ارتفعت، في الساعات القليلة الماضية، أصوات تحذر من تسجيل مؤشرات مقلقة تنبئ بانتكاسة وبائية، محتملة جدا، من جراء الانتشار السريع لوباء كورونا، خصوصا في ظل انعدام عدم احترام الإجراءات الوقائية، والتدابير الاحترازية الضرورية بين صفوف المواطنين، والبطء الحاصل في عملية التلقيح بسبب صعوبة حصول المغرب على مزيد من اللقاحات وسط حرب عالمية شرسة تسهل انتقاء لقاح كورونا. ولمعرفة حقيقة الوضعية الوبائية، التي حذر منها حتى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، اليوم الخميس، خلال انعقاد المجلس الحكومي، حقق "اليوم 24" في خلفيات هذه الانتكاسة المرتقبة، التي من شأنها أن تضطر السلطات إلى فرض إجراءات مشددة، من المحتمل جدا أن يتم اتخاذها، في الأيام القليلة المقبلة، خصوصا بعد أن بدأ القلق يتسرب إلى أعضاء اللجنة العلمية، المخول لها وضع تدابير أكثر تشديدا لمواجهة جائحة كوررنا، بعد ارتفاع معدلات الإصابة الجديدة بالفيروس، و عدد الوفيات، والحالات الحرجة، خلال الأسبوع الأخير، في المغرب. والمؤشرات الخطيرة، السالفة الذكر، دفعت وزارة الصحة إلى توجيه تنبيهات متكررة، وتحذيرية أكدت، من خلالها، أن على المواطنين الحرص ما أمكن على احترام تدابير الوقاية، بعد أن ارتفعت معدلات الإصابة، أخيرا، بشكل بات يثير القلق. وعلاقة بخطورة الوضعية الوبائية في المغرب، حاليا، كشف منسق مركز طوارئ الصحة العامة في وزارة الصحة، معاد المرابط، الذي حل ضيفا على الفقرة الصباحية لإذاعة الأخبار المغربية (ريم راديو)، عن رصد ثلاثة مؤشرات رئيسية منبهة إلى احتمال حدوث موجة جديدة للإصابة بالفيروس في المغرب، ويتعلق الأمر بنسبة إيجابية التحاليل الآخذة في الارتفاع (مدى انتشار الفيروس مجددا)، وسرعة الانتشار (معدل الإصابة خلال 24 ساعة)، وتسارع مؤشر توالد الحالات. كما أوضح المرابط، وهو يحذر من الانتكاسة الوبائية لكورونا قريبا، أن الفيروس ينتشر أكثر فأكثر، وأن الحالات الخطرة، والحرجة ترتفع تلقائيا بارتفاع عدد حالات الإصابة، مشيرا إلى أنه، خلال الأسابيع الماضية، كان عدد الأشخاص، الذين يغادرون أقسام الإنعاش والعناية المركزة بعد تحسن وضعهم السريري أكثر من عدد من يلجون إليها، في حين تغير هذا المنحى، حاليا، وأصبح عدد من يتم نقلهم إلى هذه الأقسام يفوق عدد المغادرين. وحسب مصادر صحية، فإن المتحور البريطاني "ألفا" هو أكثر انتشارا، وشيوعا وسط الحالات، التي ترتفع يوما بعد يوم في المغرب بنسبة انتشار واسعة، تهدد استقرار الحالة الوبائية. وكشفت مصادر "اليوم 24" وجود بؤر وبائية في بعض المدن، كمدينة الدارالبيضاء، والقنيطرة، بسبب الانتشار السريع للمتحور البريطاني "ألفا" SARS-CoV-2 Alpha variant)، الذي يعد من أبرز تحورات فيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة النوع 2، وهو فيروس خطير يتسبب في مرض كورونا. وارتباطا بهذه المؤشرات الخطيرة، كشف الطيب حمضي، الخبير في السياسات، والنظم الصحية، أن دولا وصلت فيها حملات التلقيح 60 