برغم تسجيل المختصين والسلطات الصحية لحالة استقرار عام في الوضع الوبائي ببلادنا، فإن القلق مشروع، وذلك جراء موجة متحور "أوميگرون" وتزايد أعداد الإصابات المسجلة به، وأيضا بسبب سرعة انتشاره، واتفاق المختصين على أنه سيشهد أعلى مستوياته هذا الشهر، علاوة على استمرار متحور "دلتا" في الانتشار في أكثر من بلد عبر العالم… القلق الواضح يبرره الخوف من حدوث انتكاسة وبائية في بلادنا، وتفاقم الآثار المجتمعية السلبية بسبب ذلك، وهو ما يفرض تقوية الحيطة والحذر الجماعيين في كل الأحوال. إن الارتفاع المتوالي هذه الأيام في أعداد المصابين بمتحور "أوميگرون"، يقترن أيضا بانتشار حالات الإصابة بالزكام وسط الصغار والكبار معا، وأيضا بانخفاض درجات الحرارة في مختلف مناطق البلاد، كما أن ذلك يحل في أيام استئناف الدراسة بعد عطل رأس السنة الميلادية، وهو ما يثير القلق وسط التلاميذ وأسرهم، ولدى مهنيي التعليم، الشيء الذي يفسر انكباب الوزارة الوصية على الاستعداد لمختلف السيناريوهات بشأن تدبير ما تبقى من العام الدراسي، بحسب الحالة الوبائية. في مقابل ما سلف، نسجل وجود تفاؤل واضح اليوم وسط المختصين والهيئات الدولية ذات العلاقة، وذلك بشأن اقتراب التخلص من الأزمة أو على الأقل التخفيف من حدتها على الصعيد الكوني، ولكن هذا التفاؤل لا ينفي وجود بواعث قلق آنية، جراء هذا التفشي المهول لمتحور "أوميگرون" بالخصوص، وسرعة انتشاره، وهو ما يوجب اليوم تقوية التوعية وسط شعبنا، وتمتين التواصل والتحسيس من أجل التقيد الصارم بالتدابير الاحترازية وكل شروط الوقاية الذاتية، الفردية والجماعية. وعلاوة على ذلك، يجب استثمار الإعلام، وكل آليات التواصل والتنشئة، للتعبئة من أجل التلقيح، والعمل لحفظ صحة وسلامة المغربيات والمغاربة، وتقوية استقرار مجتمعنا واستعادة الدينامية العامة في الاقتصاد والمجتمع والحياة. لقد حققت بلادنا فعلا مكتسبات هامة في تصديها للجائحة، وفي توفير اللقاح وتدبير مسلسل التطعيم، ولكن بسبب حالة تراخي صارت واضحة اليوم، وبسبب ضغوط الحاجة الاقتصادية أساسا، وجراء أخطاء ونواقص أخرى، فإن هذه المكتسبات ذاتها يمكن أن تضيع منا، ولهذا لا بد من تجديد التعبئة، وتقوية الانخراط الفردي والجماعي في الجهد الوطني العام لكسب المعركة ضد الوباء القاتل.