أحزاب من اليسار تضع اللبنة الأولى للعمل المشترك أطلقت خمسة أحزاب يسارية مبادرة جماعية لتوحيد جهودها وعملها المشترك للدفع بمسلسل الإصلاحات بالبلاد، والإسهام في تفعيل مضامين الدستور الجديد، في أفق توحيد كل قوى اليسار، في انتظار أن تلتحق باقي مكوناته بهذه المبادرة. وستكون الندوة الموسعة لهذه المكونات، والمزمع عقدها قريبا، والتي ستكون مفتوحة أمام باقي الأحزاب اليسارية الأخرى، أولى خطوات التنفيذ الفعلي للعمل المشترك بينها. المبادرة الجديدة التي اجتمع حولها كل من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية وجبهة القوى الديمقراطية والحزب الاشتراكي واليسار الأخضر، في انتظار التحاق الأحزاب اليسارية الأربعة الأخرى، حزب الطليعة الاشتراكي الديمقراطي والمؤتمر الوطني الاتحادي واليسار الاشتراكي والحزب العمالي، تتوخى تجميع كل قوى اليسار حول برنامج عمل مشترك، وجعلها كتلة منسجمة في المواقف والأهداف، كما هي في المبادئ والأفكار. ودشنت الأحزاب الخمسة، في اجتماعها الأول، مشاورات مع الأحزاب المتبقية للانضمام إلى المبادرة وترك الحسابات الذاتية والحساسيات السياسية جانبا لإعطاء زخم قوي لها، والالتفاف لمناقشة القضايا المصيرية. وعبر الكاتب الوطني لجبهة القوى الديمقراطية، التهامي الخياري، عن تفاؤله بخصوص مستقبل العمل المشترك في إطار المبادرة، مؤكدا أن كل الإمكانيات متوفرة في الوقت الراهن للعمل المشترك بين المكونات الخمسة وفق ما تقتضيه مصلحة البلاد. وقال التهامي الخياري في حديثه لبيان اليوم إن الطموح الكبير الذي يحدو كل الأحزاب الملتفة حول هذه المبادرة «أن نسير بها إلى أبعد ما يمكن، وأن لا يكون اشتغالنا ظرفي أو موسمي»، مشيرا إلى أن هذه المبادرة منفتحة وتنتظر أن تنضم إليها الأحزاب الأخرى. وقال مصطفى عديشان، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إن مبادرة الأحزاب اليسارية الخمسة، استمرار لمبادرات سابقة ساهم فيها الحزب، كان آخرها المبادرة التي التأم حولها سبعة من الأحزاب اليسارية، وعقدت ندوة توجت بأرضية مشتركة هي التي كانت منطلق المبادرة الأخيرة. نفس الموقف عبرت عنه أمينة أوشلح، عضوة المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، بالقول إن هذه المبادرة تأتي استمرارا لمبادرات سابقة، في مستويات متعددة، وهو ما يدل على أن قوى اليسار عبرت عن رغبتها على ضرورة توحيد جهودها ورص صفوفها لمواجهة القضايا الكبرى للبلاد بالعمل والتنسيق المشترك فيما بينها. واعتبرت القيادية الاتحادية أن الوقت حان لتكون هذه المبادرة الجديدة «مراجعة جريئة لعمل قوى اليسار، قياسا مع المبادرات السابقة» وأن تتواصل للوصول إلى تحقيق أهدافها المتمثلة في جعل اليسار، الذي ناضل كثيرا وقدم تضحيات جسيمة، جبهة موحدة وقوية ومنسجمة لتنزيل مضامين الدستور الجديد الذي فتح آفاقا جديدة في طريق البناء الديمقراطي وتحقيق التنمية المستدامة وتوفير شروط التعاقد الاجتماعي والسياسي الجديد. وأكد عدي بوعرفة، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي، على أنه لا يعقل أن تبقى أحزاب اليسار متفرقة إلى الأبد، وقد حان الوقت للقيام بمبادرة تروم توحيد كل مكوناتها والانطلاق في اتجاه