توالت منذ مدة دعوات لإصلاح مدونة الأسرة التي قدمت بشأنها هيئات من الحركة النسائية وحتى الأحزاب السياسية مطالب تمت صياغتها ضمن مذكرات تضمنت الدوافع الموضوعية وراء رفع مطلب الإصلاح. ومن بين القضايا الشائكة والحساسة التي تناولتها مذكرات ومطالب عدد من الهيئات والفاعلين، نجد موضوع نظام الإرث، وموضوع إصلاح المادة 49 من مدونة الأسرة المتعلقة بالعقد الملحق الخاص بتوزيع واقتسام واستثمار الأموال المكتسبة أثناء الحياة الزوجية، إلى جانب موضوع نظام الإرث، حيث تقدمت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب بمذكرة دعت فيها إلى اعتماد نص جديد يمكن من تجاوز الاختلالات والتناقضات التي أظهرها تطبيق المدونة على مدى 18 سنة، بحيث يتم الأخذ بعين الاعتبار العمل المنزلي للمرأة كمساهمة في تنمية ثروة الأسرة أثناء الزوجية إلى جانب العمل الذي تقوم به في المجال العام، وتجنيبها العنف القانوني والقهر الاجتماعي، خاصة وأن نسبة 95 في المائة من النساء يشتغلن في الأنشطة المنزلية. وتطالب الجمعية في نص مذكرتها بصياغة مادة جديدة بشكل يمكن من التطبيق الفعلي للمساواة كمبدأ محوري وأساسي نص عليه دستور 2011، وانبنت عليه قبل ذلك مدونة الأسرة سنة 2004، والذي بقي، وفق الجمعية، شكليا ولم يكن موضوعا للتنفيذ الفعلي، مشيرة إلى أن المدونة تحتاج إلى إصلاح جذري خاصة بعد أن سجل عليها أنها لا ترقى إلى مستوى حماية الحقوق الإنسانية الأساسية للنساء ويحكمها منطق المنظومة الذكورية للمجتمع من خلال مجموعة من المقتضيات، وتتمخض عنها عديد أعطاب اجتماعية ضحيتها بشكل فج هن النساء والأطفال. وكشفت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب على الصيغة الأولية لمضامين المذكرة والتي شكلت موضوع اشتغال امتد على مدى أربعة عشرة شهرا ما بين 2019 و2020، والتي طرحتها للمناقشة من أجل إغناء وتجويد مضامينها مساء يوم الجمعة عبر المنصة الرقمية على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، حيث أكدت على أن ترافعها يندرج ضمن النضال المستمر للحركة الحقوقية النسائية من أجل المطالبة بالإصلاح الشامل والجذري لمدونة الأسرة باعتبارها تمثل مدخلا استراتيجيا لمناهضة الفقر وسط النساء. واسست الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ترافعها على أربع مرتكزات أساسية، يتعلق الأمر بدستور 2011 كمرجع أساسي والذي تنص ديباجته على التزام المغرب بمكافحة كل أشكال التمييز وسمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية كما تنص على الملاءمة، كما ركز على قضية المساواة واعتبرها أساسية ومحورية. فيما المرتكز الثاني يتمحور حول الالتزامات الحكومية في علاقة بأهداف التنمية المستدامة وما تضمنته خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، ثم الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، تليها كمرتكز رابع، التوصيات الأممية الموجهة للمغرب من قبل اللجان التعاهدية. وحول اسباب نزول مذكراتها الترافعية، اعتبرت الجمعية أن منطوق المادة 49 من المدونة لا يقر مبدأ التمكين الاقتصادي للنساء ويحرمهن أثناء وضعية الزواج وفي وضعية انحلال عقد الزواج من حقوقهن المادية فيما نتج من ممتلكات أثناء فترة الزواج، كما أن إعمال المادة 49 لم يتجه نحو الإقرار بحق الكد والسعاية كحق عرفي لا بشكل صريح ولا بشكل ضمني، وتم الاكتفاء في المادة القانونية بإسناد توزيع الثروة لإرادة الزوجين. واعتبرت ان ما يدعو إلى طرح مطلب إصلاح المادة 49، هو أن العقد الملحق المتعلق بتوزيع واقتسام واستثمار الأموال المكتسبة إبان الزواج لم يتم التفصيل في كيفية إبرامه، كما لم يعرض مطلقا لطبيعة هذه القسمة ولا القواعد التي يجب مراعاتها في ذلك ولم توضح العناصر التي تقيد القاضي في تقرير نصيب كل زوج من تلك الأموال. وأكدت الجمعية في هذا الصدد على ضرورة إقرار إصلاح عميق للمدونة يهم البناء الفلسفي لهذا النص بحيث يعتمد روح المساواة كركيزة، وملاءمته مع الالتزامات الدولية للمغرب ودستور 2011، والحرص على إعادة النظر في قواعد الإثبات، واللجوء إلى تصفية الممتلكات المكتسبة إبان الحياة الزوجية أثناء مسطرة الطلاق تلقائيا وبقوة القانون واستحضار الطابع الحمائي والمصلحة الفضلى للمرأة والأطفال.