رسالة مفتوحة الى الرئيس السيد : / باراك اُوباما.......... المحترم رئيس الولاياتالمتحدةالامريكية هذه الرسالة موجهة اليك شخصيا، بصفتك الرئيس الحالي للولايات المتحدةالامريكية. وهي تتوجه ايضا الى أعضاء الكونجرس ، والكتاب ، والمثقفين ، و الإعلاميين، والفنانين ، والاكاديميين ، في الولاياتالمتحدة. هذه الرسالة ، كذلك ، موجهة الى كل مواطن أمريكي، داخل أمريكا وخارجها . لأنها تنطلق من قواعد إنسانية وأخلاقية تهم الجنس البشري كله. وتخص جميع اولئك الذين يهتمون ببناء سلام عادل ووطيد في عالمنا الحالي، وتشييدعلاقات متبادلة وندية بين امم هذا الكوكب وشعوبه ، ومنها الشعب العراقي والشعب الأمريكي. السيد الرئيس : اخاطبكم اليوم عَقِبَ قيامي بزيارة وطني للمرة الاولى في هذا الشهر ، بعدما غادرته سنة 1979 ، احتجاجا على السلوك الدكتاتوري الدموي والعدواني للنظام ، ومصادرة حقوق المواطنين العراقيين ، وسلب حرياتهم التي كفلتها القوانين العراقية والدولية . اسمح لي ان اعيد عليك احد اكثر المباديء الاخلاقية التي تعلمتها من الثقافة الامريكية : « إنَّ الناسَ جَميعًا خُلقُوا مُتساوين، وإنَّ خالقَهُم حَباهمُ بحُقوقٍ لايَجوزُ الافتئاتَ عليها، وإنَّ منْ هذهِ الحقوقِ : حقّ الحياةِ، والحُريّةِ، والسَّعي وَراءَ السَّعادة « والآن إسمح لي مرة اخرى ان اعرفك على نفسي : انا مواطن عراقي ، اولا وقبل اي شيءً. وأنا كاتب ، أعرف حقوقي وواجباتي. أكتب إليكم ايها السيد الرئيس احتراما مني للشعب الأمريكي، وتقديراً للثقافة الأمريكية التي شكلت ،ولاتزال ،أحد أهم مصادر تكويني الاخلاقي والثقافي. وانا مواطن عراقي ، إخترتُ الحرية ثقافة ووجهة نظر، لفهم الحياة وتفسيرها وتغييرها نحو الافضل. وارتضيت ان اكون في فضاء الشعوب التي تعمل من اجل السلام والعدالة والكرامة الانسانية للناس جميعا على هذا الكوكب. وعلى طريق هذا الاختيار، امضيت زهره شبابي في سجون الدكتاتوريات العراقية ، وعانيت من ظلم الاحزاب والانظمة الشمولية ، واخترت ان اكون منفياً خارج العراق منذ سنة 1979. واعلنت تضامني مع جميع مثقفي العالم ضد الدكتاتوريات والفاشية والعنصرية والارهاب وأعداء الحرية والديموقراطية والسلام في العالم اجمع . السيد رئيس الولاياتالمتحدة لقد عارضت قيام الحكومة الأمريكية ، بفرض الحصار اللاأخلاقي واللاإنساني على الشعب العراقي . ورفضت رفضا قاطعا احتلال العراق من قبل الحكومة الامريكية وحلفائها سنة 2003 . ودعوت الى مقاومة هذا الاحتلال بالوسائل التي اقرتها الاممالمتحدة ، وإنسحاب القوات الأمريكيةالمحتلة ، اليوم قبل الغد . وهذا كله موثق ومنشور في كتبي ومقالاتي الصحافية ومقابلاتي مع وسائل الاعلام . غير أني في الوقت ذاته، دعوت ولا أزال ادعو الى قيام أرقى أشكال علاقات التعاون ، الحرّ والندّيّ والمتكافئ ، بين الشعب العراقي والشعب الأمريكي ، وبين الدولة العراقية ودولة الولاياتالمتحدةالامريكية، بعد ان ينجز العراقيون بسط سيادتهم الوطنية على ارضهم وسمائهم ومياههم ، ويستكملوا بناء نظامهم السياسي الذي يرتضون به ، بحرية تامة وبدون اي ضغط او تدخل اجنبي . انني اتفهم تماما النضال المشروع الذي باشره، ويباشره العراقيون حاليا وفقا لمباديء الاممالمتحدة ، من أجل انجاز استقلالهم الوطني، والحفاظ على مصالحهم الوطنية ، كما كفلها لهم ميثاق الاممالمتحدة . مثلما اتفهم تماما أبضا، أهمية ان يتضامن ابناء الانسانية ضد العنصرية والفقر ، وضد الارهاب ، سواء كان ارهاب منظمات اوأفرادا ، اوالارهاب المنظم الذي تباشره دولة ، ضمن حدودها الجغرافية او بعيدا عن هذه الحدود . لان الارهاب بمضامينه واشكاله كافة ، لا جنسية