من هلسنكي إلى برلين رحلة طويلة من الانتصارات والانكسارات وفي دورة طوكيو 1991 منح البطلان الأولمبيان في مسافة 10 آلاف متر إبراهيم بوطيب وخالد السكاح ميداليتين نحاسيتين في سباقي 5000م و10 آلاف متر، علما بأن السكاح شارك أيضا في سباق 5000م وحل فيه سادسا. واحتل المغرب المركز 25 عالميا بمداليتين نحاسيتين و12 نقطة. وكانت دورة شتوتغارت عام 1993 هي الأسوأ في تاريخ المشاركة المغربية حيث خرجت ألعاب القوى المغربية خاوية الوفاض، لكن النقطة التي أفاضت الكأس في تلك المشاركة «المخزية» هي ردود الفعل التي خلفتها في الأوساط الرياضية ولدى الرأي العام الرياضي المغربي جراء ما اصطلح على تسميته وقتها «فضيحة التاقي» الذي كان قد اتهم حينئذ بالقيام بدور «أرنب» سباق للجزائري نور الدين مرسلي الذي توج باللقب العالمي وحل رشيد لبصير سابعا والتاقي ثامنا. وشكلت دورة غوتبورغ (السويد) عام 1995 انطلاقة قوية لجيل جديد من العدائين الموهوبين بقيادة هشام الكروج الذي اعتلى في ما بعد قمة هرم ألعاب القوى العالمية بحصده ألقاب شتى في الهواء الطلق وداخل القاعة وتسجيله أرقاما قياسية إعجازية وبات بالتالي سيد المسافات المتوسطة بدون أدنى منازع، بل إنه صنف أفضل عداء للمسافات المتوسطية في تاريخ ألعاب القوى العالمية واختير ثلاث مرات على التوالي أحسن عداء في العالم وهو إنجاز غير مسبوق. وفي غوتبورغ سطع نجم الكروج، الذي كانت بدايته مع التتويجات عام 1992 في بطولة العالم للشبان في سيول (فضية 5000م)، حيث ظفر بفضية 1500 التي كانت تساوي ذهبا لكون صاحب المركز الأول لم يكن وقتها سوى الجزائري نور الدين مرسلي الذي بسط هيمنته على السباقات نصف الطويلة بعد اعتزال عويطة. وكان حصاد ألعاب القوى المغربية أيضا فضيتين أخريين فاز بهما خالد السكاح (10 آلاف متر) وخالد بولامي (5000م) ونحاسية أحرزتها زهرة واعزيز (5000م). كما حقق العداؤون المغاربة الآخرون نتائج جد مرضية إذ احتل رشيد لبصير المرتبة الرابعة في سباق 1500م وإسماعيل الصغير وإبراهيم لحلافي على التوالي المركزين الرابع والخامس في سباق 5000م. وصنف المغرب في هذه الدورة ضمن أفضل عشرة منتخبات في العالم برصيد ثلاث فضيات ونحاسية واحدة و46 نقطة. وبعد عشر سنوات بالتمام والكمال استعادت ألعاب القوى المغربية نغمة الفوز بالألقاب العالمية بتتويج هشام الكروج ونزهة بيدوان بطلين للعالم في سباقي 1500م و400 م حواجز. ونجح الكروج في كسر شوكة الإسباني فرمين كاتشو الذي كان قد أطاح بمرسلي في دورة الألعاب الأولمبية ببرشلونة ومواطنه ري إستفيز، فيما اكتفى حامل اللقب في الدورات الثلاث السابقة الجزائري نور الدين مرسلي بالمركز الرابع وحل التونسي علي الحكيمي خامسا. وكانت ذهبية نزهة بيدوان أحلى وأغلى لكون «غزالة الحواجز» غنمتها بعد منافسة شرسة مع البطلة الأولمبية في دورة أتلانتا، الجمايكية ديون همينغس، وحاملة اللقب العالمي في دورة غوتبورغ وصاحبة الرقم القياسي العالمي الأمريكية كيم باتن. وعزز صالح حيسو رصيد المغرب بنحاسية في 10 آلاف متر وخالد بولامي بفضية في 5000م في حين حل اسماعيل الصغير رابعا وحسن لحسيني خامسا. وكانت برونزية حيسو في دورة أثينا 1997 آخر ميدالية للمغرب في سباق 10 آلاف متر، علما بأن «ثعلب المضمار» خالد السكاح كان قد فاز ببرونزية دورة طوكيو 1991 وفضية دورة غوتبورغ 1995. وفي دورة أثينا بزغ نجم العداءة الواعدة حسناء بنحسي التي استطاعت رغم صغر سنها وقتها (18 سنة) بلوغ دور نصف النهاية لينهي المغرب مشاركته في المركز السادس في سبورة الميداليات برصيد ذهبيتين وفضية ونحاسية. وتعتبر الدورة السابعة لبطولة العالم التي أقيمت في اشبيلية عام 1999 الأوفر غلة من ذهب وفضة ونحاس في تاريخ المشاركة المغربية بإحراز المغرب ذهبيتين وفضيتين وبرونزية واحدة. في إشبيلية كان هشام الكروج على موعد مع ثاني تتويج عالمي في 1500م وخاض سباقا نهائيا تاريخيا قاده عادل الكوش بطريقة «انتحارية» واكتسح جميع منافسيه وخاصة من «الأرمادا» الإسبانية والكينية مسجلا رقما قياسيا للبطولة مازال صامدا حتى الآن بزمن قدره 3د و27ث و100/65، متقدما على الكيني نواه نغيني (3د و28ث و100/73) والثلاثي الإسباني ري إيستفيز وفرمين كاتشو واندياس دياز، فيما اضطر نور الدين مرسلي إلى الانسحاب لتكون دورة اشبيلية آخر مشاركة له في بطولة العالم. وبعد 12 سنة على ذهبية سعيد عويطة صعد صالح حيسو إلى أعلى درج في منصة التتويج بفوزه بذهبية 5000م وتسجيله رقما قياسيا جديدا للبطولة بتوقيت 12د و58ث و100/13، متقدما على الكيني بانجمان ليمو ومواطنه محمد مغيت الذي أصبح وقتها يحمل الجنسية البلجيكية، بينما حل إبراهيم لحلافي في المركز الرابع. وحرمت نزهة بيدوان من ميداليتها الذهبية بعد الإعلان في أول الأمر عن فوزها بسباق 400م حواجز لتؤول في ما بعد للكوبية دايمي بيرنيا بعد اللجوء إلى التصوير البطىء، فيما أحرزت زهرة واعزيز فضية 5000م وراء «قاهرتها على الدوام» العداءة الرومانية الشهيرة غابرييلا تشابو. وكانت فضية زهرة آخر ميدالية للمغرب في هذه المسابقة على مستوى الإناث بل إن المغرب أصبح غائبا في كثير من دورات بطولة العالم عن سباق 5000م. يتبع