يوم أموت، كرة الشمس.. تتدحرج نحو سطح الأرض. القمر ينكمش. النجوم تهبط إلى الأرض، تحاصر المدينة من الجهات الأربع. في حالة إنذار شديد، وأصبعها على الزناد. في ذاك اليوم.. الأرض تتألم أحشاؤها، وتنتفخ. السماء تنخفض. وكل شيء... يصاب بضيق التنفس. *** يوم أموت، عند منعطف دربنا، الماء ينزلق و يسقط على قفاه، أطرافه الأربعة تنخلع. لا يستطيع رفع هامته، لايقدر على الحراك، يصفر كثيراً.. لا أحد يغيثه لكي يجبر أطرافه. *** يوم أموت، التراب يهيل الطين على رأسه و كتفيه، لا يأكل ولا يشرب، كالمجنون.. هائماً في الهضاب والوديان، يبحث عن مكان، يليق بمقام مثواي. *** يوم أموت، النار ترتعش برداً تحضر أمام بيتي و تتلعثم، تدير النظر كي ترى أحدا وتسأل: لماذا مات!؟ لماذا مات!؟ ملك عرش القرن الثالث والعشرين. *** يوم أموت، الريح حسرةً، تشل ركبتها. لا تستطيع التنفس . تحاول مراراً، أطرافها لا تتحرك لا تستطيع الذهاب من درب إلى درب، كي تصل إلى جامع الحي، علها تحصل على الخبر اليقين. *** يوم أموت، الماء و التراب ، النار والريح مذعورة، تتخبط فيما بينها، و أخيرا تجتمع و تتناقش... حول مراسيم دفني. و تقر مايلي: يجب ... أن يكون تابوته من خشب القمر. يجب... أن ينسجوا له كفناً من شعر فتاة. يجب... أن يغسلوه برحيق الكلمات. يجب... أن يكون حجر اللحد.. قطعه من قوس قزح. *** يوم أموت، الحجر يفيق من النوم ويسرد أحلاما غريبة، لرمال شاطئ النهر. في ذاك اليوم.. النهر ينتصب واقفاً. ويقول: أيها الناس، النجدة.. الحل. - بعد موته سيستمر الجدب . في ذاك اليوم .. تضطجع الأشجار، تبكي وتصرخ: ياللهول، من الذي يقطف ثمار كدحي؟ في ذاك اليوم.. ال (رَشَبا) تقف في مكانها، حزينةً، هالكة.. تحت مظلة عاصفة التراب، جالسة تتربع. ساكتة، تدخن بهدوء.. وبأنفاس عميقة. *** يوم أموت، الجبل يفر، يخفي نفسه تحت صخرة. الكهف لا ينطق ، يسد مدخله بجدار. الطرقات.. تتلوى، تنحشر تحت جسر. في ذاك اليوم.. السهل.. مذعوراً - دون أن يحس يهرول عارياً، كي يلوذ بتلٍ. الغابة.. وحيدة، تتيه الطريق تبحث عن كهف يؤويها، يسرد لها قصة أسطورة المطر. في ذاك اليوم.. النبع.. يغضب، يعاكس الجدول ويشاكسه. الجدول يولول.. حافياً، يركض من وادٍ إلى واد رنة صلصاله، تسمع من بعد.