مبادرات مشتركة لما فيه مصلحة البلاد. وبينما أعلن التهامي الخياري أن المحاولات التي قامت بها اللجة المنبثقة عن الاجتماع الأول للمبادرة لإقناع الأحزاب الأخرى بالانضمام إليها، لم تسفر بعد عن نتائج جيدة، أكد المصطفى عديشان أن الأحزاب الخمسة ستعمل كل ما في وسعها لإقناع الأحزاب الأربعة للالتحاق بالركب، قبل الندوة الموسعة المزمع عقدها، للمساهمة فيها بفعالية والاستماع إلى وجهة نظرها حول مجمل القضايا، في حين عبر عدي بوعرفة عن أمله في انضمام تلك الأحزاب، داعيا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، باعتباره الحزب الاشتراكي الكبير إلى أخذ زمام المبادرة لإقناعها، باعتباره جزء لا يتجزأ من العائلة الاشتراكية. وتجمع الأحزاب اليسارية الخمسة على أن الظرفية الجديدة التي يعيشها المغرب تحتاج أكثر لمثل هذه المبادرات الجماعية، وتحتاج أكثر لقوى اليسار، هذه الأخيرة تحتاج أكثر من أي وقت مضى لتوحيد جهودها لتحقيق الأهداف والطموحات التي ناضلت من أجلها على مدى عقود من الزمن والتنسيق في مواقفها للدفع بمسلسل الإصلاح الشامل في البلاد. واعترف الكاتب الوطني لجبهة القوى الديمقراطية بوجود صعوبات قد تعترض هذه المبادرة، ولكن ذلك لن يثني القوى المساهمة فيها بالعمل على تجاوزها، وهذا ليس بصعب عليها، بالنظر إلى ما راكمته من تجارب في نفس الاتجاه. وتسير القيادية في الاتحاد الاشتراكي على نفس المنوال بالتأكيد أن من الصعوبات التي يجب على التكتل الجديد مواجهتها العمل على تجميع كل القوى اليسارية، والدفع أن تكون المبادرة مستمرة وأن تحقق الأحزاب الخمسة، والأحزاب التي ستلتحق فيما بعد، تواصلا دائما وتتبادل وجهات نظرها في كل القضايا، وبالتالي تنسيق جهودها على جميع مستويات العمل المشترك على أرض الواقع، وإبداع طرق جديدة للتنسيق. وشدد عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية أن الأحزاب الخمسة أكدت على ضرورة توحيد جهودها بشكل دائم ومشترك، خصوصا لمواجهة كل التحديات وتنزيل مضامين الدستور تنزيلا سليما، لتكون في مستوى التحديات المطروحة على البلاد. بالمقابل أوضح عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي أن ما يهم كل هذه المكونات هو المغرب ككيان وكثوابت لإقرار ديمقراطية حقيقية تستجيب لتطلعات كافة المواطنات والمواطنين. وأكد البلاغ الصادر عن الأحزاب الخمسة أنه بات من الضروري العمل على توحيد قوى اليسار ككتلة منسجمة فكريا وسياسيا، ومؤهلة باستدامة عملها المشترك، والانكباب على القضايا الكبرى للبلاد، بتبني مضامين الإصلاح الشامل الذي يتوق إليه شعبنا، في ظل التحولات النوعية التي يشهدها مغرب اليوم، والتي عجل وتيرتها الحراك الاجتماعي والسياسي الذي عرفته البلاد وعدد من البلدان العربية. وبالتالي المساهمة الفعلية في محاربة مظاهر الفساد بكل أشكاله، وفي توفير الشروط الملائمة لربح معركة القضاء على الفقر والبطالة والأمية والهشاشة والإقصاء. وعبرت الأحزاب الخمسة في بلاغها على ضرورة بذل كل الجهود المطلوبة، والقيام بالخطوات اللازمة لمواصلة الاتصال مع باقي أحزاب اليسار لتأكيد أهمية وضرورة انخراطها، في هذه الظروف بالذات، لتنسيق المواقف والعمل المشترك بغية بناء مستقبل البلاد.