يقدم الباحث البيئي كريغ بال دراسة عن الديزل الحيوي وطاقة الرياح والحطب والطاقة الشمسية ومضخات الحرارة والسيارات الكهربائية، عبر طرح مجموعة كبيرة من المواضيع الأخرى التي ترتبط بالعيش في عالم ما بعد الاستغناء عن الوقود الأحفوري ومشتقاته من الكربون، حيث استطاع في السبعينيات من القرن الماضي أن يوفر لمنزله الطاقة دون الاعتماد الشبكة، بل من برج يعمل بطاقة الرياح يرتفع 80 قدماً على سطحه ويوفر الحاجة من الطاقة الكهربائية. ويرى كريغ إمكانية جديدة أكثر جاذبية وإثارة للاهتمام، يوفرها الديزل الحيوي لتزويد البشر بالطاقة، ويفترض أن الديزل الحيوي يمكنه أن يحل محل تلك العملية البيولوجية القديمة التي تمثلت في الضغط المزمن الذي أفضى إلى تحويل المواد العضوية تحت وطأة الزمن إلى نفط، فقد صار بالإمكان إطلاق عملية بيولوجية معاصرة: يتم فيها تحويل محاصيل فول الصويا، وبذور اللفت، وربما الطحالب، التي يزرعها فلاحو اليوم، إلى وقود ديزل بديل، يعمل بصورة جيدة في مركبات «فولكسواجن» وشاحنات «ماك»، وحافلات المدارس- وحتى في المواقد والأفران التي تعمل بوقود النفط في قبو المنزل، إنه حقاً حل رائع، يقدم سوقاً جديدة للمزارعين الذين يعانون من وطأة الضغوط، ناهيك عن أنّه بدأ يسهم في حل بعض المشاكل البيئية الأكثر إلحاحاً. الوقود الحيوي هل يساهم في الأثر المحايد للكربون؟ وحول أهمية الوقود الحيوي أشارت الباحثة في الطاقة المتجددة ريم باني لإيلاف أن هناك جانب سلبي لا يمكن إغفاله في الوقود الحيوي معتبرة أن أنواع الطاقة المتجددة تتفوق على الوقود الحيوي من حيث أثر محايدة الكربون، وذلك بسبب ارتفاع استخدام الوقود الاحفوري في إنتاجه مشيرة إلى ناتج احتراق الوقود الحيوي من ثاني أوكسيد الكربون فضلاً عن الغازات الغير بيئية الأخرى. والكربون الناتج عن الوقود الحيوي لا يتمثل فقط بنواتج الاحتراق وإنما يضاف إليه ما هو صادر عن النبات خلال دورة نموه، لكن الجانب الايجابي من الموضوع هو أن النبات يستهلك ثاني أوكسيد الكربون في عمليات التركيب الضوئي (التمثيل الضوئي) ومن هنا أتى ما يسمى بتعديل الكربون أو «محايدة الكربون». ريم اعتبرت أن قطع الأشجار في الغابات أو غيرها من المحاصيل الزراعية دون أن يتم استبدالها لن يساهم في الأثر المحايد للكربون، ولكن يعتقد الكثيرون أن السبيل إلى الحد من زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي هو استخدام الوقود الحيوي لاستبدال مصادر الطاقة غير المتجددة. أما كريغ يرى انه آن الأوان لتقديم فهم أفضل لبعض التحديات والفرص المتمثلة في حاجاتنا الحالية، للقيام بالتحول الذي تأخر طويلاً إلى طيف واسع من استراتيجيات الطاقة المتجددة، بما فيها الديزل الحيوي، ومع أن الديزل الحيوي لن يلبي جميع احتياجاتنا للوقود السائل، إلا أنه يقدم على الأقل حلاً جزئياً، معتبرا انه من الأهمية بمكان، الاعتراف بهذه الحقيقة وبمضمونها الرئيس المتمثل في أن كل قطرة عرق من الجهد المبذول في إمدادات الوقود الجديدة، يجب أن يقابله اهتمام موازٍ بعدم الهدر والإفراط. الوقود الحيوي والأمن الغذائي ويرى علماء الإنتاج والأمن الغذائي أن إنتاج الوقود الحيوي يصب في مصلحة الشركات الكبرى متعددة الجنسيات التي تتحكم بسلسلة الإنتاج الغذائي بدءا من البذور والأسمدة وحتى الاتجار وتوزيع الأغذية وقد أعلنت عدة شركات زيادة في إرباحها كشركة تحويل الأغذية NESTLE وكبار موزعي الأغذية ككارفورCARREFOUR وفي المقابل يضر بالمستهلكين وخاصة الفقراء كما يعيق البلدان الفقيرة المستوردة للغذاء من استيراد الطعام الكافي لشعوبها وهو ما يهدد التوازن الغذائي لهذه الشعوب، كما أن التسابق لإنتاج الوقود الحيوي يؤدي إلى تحويل استخدام المياه والأراضي الزراعية المخصصة لإنتاج الغذاء إلي إنتاج المواد الخام الزراعية لصنع الوقود الحيوي. فمن أجل تحقيق مزيد من الربح الآني المؤقت من الطلب المرتفع على الوقود الحيوي لن تتردّد بعض الدول في مصادرة أراضي صغار المزارعين ومزارعي الكفاف وتمنحها للمستثمرين الأجانب بحجة أنها غير مربحة وهو سلوك ليس غريبا عن حكومات الجنوب، ومن المتوقع طرد 5 ملايين مزارع من أراضيهم لإقامة زراعات الوقود الحيوي باندونيسيا و5 ملايين في البرازيل و4 ملايين بكولومبيا (VIA CAMPESINA) بحسب بعض الدراسات الحديثة التي ترى أن ذلك يهدد حياة السكان الأصليين الذين يسكنون الغابات الاستوائية كالقبائل الإفريقية والقبائل الهندية الأصلية في الأمازون ويحرمهم من التنوع الحيوي والموارد الطبيعية التي تعيش منها هذه الشعوب إذ تعتبر هذه الغابات مصدر تنوع بيولوجي فريد وهي وسط بيئي فيه أكبر تنوع للكائنات الحية على الأرض. وبتدمير الغابات تموت آلاف النباتات والحيوانات التي تعيش بها لان هذه الكائنات الحية تتكيّف مع غذاء وحرارة موطنها وإذا هدّم مسكنها ستجد صعوبات كثيرة في مواصلة العيش في مكان آخر.