عندما تعبر الخيال أغنية مغربية جميلة يفوح طيب زمن كان الأطلس يرقص فيه تحت قمر أحمر مرددا أنشودة حب، صبابة، أو حديث عيني رفيقة، أو آخر آه في معبد الرموش. في هذا الزمن كانت الأغنية المغربية، شعرا ولحنا وأداء، معلمة للنحو والقوافي، مربية للعواطف ومؤدبة للذوق والتعلق بالجمال. كل يوم يقترح هذا الركن نفحات من غناء عندما تسمعه الأذن يخفق القلب بالحنين. تحت هذا العنوان غنى اسماعيل أحمد من ألحان عبد النبي الجراري قصيدة صوفية لشيخ الشيوخ أبومدين الغوث.الحنين الذي يسري في هذه الصبابة ليس وليد نيران البين والغياب بل إحساس يتأجج عند حضرة الحضور تملكتموا عقلي وطرفي ومسمعي وروحي وأحشائي وكلي بأجمعي وتيهتموني في بديع جمالكم ولم أدرِ في بحر الهوى أين موضعي وأوصيتموني ألا أبوح بسركم فباح بما أُخفيِ تفيض أدمعي ولمّا فنى صبري وقلّ تجلدي وفارقني نومي وحُرّمت مضجعي أتيت لقاضي الحب قُلتُ أحبتي جفوني وقالوا أنت في الحب مُدّعي وعندي شهود للصبابة والأسى يزكون دعواي إذا جئت أدعي سهادي ووجدي وإكتئآبي ولوعتي وشوقي وسقمي واصفراري وأدمعي ومن عجبٍ أني أحنُ اليهم وأسأل شوقاً عنهم وهم معي وتبكيهم عيني وهم في سوادها ويشكو النوى قلبي وهم بين أضلعي