتكوين لجنة لفض المنازعات، ويعتبر أن التقدم في معالجة هذه القضايا، سيشكل خطوة فعلية في التنسيق والتعاون بين النقابة وهيأة الناشرين. إن المجلس الوطني الفيدرالي وهو يطرح هذه القضايا، التي تشكل جزءا من برنامج عمل النقابة في الفترة المقبلة، يؤكد أن الدفاع عن حرية الصحافة والحق في الإعلام وحماية الصحافيين واحترام مبدأ الخدمة العمومية، وأخلاقيات المهنة، ينبغي أن تكون على رأس اهتمام السلطات العمومية والأحزاب السياسية والمجتمع المدني، لما تكتسيه من أهمية في بناء الديمقراطية وتحقيق الشفافية وتوفير الإطار الملائم لممارسة حرية التعبير.