له، والارهابيين أعداء للإنسانية. السيد رئيس الولاياتالمتحدة ان اي قرار ستتخذونه ببقاء قوات عسكرية أمريكية ، مهما كانت طبيعة تشكيلها في العراق ، هو استمرار لعملية احتلال العراق منذ سنة 2003. وهو ايضا استدعاء لمزيد من العداء العراقي والعربي والدولي للولايات المتحدة. ان تحويل العراق الى منصة للقوات العسكرية الأمريكية، سيعني استمرار الدماء والدموع من العراقيين والأمريكيين، وسيقدم اعذارا مجانية للمنظمات العنصرية والارهابية ، ويدفع بالعراقيين وأشقائهم واصدقائهم الى التشكيك بل الشعور اليقيني بان ما يصدر عن حكومتكم من نداءات للسلام، والحوار بين الثقافات والتسامح، ليست الا اكاذيبا وخداعا. لذلك ادعوكم الى الإيفاء بتعهداتكم ، وسحب قواتكم العسكرية بمنظوماتها كافه من العراق في نهاية هذا العام ، كما تمّ الاتفاق التعاقدي من قبل الحكومة الامريكية ، مع الحكومة العراقية . السيد رئيس الولاياتالمتحدةالامريكية : انا أثق بانتصار عوامل الخير والعدل والكرامة والشرف في نفس الانسان ، مهما كان عرقه أو دينه أو ثقافته . وهذه هي نظرتي الى الشعب الامريكي الذي اكنّ له الاحترام والتقدير . وبناء على هذا الموقف ادعوكم الى اتخاذ قراركم التاريخي بسحب قواتكم العسكرية المحتلة من العراق. على ان يرتبط موقفكم المرتقب بتقديم اعتذار علني للشعب العراقي ، عن كل ما اقترفته القوات الامريكية ، او المنظومات المدنية والعسكرية المرتبطة بها ، من اهدار للثروة الوطنية العراقية ،وانتهاك لحقوق الانسان العراقي ، وإعتداء على حريات المواطنين العراقيين ، وإساءات للتراث الثقافي والفني العراقي . إن بلادي سوف تغفر لأعدائها كثيرا من جرائمهم التي ارتكبوها ضد شعبنا ، لأن مُثلنا ومناقبنا وأدياننا تدفعنا الى مثل هذا الموقف الانساني والاخلاقي . لكننا لا نستطيع أن ننسى ولن ننسى أبدا جرائم القوات الأجنبية المحتلة لبلادنا على امتداد تاريخنا القديم والحديث ، بحق ابناء شعبنا . سوف يستقبل المثقفون والكتاب والفنانون والاكاديميون العراقيون ، قراركم المنتظر هذا ، بمزيد من التقدير والاحترام لكم شخصيا ، وللشعب الامريكي . أما اذا اخترتم البقاء محتلين للعراق ، فعليكم ان تتقبلوا الخسارات البشرية ، والعار الذي سيلحق بكم شخصيا ، ويلطخ سمعة بلادكم. وإنني احذركم من نهر دم ودموع ، اذا ما استمر الاحتلال الامريكي للعراق. وأتوجه الى الشعب الأمريكي ، أن يستخدم الوسائل المشروعة والاخلاقية جميعها ، من اجل الحرية الكاملة للشعب العراقي ، وإيقاف نزيف الدم الامريكي والعراقي في بلادي . انني ادعو الى بناء علاقة صداقة مميزة بين الشعبين العراقي والامريكي ، بواسطة المؤسسات المثيلة في البلدين ، وفي ظروف وضع ديموقراطي سليم في العراق ، تتحقق فيه السيادة العراقية الكاملة وغير المنقوصة ، وغير القابلة للتصرف . السيد رئيس الولاياتالمتحدة ارغب في إنهاء رسالتي اليكم ، بهذه بالفقرة المحترمة من اعلان الاستقلال الامريكي : « إن الناس جميعًا خلقوا متساوين، وإن خالقهم حباهم بحقوق لايجوز الافتئات عليها، وإن من هذه الحقوق حق الحياة، والحرية، والسعي وراء السعادة . واْنه ? تأمينًا لهذه الحقوق، فقد أُنشئت الحكومات مستمدة سلطاتها العادلة من موافقة المحكومين « . ان شعبينا متساويان في الحرية والمسؤولية والكرامة الوطنية . انني ابعث بتحية احترام وتقدير الى الشعب الامريكي الصديق . واتوجه بالإحترام الكامل، الى الكتاب والفنانين والإعلاميين وناشطي حركات السلام وحقوق الانسان الامريكيين ، ونظرائهم على ارض كوكبنا ، الذين وقفوا ضد الحرب الامريكية في العراق .. سوف انتظر ردكم على رسالتي هذه بمزيد من التفهم والتقدير .