عجيب أمر عامل إقليم تنغير! ما أن تضمد الساكنة جراح إحدى زلاته المفتعلة إلا وتصفع بزلة أخرى أكثر سوء واستهتارا. هذا هو حال ساكنة إقليم تنغير التي ابتليت بعامل لا يكترث إلى أحوالها ولا يعيرها أي اهتمام. همه الوحيد هو الحرص الشديد على تلميع صورة مرشحه المفضل في حزب الأصالة والمعاصرة، على مرأى ومسمع الجميع. لقد صدق الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية الذي صرخ في أكثر من مناسبة وألح أشد ما يكون الإلحاح على ضرورة تخليص الإدارة الترابية من العمال والولاة الذين تورطوا في واضحة النهار في دعم مرشحيهم المفضلين من الأعيان. إن عامل إقليم تنغير، الذي ينسحب عليه هذا الأمر، يعطي الدليل الصارخ لنجاعة هذا المطلب الفوري، والمثال الذي نسوقه اليوم في هذا الاتجاه من إقليم تنغير، الذي عرف عامله بانحيازه السافر إلى مرشحه المفضل، لخير برهان على ما تحتاجه صرخة نبيل بنعبد الله إلى استجابة آنية. في إقليم تنغير تتصارع قبيلتان، الأولى تدعى «أيت محمد» بجماعة تدغى السفلى والثانية تسمى «أيت عيسى إبراهيم» تابعة للجماعة القروية تغزوت نايت عطا. والسبب في هذا النزاع الذي بلغ حد التطاحن المزمن، يرتد إلى خلاف حاد حول الحدود المتعلقة بالأراضي السلالية. ومع احتدام هذه المواجهة الشرسة بين الطرفين، يخشى أن يتحول هذا التطاحن إلى حرب أهلية حقيقية، قد تكون لها عواقب وخيمة في الأرواح والممتلكات، بعد ما دفع بهما إلى قطع الطريق الوطنية رقم 10، والتسبب في إشكالية محتدمة تتعلق بعرقلة تنقل السكان من جماعة إلى أخرى. يشكل هذا الوضع الشاذ الذي تعيشه الجماعتان سابقة خطيرة يأبى عامل إقليم تنغير إلا أن يتمادى في تجاهلها والقفز عليها بشكل يسمح لنفسه أن يفضل حضور وليمة دسمة بأحد المواسم المغمورة، تلبية لدعوة «كريمة» من مرشحه المفضل، تاركا ساكنة الدوارين بالجماعتين المذكورتين في حرب ضروس، قد تؤدي إلى الاقتتال والفتك، علما بأن العامل لم يحضر قط أي موسم من مواسم الإقليم، ولم يأبه بما يجري حوله من ويلات ومحن. هذا هو حال إقليم تنغير في عهد الدستور الجديد الذي يرقى بالمغاربة قاطبة إلى أعلى الدرجات بالقطع مع السلوكات البائدة.