يخلد المغرب وبقية دول العالم، يومه الخميس، اليوم العالمي لمكافحة التصحر (17 يونيو من كل سنة) وذلك تحت شعار «تجديد التربة في كل مكان تجديد للحياة في كل مكان»، الذي يبرز الترابط الكبير القائم بين تدهور التربة وتراجع المخزون العالمي للتنوع البيولوجي، وتأمين الحياة والتنمية على كوكب الأرض. وتتأكد هذه العلاقة أكثر في ظل زحف ظاهرة التصحر، التي تعد عائقا كبيرا أمام الاستجابة للحاجيات الأساسية لسكان المناطق القاحلة، وتحقيق الرفاهية بالنسبة ل1.2 مليار شخص في العديد من الدول. وتمثل اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر، الاتفاقية الوحيدة الملزمة قانونيا والمعترف بها دوليا، التي تلتزم الدول الأطراف فيها، بإعطاء الأولوية لمحاربة التصحر، عبر تخصيص موارد كافية لهذا الغرض، والقضاء على أسبابها، وربطها ببرامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة. وتُعَرف معاهدة الأممالمتحدة، التي وضعت بناء على توصية لقمة الأرض في ريو دي جانيرو سنة 1992، التصحر ب»تراجع خصوبة التربة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة وشبه الرطبة. نتيجة عوامل مختلفة منها التغيرات المناخية والأنشطة البشرية». وتتجسد هذه الظاهرة في انخفاض جوهري في الإنتاج البيولوجي والاقتصادي للأراضي. وتؤثر هذه الظاهرة على 95% من التراب الوطني بتفاوت ما بين مناطق خطيرة (مناطق جنوب الأطلس) وأخرى مهددة بشكل خطير (الأراضي الفلاحية والرعوية في المناطق القاحلة شبه الرطبة للسهول والهضاب)، وثالثة مهددة جزئيا (المناطق الجافة شبه الرطبة على حافة جبال الريف والأطلس المتوسط والأطلس الكبير). كما تتعرض المزيد من الأراضي لظاهرة التصحر التي تزداد حدتها بفعل التغيرات المناخية، أى جانب العوامل البشرية المرتبطة بالإفراط في الرعي واستغلال الموارد الطبيعية، فضلا عن التوسع العمراني وعوامل التعرية, سواء المائية أو الناتجة عن الرياح وتراكم التربة. ويتجلى تدهور الأراضي في المغرب في تراجع الغطاء الغابوي الذي يقي من انجراف التربة ويلطف المناخ أساسا بفعل الاستغلال المفرط لخشب التدفئة، فضلا عن ارتفاع ملوحة التربة في أراض كانت تستعمل للزراعة وأضحت اليوم غير صالحة لذلك ومعرضة للتعرية. واعتمدت المملكة، التي انضمت للمعاهدة الأممية في 1996، منذ 2001، برنامج العمل الوطني لمحاربة التصحر كإطار استراتيجي لإدماج المخططات والبرامج القطاعية في الزمان والمكان، بالارتكاز على أربعة أسس تتمثل في محاربة الفقر والتنمية القروية والتخفيف من آثار الجفاف وحماية الموارد الطبيعية. وساهم المغرب في تسعة مؤتمرات للأطراف لتعزيز تنفيذ الاتفاقية على الصعيد الوطني، كان آخرها في بوينس آيرس في 2009 لحشد المزيد من الموارد المالية أجل تعزيز جهود محاربة الظاهرة في إطار التعاون الثنائي أو المتعدد الأطراف. والمغرب الآن، حسب المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، بصدد إعداد التقرير الرابع الوطني الذي سيرفع للأمانة العامة للاتفاقية وفق مؤشرات تم اعتمادها في الاجتماع التاسع في بوينس ايرس، والذي اتفق فيه على ملاءمة البرامج الوطنية مع الاستراتيجية العشرية المعتمدة في مؤتمر الأطراف بمدريد سنة 2007. وبدأ المغرب فعلا، حسب المندوبية السامية، في تحيين البرنامج عن طريق التخطيط على صعيد مناطق متجانسة بالنسبة لحساسيتها لظاهرة التصحر، عوض التخطيط الحالي على الصعيد الوطني ككل.