هل يحل القانون الجديد للكراء بالمغرب؟ إجراءات جديدة في العلاقة التعاقدية بين المكري والمكتري إجبارية إبرام العقد بين المكري والمكتري وحرية تحديد مدته إلزام المكري بضمان المواصفات الضرورية للمحل التزام المكري بتغطية نفقات العيوب التزام المكتري بمغادرة المحل بمجرد انتهاء مدة العقد الإفراغ في حالة عدم أداء وجيبة الكراء شروط جديدة لإنهاء عقد الكراء تحمل المكتري للإصلاحات المتعلقة بالمحل في الوقت الذي يتزايد فيه عدد البيوت والمحلات التجارية المغلقة، حسب إحصائيات رسمية، بسبب إحجام أصحابها عن كرائها، من المنتظر أن يعالج القانون الجديد لتنظيم العلاقة التعاقدية بين المكري والمكتري، الذي صادق عليه مجلس المستشارين في ختام دورته الربيعية، هذه الإشكالية. ومن شأن هذا القانون الذي سيدخل حيز التطبيق عقب صدوره في الجريدة الرسمية، خلق التوازن بين حقوق والتزامات طرفي العلاقة التعاقدية لتدارك النواقص التي تعتري النصوص المعمول بها في هذا المجال، ومحاولة معالجة الإشكاليات المرتبطة بتعقد المساطر القضائية والتوازن بين حقوق وواجبات كل طرف. ويسري هذا القانون، الذي انتظر سنوات في رفوف الغرفة التشريعية، على أكرية المحلات المعدة للسكنى، أو للاستعمال المهني مؤثثة أو غير مؤثثة، وكذا مرافقها من أقبية ومرائب وأسطح، وساحات وحدائق، والتي لا تخضع لتشريع خاص. وبالرغم من أن القانون الجديد لا يتضمن إجراءات جديدة لصالح المكتري، إلا أنه، مع ذلك، نظم العلاقة التعاقدية بين المكري والمكتري، ضمانا لحقوق كل منهما من خلال إلزام إعداد بيان وصفي مفصل ودقيق، محرر ومؤرخ وموقع عليه من كلا الطرفين، لحالة المحل المعد للكراء وقت تسليم المفاتيح ووقت استرجاعها، يرفق بالعقد. وينص المشروع على منع استعمال صيغ من قبيل «حالة جيدة» أو «حالة متوسطة» في البيان الوصفي. وقالت عائشة لقرش، النائبة البرلمانية عن فريق تحالف القوى التقدمية الديمقراطية بمجلس النواب، إن القانون الجديد، بالرغم من أنه لا يتضمن إجراءات جديدة لصالح المكتري، فقد جاء للحد من ظاهرة الشقق المغلقة، التي أضحت تتزايد باستمرار في السنوات الأخيرة، مضيفة أن ما يهم من خلال إقرار هذا القانون هو أن يتمكن مالك العقار من استرجاع ملكه بشروط وضمانات قانونية. وأضافت النائبة البرلمانية في اتصال أجرته معها بيان اليوم، أن القانون الجديد لتنظيم العلاقة التعاقدية بين المكري والمكتري يتضمن إجراءات جديدة، منها أولا إلزامية إبرام العقد بين طرفي العلاقة، والسماح بالتفويتات، بمعنى استفادة الأصول والفروع من المحل، سواء كان للسكن أو للاستعمال المهني، في حالة وفاة المكتري. وأشارت عائشة لقرش في حديثها للجريدة أن القانون يتضمن كذلك التنصيص على عقد مكتوب بين الطرفين بالتراضي لمدة محددة، يمكن تجديدها، يتضمن الوصف الكامل للمحل المكترى. وحدد المشروع بدقة حقوق وواجبات كل طرف على حدة، من قبيل المواصفات الضرورية كالتهوية والمطبخ ودورة المياه والكهرباء والماء، بالنسبة للمكري، فضلا عن توفير ظروف الانتفاع الهادئ للمحل، وضمان تحمل الإزعاجات القانونية والمادية الناشئة عن فعله أو فعل مستخدميه، ولا يسأل عن الإزعاجات التي يتسبب فيها الجيران أو الغير، وضمان الصيانة بالشكل الذي يسمح باستعمال المحل. واعتبر رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين، عمر ادخيل، أن القانون الجديد ينص على ضرورة توفر العقد بين طرفي العلاقة الكرائية، كما يفتح الباب أمام مالك المحل، سواء كان منزلا أم محلا للاستعمال التجاري، لتنصيب وكيل يقوم مقامه في حالة غيابه أو تعذر حضوره لإبرام العقد. وهذا المقتضى يهم المالكين الذين يتوفرون على أملاك خارج مدن إقامتهم أو المغاربة المقيمين بالخارج الذين يتعذر عليهم التواجد أثناء إبرام العقد. وأكد عمر ادخيل في تصريح لبيان اليوم أن المشروع الذي أعدته وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، اقترحت في شأنه تعديلات تهم 49 مادة من أصل 