في المائة، اضطرت، أخيرا، إلى وقف إجراءات التخفيف من الحجر الصحي، ودول أخرى رجعت إلى فرض حجر شامل، ومن ثمة، فإن المغرب لن يكون استثناء، إذ يتوقع أن يفرض حجرا صحيا، وإجراءات أكثر تشددا، وتقييدا لحركة المواطنين. وأوضح حمضي، في اتصال مع "اليوم 24″، أن ارتفاع حالات الإصابة بكورونا لايشكل السبب الرئيسي لعودة الحجر الصحي، وفرض إجراءات الاحترازات المشددة، بقدر ما تتخوف السلطات الصحية، والحكومية من الانتشار السريع للمتحورين البريطاني والهندي، اللذين يهددان بوقوع انتكاسة وبائية جديدة، ستزيد من حدتها فتح الأجواء الجوية للمملكة، و الاحتفال بعيد الأضحى، وهي المعطيات التي ستفرض اتخاذ إجراءات لتشديد حركة التنقل، وفرض حجر صحي شامل إن اقتضت الضرورة ذلك. وما يزيد الوضعية الوبائية لكورونا خطورة أكبر، حسب المتحدث ذاته، هو عدم احترام المواطنين للاجراءات الاحترازية، وفي مقدمتها عدم التزامهم باحترام مسافات الأمان، والتباعد الاجتماعي، لافتا أن هناك استهتارا ملحوظا بهذا الأمر، في الشارع العام والمطاعم، وفي قاعات الحفلات، والأعراس، وهي السلوكات، التي اعتبرها حمضي، أخطر من انتشار متحورات كورونا، ومن شأنها أن تتسب في انتكاسات وبائية سريعة في ظرف وجيز، خصوصا مع التخفيف من الإجراءات المقيدة لحركة التنقل في بداية العطلة الصيفية، وهذا هو مصدر قلقنا يشدد حمضي. التحكم في الحالة الوبائية، التي باتت تشكل تهديدا، سيفرض على السلطات، حاليا، أن تضع جميع القرارات الصعبة، التي من المحتمل اتخاذها على الطاولة، ومن أهمها فرض إغلاق، وحجر صحي جديد، والخيار الوحيد غير مطروح، وهو تضييع مكتسبات وجهود أزيد من عام ونصف، للتحكم في الوضعية الوبائية في المغرب. ومن المتوقع، حسب مصادر صحية، أن يتم اتخاذ قرارات بإغلاق بعض المدن، التي باتت تعاني انتكاسات، وبؤر وبائية بسبب الانتشار السريع للمتحورين البريطاني، والهندي. وفي هذا السياق، كشف حمضي أن المعطيات الجديدة لسرعة انتشار فيروس كورنا، وخصائص الحالة الوبائية سيفرض على السلطات المغربية نوع الإجراءات، التي من المحتمل اتخاذها، قريبا، لتوقيف التدهور الوبائي، موضحا أن المتحور الهندي الجديد لكورونا، بالإضافة إلى سرعة انتشاره، يتسبب أيضا في ارتفاع الصغط على أقسام الإنعاش، وبضطر المصابون به الدخول إلى المستشفيات مرتين أكثر من المتحور البريطاني، خصوصا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار عدم توجه جميع المصابين بأمراض مزمنة من كبار السن نحو مراكز التلقيح. وشدد حمضي أن متحورات كورونا، سواء البريطاني، أو غيره، تشكل تهديدا مباشرا للحالة الوبائية، ويبقى أشرسهاالمتحور الهندي "دلتا"، الذي يهدد المغرب في ظل عدم الاجراءات الاحترازية من طرف المواطنين. يذكر أن وزارة الصحة كانت قد كشفت، في أبريل الماضي، عن رصد المتحور البريطاني لكورونا في 7 جهات من أصل 12 جهة في البلاد، وصفته ساعتها بأنه يبقى أسرع انتشار، وأكثر فتكاً قبل أن يدخل المتحور الهندي، الذي يعتبر أكثر شراسة. .