خلف المنع المنهجي الذي تعرض له جمع عام تأسيسي لنادي قضاة المغرب حالة استنكار واسعة، من لدن مختلف الفعاليات والحساسيات. ورغم هذه العرقلة فقد أسس القضاة جمعيتهم في الهواء الطلق أمام المدرسة الوطنية للطاقة والمعادن بالرباط، التي أخلفت وعدها بعدما التزمت بوضع القاعة رهن إشارة القضاة وفق الإجراءات المعمول بها. في هذا السياق، استنكرت جمعية هيئات المحامين بالمغرب منع «نادي قضاة المغرب» من عقد اجتماعه التأسيسي، الذي كان مقررا ليوم 20 غشت الجاري بالرباط. واعتبرت الجمعية في بيان لها «أن المنع من عقد الاجتماع المشروع لا يمكن أن يجد له أي مبرر مقنع، ويمس في الصميم بحق السادة القضاة في إنشاء جمعيات مهنية أو الانخراط فيها، والمكفول لهم دستوريا، ولا يمكن إلا أن يصنف من قبيل المنع التعسفي». وطالب مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب بالرفع الفوري لأي شكل من أشكال التضييق على السادة القضاة في ممارسة حقهم في تأسيس جمعياتهم المهنية المستقلة بكل حرية، وبعيدا عن أية وصاية أو تبعية. وبعد أن عبر مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب، عن شجبه «لأي محاولة منع للسادة القضاة من تأسيس هذا الإطار»، أكد في ختام بيانه «تضامنه المطلق مع السادة القضاة، واستعداد الجمعية للعمل معهم وبجانبهم من أجل إقرار سلطة قضائية حقيقية مستقلة ونزيهة، ومن أجل تلبية مطالبهم المهنية والاجتماعية». من جانبها، استنكرت هيئات حقوقية، منع القضاة المغاربة من ممارسة حق دستوري أساسي، في تأسيس جمعية مهنية تحمل اسم «نادي قضاة المغرب». وأعلنت حوالي 17 هيئة حقوقية، في بيان مشترك عن تضامنها مع نساء ورجال القضاء في مبادرتهم الحميدة، التي أكد ذات البيان بأنها ستعزز الإطار الديمقراطي والحقوقي بالمغرب وتساهم في وضع أسس تحقيق دولة الحق والقانون. وهنأ البيان، القضاة والقاضيات المغاربة على هذه المبادرة الإيجابية «التي ستسهم في تفعيل الحق المشروع للقضاة في تأسيس إطار مستقل يمثلهم ويدافع عن حقوقهم المادية والمعنوية، وأساسا منها استقلال القضاء الذي هو أيضا حق للمواطنين والمواطنات ولكل المتقاضين وعنصرا أساسيا من عناصر المحاكمة العادلة». وجاء في البيان بأن الجمعيات الحقوقية المغربية الموقعة «تابعت باهتمام كبير حدث تأسيس المئات من القاضيات والقضاة المغاربة يوم السبت 20 غشت 2011 لجمعية مهنية جديدة تحمل إسم «نادي قضاة المغرب» وذلك في الفضاء المقابل للمدرسة الوطنية للطاقة والمعادن بالرباط، رغم المنع التعسفي الذي حاول عرقلة ممارسة هذا الحق الأساسي الذي يضمنه الدستور والقانون». والجمعيات التي وقعته هي: جمعية هيآت المحامين بالمغرب، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، والمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، ومنظمة العفو الدولية- فرع المغرب، والمرصد المغربي للسجون، وجمعية عدالة، والمرصد المغربي للحريات العامة والجمعية المغربية لمحاربة الرشوة والجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء، والمركز المغربي لحقوق الإنسان ومنتدى الكرامة لحقوق الإنسان والهيئة المغربية لحقوق الإنسان ومنظمة حريات الإعلام والتعبير والرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، ومرصد العدالة بالمغرب. ونوهت الجمعيات المذكورة بتصميم المؤسسين على التمسك بحقهم في إنشاء جمعيتهم المهنية، الأمر الذي جعلهم يمضون قدما في عملهم التأسيسي الذي يكفله لهم الدستور والقانون والمعايير الدولية فصادقوا على النظام الأساسي وانتخبوا أجهزة جمعيتهم أمام أنظار الجميع في احترام للقواعد