مشاورات مرتقبة بين الأحزاب والداخلية والأمل معقود على التوافقات لتسريع وتيرة الإصلاح بعد أن حسم في أمر الدستور الجديد منذ الفاتح من الشهر الحالي بالتصويت عليه بنسبة 98.5 في المائة من الأصوات المعبر عنها، في استفتاء تاريخي قال فيه المغاربة كلمتهم؛ بدأت الأحزاب السياسية تتهيأ لخوض جولة جديدة من المشاورات، بخصوص الإصلاحات السياسية المواكبة، وسط حديث عن احتمال صدور مرسوم بعقد دورة استثنائية للبرلمان للنظر في مشاريع القوانين المتعلقة بمدونة الانتخابات وقانون الأحزاب السياسية، في أفق إجراء الانتخابات التشريعية لانتخاب أعضاء مجلسي البرلمان. وينتظر بين اليوم والآخر أن توجه وزارة الداخلية دعوة إلى زعماء الأحزاب السياسية لاستئناف المشاورات حول الإصلاحات السياسية المرتقبة، التي توقفت منذ نهاية شهر ماي الماضي بسبب الاستعدادات للاستفتاء الشعبي على الدستور. ولم يؤكد أكثر من مصدر اتصلت بهم بيان اليوم ما يروج حول احتمال تمديد الدورة التشريعية الحالية، قبيل موعد انتهائها المحدد دستوريا في 13 من الشهر الجاري. فيما تشير مصادر أخرى إلى أن الحسم في إمكانية تمديد الدورة من عدمها سيتم اتخاذه في غضون الأيام القليلة المقبلة، على أقصى تقدير قبل نهاية عمر الدورة. وأبرز عبد اللطيف أوعمو، عضو فريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين وعضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أنه ليس هناك أي تأكيد، إلى حدود اليوم، على تمديد عمر الدورة الحالية، مضيفا أن وتيرة اشتغال البرلمان، عادية جدا. واعتبر أوعمو في اتصال أجرته معه بيان اليوم أن أجواء المؤسسة التشريعية استثنائية بكل المقاييس، يهيمن عليها من جهة الابتهاج بالدستور الجديد الذي صوت عليه المغاربة بأغلبية ساحقة، ومن جهة أخرى هاجس الخوف من تدبير المرحلة المقبلة من الإصلاح السياسي. وأوضح محمد الأنصاري، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين، أنه لا علم له بقرار تمديد الدورة التشريعية الحالية، مشيرا في ذات الوقت إلى أن هناك تضاربا في وجهات نظر الهيئات السياسية حول هذا الموضوع. وقال الأنصاري في تصريح للجريدة، إنه بمقتضى القانون يمكن للحكومة أن تقرر تمديد الدورة التشريعية، ويمكن للبرلمان من تلقاء نفسه أن يقرر ذلك. ولحد الآن لم يصدر قرار من أي من الجهتين. مضيفا أنه أمام عدد من القوانين العالقة التي توجد في طور المصادقة يبقى التساؤل الكبير حول قدرة البرلمان على الانتهاء منها قبل حلول موعد اختتام الدورة في 13 يوليوز الجاري. وينتظر أن تستأنف المشاورات بين وزارة الداخلية والأحزاب السياسية حول الإصلاحات السياسية، وتنتظر الهيئات السياسية دعوة وزارة الداخلية لاستكمال المشاورات التي توقفت في مايو الماضي. وتهم مشاريع الإصلاح السياسي، مراجعة مدونة الانتخابات، ومراجعة القانون المتعلق بالأحزاب السياسية، بالإضافة إلى مراجعة التقطيع الانتخابي، ونمط الاقتراع. ونفى عبد اللطيف أوعمو، أن تخلق الأجندة الزمنية للإصلاح السياسي، وإجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، أي ارتباك للأحزاب السياسية. وشدد على أن المشكل الحقيقي المطروح أمام الهيئات السياسية يكمن في كيفية التوافق على القوانين الانتخابية المقبلة، والتي من شأنها إخراج البلاد من وقعها السابق، وملاءمتها مع روح ومضامين الدستور الجديد الذي حظي بتأييد واسع من طرف كل مكونات الشعب المغربي. وقال القيادي بحزب التقدم والاشتراكية إن الإصلاح السياسي المرتقب كان موضع مشاورات سابقة، بين الأحزاب السياسية ووزارة الداخلية، والذي توقف مؤقتا للتهيء للدستور الجديد. وعبر أوعمو عن أمله أن تفرز المشاورات حول مشاريع الإصلاح السياسي عن توافقات مضبوطة للتسريع بوتيرة العمل التشريعي، وتنفيذ مضامين الدستور الجديد على أرض الواقع، في أفق الدخول البرلماني المقبل. توافقات تضع أمامها الضروريات التي تتطلبها المرحلة الحالية من تاريخ الأمة، وتقدم تنازلات، وتفرز تحالفات قبلية لتجنب أخطاء الماضي، خصوصا على مستوى الآليات المتعلقة باللوائح الانتخابية وبطائق التصويت ونمط الاقتراع المناسب. وأوضح عبد اللطيف أوعمو أن المشاريع والنصوص القانونية المتعلقة بالانتخابات، وتنزيلها على أرض الواقع هي الكفيلة بإجراء انتخابات نزيهة، من شأنها القطع مع الممارسات السابقة، والحد من إفساد العملية ومحاربة مفسدي الانتخابات. كما أن من شأن المشاريع إبراز نخب سياسية جديدة قادرة على أن تبرز غايات الدستور الجديد. ودعا أوعمو إلى حوار جاد يضع من بين أهدافه كيفية الوصول إلى هذه التوافقات، وتحقيق الأهداف المرجوة من هذا الإصلاح، لأن المهم، بحسبه، ليس فقط تنظيم انتخابات سليمة، بل أيضا القدرة على ضمان إفراز نخب سياسية جديدة. وأعرب الأنصاري عن أمله في استئناف المشاورات حول القوانين الانتخابية في أسرع وقت ممكن، رغم أن وزارة الداخلية لم تبلور بعد مسودات للمشاريع التي ستعرضها على الهيئات السياسية. مشيرا إلى أن الفترة الزمنية الفاصلة مع الدخول البرلماني المقبل ليست كافية للتوافق حولها وإحالتها على البرلمان، والمصادقة عليها قبل موعد إجراء الانتخابات المقبلة. غير أنه، بالرغم من ضيق الوقت، حذر رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين من التسرع في اعتماد هذه المشاريع بالقول «إن السرعة تقتل في السياسة وفي التشريع كما تقتل في الطريق»، ودعا إلى منح الأحزاب متسعا من الوقت للنقاش مع قواعدها حول مشاريع الإصلاح، من أجل تفادي الأخطاء السابقة. واستطرد قائلا بأن المغرب عاش فترات عصيبة، وأضاع كثيرا من الوقت بسبب غياب هذا النقاش داخل الأحزاب ومع القواعد.