علقت روسيا، أول أمس السبت، الاتفاق بشأن صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية، الحيوي لإمدادات الغذاء في العالم، بعد هجوم بمسيرات استهدفت سفنها في شبه جزيرة القرم وحملت مسؤوليته لأوكرانيا وبريطانيا. وسمح الاتفاق الذي أبرم في يوليوز برعاية الأممالمتحدةوتركيا، بتصدير ملايين أطنان الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية منذ بدء النزاع في فبراير؛ ورفع الحصار أسعار المواد الغذائية، مثيرا مخاوف من حدوث مجاعة. وصعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتقاداته للاتفاق في الأسابيع الأخيرة، مشيرا إلى أن الصادرات من روسيا، وهي منتج رئيسي للحبوب، تضررت بسبب العقوبات. وبررت موسكو تعليق مشاركتها بهجوم مكثف بطائرات مسيرة استهدف صباح السبت سفنا عسكرية ومدنية تابعة لأسطولها في البحر الأسود المتمركز في خليج سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم. وقالت وزارة الدفاع الروسية على تلغرام "بالنظر إلى العمل الإرهابي الذي نفذه نظام كييف بمشاركة خبراء بريطانيين ضد سفن في أسطول البحر الأسود وسفن مدنية تشارك في (ضمان) أمن ممرات (نقل) الحبوب، تعلق روسيا مشاركتها في تطبيق الاتفاق حول صادرات المنتجات الزراعية من المرافئ الأوكرانية". واعتبرت وزارة الدفاع البريطانية الاتهامات "ادعاءات خاطئة" لموسكو تهدف إلى "تحويل الانتباه"، في حين أشار مسؤول أوكراني إلى أن الحادث سببه "تعامل القوات الروسية بإهمال مع متفجرات". من جهتها، دعت الأممالمتحدة إلى الحفاظ على اتفاق تصدير الحبوب، وقال المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك "من الحيوي أن يمتنع كل الأطراف عن أي عمل من شأنه أن يعرض اتفاق الحبوب في البحر الأسود للخطر"، مؤكدا أن لهذا الاتفاق "أثرا إيجابيا" لتأمين الغذاء للملايين في مختلف أنحاء العالم. كما طالبت كييف موسكو ب"الوفاء بالتزاماتها" بموجب الاتفاق، وأضافت على لسان وزير خارجيتها دميترو كوليبا "إن موسكو تلجأ إلى ذريعة كاذبة من أجل إغلاق ممر الحبوب الذي يوفر الأمن الغذائي لملايين الأشخاص. أدعو جميع الدول إلى مطالبة روسيا بالكف عن ألاعيب الجوع". وقال مصدر أمني تركي إن أنقرة "لم تتبلغ رسميا" بانسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن السبت إن قرار روسيا الانسحاب من الاتفاق الذي يسمح بتصدير الحبوب من أوكرانيا "مشين". وأضاف خلال حديثه إلى صحافيين "ليس هناك سبب ليفعلوا ذلك"، في إشارة إلى وقف الاتفاق الضروري لتخفيف أزمة الغذاء العالمية الناجمة من النزاع. واعتبرت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أن روسيا تستخدم "الغذاء سلاحا. وقالت أدريين واتسون في بيان إن "روسيا تحاول مجددا استعمال الحرب التي بدأتها ذريعة لاستخدام الغذاء سلاحا، الأمر الذي يؤثر مباشرة في البلدان على صعيد الحاجة وأسعار المواد الغذائية في مختلف أنحاء العالم، ويفاقم الأزمات الإنسانية الخطيرة أصلا وانعدام الأمن الغذائي". وتقول السلطات الروسية إن الهجوم وقع في الساعات الأولى من صباح السبت "بتسع طائرات مسيرة وسبع مسيرات بحرية"، ما سبب "أضرارا طفيفة" لسفينة كاسحة للألغام. وكتبت وزارة الدفاع الروسية على تلغرام "التحضير لهذا العمل الإرهابي وتدريب عسكريين في المركز الأوكراني ال73 للعمليات البحرية الخاصة، نفذهما متخصصون بريطانيون مقرهم في أوتشاكوف في منطقة ميكولايف الأوكرانية". كذلك اتهمت لندن بالتورط في الانفجارات التي دمرت خطي أنابيب نورد ستريم 1 و2 لنقل الغاز الروسي في بحر البلطيق في شتنبر. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في بيان "طلبت روسيا مرارا إجراء تحقيق مشترك في الهجمات (…) إن رفض الدول الغربية هذا الاقتراح يؤكد أن لديها ما تخفيه". ونددت وزارة الدفاع البريطانية بما اعتبرته "قصة ملفقة" من روسيا تهدف إلى "تحويل الانتباه عن إدارتها الكارثية لغزو أوكرانيا غير الشرعي". وأكدت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن أنها لا "تمنح أي صدقية" للاتهامات الروسية. وأكد مستشار وزير الداخلية الأوكراني أنطون جيراشتشينكو على تلغرام أنه "نتيجة التعامل بإهمال مع متفجرات في خليج سيفاستوبول، تم تفجير أربع سفن حربية تابعة لأسطول البحر الأسود الروسي، بينها فرقاطة وسفينة إنزال". قبيل إعلان تعليق اتفاق الحبوب، انتقد وزير الزراعة الروسي مجددا النص على التلفزيون، متهما دول الاتحاد الأوروبي باحتكار الصادرات الأوكرانية التي ينبغي أن تذهب إلى البلدان الفقيرة. وسبق أن أنكر مركز التنسيق الموجود في تركيا هذه الادعاءات. وقال ديمتري باتروشيف إن "اتفاق الحبوب للأسف لم يحل مشاكل البلدان المحتاجة، بل فاقمها أيضا إلى حد ما". ميدانيا، أكد الجيش الأوكراني استمرار القتال في منطقتي لوغانسك ودونيتسك في الشرق، وبالقرب من باخموت المنطقة الوحيدة التي تقدمت فيها القوات الروسية في الأسابيع الأخيرة، بالإضافة إلى عمليات قصف في مناطق أخرى. وأعلن الانفصاليون الموالون لروسيا والذين يقاتلون إلى جانبها من جهة وكييف من جهة أخرى حصول تبادل جديد للأسرى بين الطرفين ضم 50 شخصا من كل جانب. على الجبهة الجنوبية، شهد صحافيو وكالة فرانس برس معارك بالمدفعية في قرية كوبزارتسي، آخر بلدة على الجانب الأوكراني قبل خط التماس مع الجيش الروسي. وأكد أوليكسيتش وهو جندي أوكراني في العشرينات من العمر "يمكن أن يسوء الوضع هناك. لكننا نعلم أنهم يعانون أكثر منا". ويستعد الطرفان في هذه المنطقة لمعركة مدينة خيرسون عاصمة الإقليم التي أجلت منها سلطات الاحتلال عشرات آلاف المدنيين في عملية وصفتها أوكرانيا بأنها "ترحيل".