المتعارف عليها، في تحدى واضح لقرار وزارة الداخلية. بدوره، تدارس المكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل العضو بالفدرالية الديمقراطية للشغل المجتمع في دورة استثنائية يوم الأحد 2011/08/21 بالرباط الأجواء التي تم فيها تأسيس نادي القضاة بالمغرب تحضيرا وانجازا. وفي بلاغ له، حيا المكتب الوطني عاليا كل القضاة الذين ساهموا في هذه المبادرة التاريخية بكل جرأة ومسؤولية. واعتبر البلاغ المنع، الذي تعرض له الجمع العام التأسيسي لنادي القضاة بالمغرب، إجراءا غير دستوري، غايته بث اليأس والتشكيك في الأفق الحقوقي الرحب الذي حمله الدستور الجديد للشعب المغربي عموما وللقضاة بوجه خاص من خلال التنصيص على حقهم في تأسيس جمعيات. وطالب المكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل، في هذا السياق، المجلس الوطني لحقوق الإنسان بفتح تحقيق لتحديد المسؤوليات ومحاسبة الساعين لقتل حلم المغاربة كل المغاربة في غد أفضل. إلى ذلك، وأمام المنع الذي تعرضوا له، أصر القضاة على عقد جمعهم التأسيسي في الهواء الطلق، بعدما منعوا من استعمال قاعة مؤتمرات المدرسة الوطنية للصناعة المعدنية بالرباط. وبعد المناقشة والمصادقة على الوثائق الأساسية تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني والمكتب التنفيذي، كما تم الإعلان عن انتخاب الرئيس الأستاذ ياسين مخلي والأستاذ محمد عنبر نائبا له مباشرة من الجمعية العمومية التي فاق أعضاؤها 400 قاض وقاضية أغلبيتهم الساحقة من الشباب. وتم الإشادة بالمنظمات الحقوقية والمهنية التي ساندت التأسيس. وصرح رئيس الجمعية -نادي قضاة المغرب- ياسين مخلي، قاض بابتدائية تاونات، ومؤسس صفحة -نادي قضاة المغرب- على الموقع الاجتماعي -الفايسبوك-، إن المكتب التنفيذي شكل من 9 أعضاء إلى جانب الرئيس ونائبه، انتخبوا من الجمع العام، وشكل 30 قاضيا أعضاء للمجلس الوطني. وجاء في تصريحه لبعض وسائل الاعلام أن أعضاء المكتب التنفيذي اتفقوا على تشكيل اللجان والتداول في إجراءات تأسيس النادي، خاصة إيداع التصريح والقانون الأساسي لدى السلطات، واتباع الإجراءات القانونية لتأسيس الجمعية، وفقا لظهير 1958، الخاص بتأسيس الجمعيات. وأشار مخلي إلى أن لجنة قانونية ستشكل لمتابعة الملف القانوني الخاص بتأسيس الجمعية، ومتابعة موضوع منع الجمع العام، واتخاذ جميع الإجراءات القانونية لرفع دعوى أمام القضاء ضد المدرسة الوطنية للصناعة المعدنية بحي أكدال بالرباط. وبالنسبة لمقر جمعية -نادي قضاة المغرب-، أوضح أنها -ستلح على أن يكون مقرها الرئيسي هو جمعية الأعمال الاجتماعية للقضاة، لأنه المكان الطبيعي، على غرار باقي تمثيليات القضاة-. وكان القضاة عقدوا جمعهم تحت شعار -من أجل الكرامة والتضامن واستقلال السلطة القضائية-، أمام مدخل المدرسة الوطنية، فانتخب ياسين مخلي، رئيسا ل»نادي قضاة المغرب» بما مجموعه 182 صوتا. كما انتخب محمد عنبر، رئيس غرفة بالمجلس الأعلى، نائبا له، ب 74 صوتا، مباشرة من الجمعية العمومية، التي فاق أعضاؤها 400 قاض وقاضية، أغلبيتهم الساحقة من الشباب. وسينتخب رئيس النادي لمدة أربع سنوات تجدد مرة واحدة، كما نص على ذلك القانون الأساسي للجمعية. وحضر الجمع التأسيسي للنادي أزيد من 300 قاض مؤتمر من مختلف مدن المغرب، وترشح لمنصب الرئيس 9 قضاة. وقبل انتخاب أعضاء المجلس الوطني والمكتب التنفيذي، اطلع القضاة المؤتمرون على القانون الأساسي للنادي، وجرى التصويت عليه بالإجماع، ثم جرت المناقشة والمصادقة على الوثائق الأساسية قبل فتح باب الترشيحات لانتخاب أعضاء المكتب الوطني وباقي هياكل الجمعية المهنية.