53 مادة مجموع مواده، وتم قبول تعديل 35 مادة منها، وهذا يعني بحسبه أهمية وطبيعة المجهود الذي بذل في اللجنة لإخراج القانون بصيغته الحالية، وتجاوز الإشكالات المطروحة في القانون المعمول به حاليا. أما المكتري فتقع على عاتقه أداء السومة الكرائية، والحفاظ على المحل واستعماله وفق الغرض المخصص له، ويعتبر مسؤولا عن الخسائر والعيوب الناتجة عن فعله أو خطئه أو التعسف في استعمال المحل، ولا يسأل عن العيوب الناتجة عن الاستعمال المألوف والعادي، ولا تلك الناتجة عن الحوادث الفجائية أو قوة قاهرة، ولا تلك الناتجة عن حالة القدم أو عيوب في البناء أو بسبب عدم إجراء الإصلاحات التي يتحملها المكري. ويلزم المشروع صاحب المحل الذي يرغب في وضع حد للعلاقة الكرائية أن يوجه للمكتري إنذارا يتضمن الأسباب التي يعتمدها في إنهاء العلاقة، إما لاسترداد المحل لسكنه الشخصي أو لزوجته أو لأحد أصوله أو فروعه المباشرين، أو لسبب جدي ومشروع كضرورة الهدم وإعادة البناء أو إدخال إصلاحات ضرورية عليه. وفي هذا السياق أكد رئيس لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين أن القانون يتضمن خلق آليات للتحكيم بين المكري والمكتري قبل اللجوء إلى المحاكم، ووضع نظام للتأمين على عدم وفاء المكتري بأداء واجب الكراء لصاحب المنزل، وتسهيل استرجاع المالك لمنزله من المكترى، وتوفر المالك على ضمانة لتغطية مصاريف إصلاح الأضرار من طرف المكتري. وقلص القانون أجل مسطرة الإفراغ، إلى 15 يوما فقط، تفاديا لتملص المكتري وطول مسطرة الإجراءات أمام القضاء، مع إلزام المتضرر اللجوء إلى المحكمة الابتدائية والحصول على وصل بالأمر، ووضع مباشرة المسطرة بيد العون القضائي. وأشار ادخيل إلى أن القانون الجديد يتضمن أيضا شروط تولية الكراء أو التخلي عنه لفائدة الغير، ولا يكون ذلك إلا بموافقة صاحب المحل. هذا الأخير لا يمكنه الاعتراض عن التولية أو التخلي إذا التزم الطرف الثالث بممارسة نفس النشاط به. وخول المشروع لصاحب المحل، في حالة عدم أداء الوجيبة الكرائية المستحقة من طرف المكتري أن يطلب من رئيس المحكمة الابتدائية الإذن له بتوجيه إنذار بالأداء إلى المكتري مشفوعا بالحجج الثابتة، يتضمن البيانات المتعلقة باسم المكتري وعنوانه وعنوان المحل المخصص للكراء، وعند الاقتضاء موطن أو محل إقامة المكتري، ومبلغ وجيبة الكراء، والمدة المستحقة، ومجموع المبالغ المتبقية في ذمة المكتري. ويحدد الإنذار أجلا لا يقل عن أسبوعين لتسديد ما عليه من المبالغ المؤداة، إما مباشرة لصاحب المحل أو بكتابة الضبط لدى المحكمة، ويجوز للمكري في حال عدم الأداء الكلي أو الجزئي أن يطلب من رئيس المحكمة أمرا بالتصديق على الإنذار والأمر بالأداء في أجل لا يتعدى 48 ساعة، ولا يقبل أي طعن عادٍ أو غير عادي. غير أنه إذا ثبت أن صاحب المحل توصل بوجيبة الكراء المستحقة وواصل بسوء نية مسطرة التصديق على الإنذار، من حق المكتري المطالبة بالحكم له بتعويض عن الضرر يتراوح ما بين شهرين وستة أشهر من وجيبة الكراء، بصرف النظر عن المتابعات الجنائية المحتملة ضد المكري. ويحدد النص حالات فسخ عقد الكراء بقوة القانون، كحالة وفاة المكتري، رغم أن العلاقة الكرائية تستمر في حالة الوفاة لفائدة الزوج أو الفروع أو الأصول المباشرين من الدرجة الأولى، أو المستفيد من الوصية أو المكفول، بالنسبة للمحلات المعدة للسكن. وللزوج والفروع والأصول، بالنسبة للمحلات المعدة للاستعمال المهني، شريطة استمرارهم في ممارسة المهنة التي كان المحل مخصصا لها. ويعتبر القانون أن كل شخص يتواجد بالمحل من غير ذوي الحقوق، محتلا للمحل بدون حق ولا سند، وأجاز لصاحب المحل أن يطلب من قاضي المستعجلات إصدار أمر بطرده. ويجوز كذلك، بمقتضى المشروع، إنهاء العلاقة الكرائية من طرف المكري أو إفراغ المحل سواء كان للسكنى أو للاستعمال المهني، دون الحاجة إلى توجيه إشعار بالإفراغ، عند التخلي أو تولية الكراء بصفة غير قانونية أو بعدم وجود أشخاص به.