أعرب عدد من الفاعلين السياسيين عن ارتياحهم لنسبة المشاركة في الاستفتاء على الدستور الجديد للمملكة، الذي جرى يوم الجمعة الماضي. وكان وزير الداخلية الطيب الشرقاوي قد أعلن أن نسبة المشاركة في الاستفتاء حول مشروع الدستور الجديد بلغت -حسب النتائج الجزئية والمؤقتة 72.65 بالمائة. وقال سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن نسبة المشاركة في هذا الاستحقاق «جيدة جدا» وتعبر على أن المغاربة واعون باللحظة الحالية و»لذلك لا يمكن إلا أن نحيي جميع المغاربة وأن نهنئهم على ما أنجزوه». وأعتبر العثماني أن الاستفتاء على الدستور «عمل تاريخي قام به الشعب المغربي ملكا وحكومة ونخبا سياسية وشعبا وشبابا بالخصوص»، وأنه يؤشر على مرحلة جديدة تدخل المغرب في «ملكية ثانية بمعنى الكلمة»، مضيفا أن المسؤولية أصبح يتحملها الجميع لتفعيل هذا الدستور قصد إعطائه مصداقية الواقع، وأيضا لتفعيل المؤسسات المنصوص عليها في الدستور «حتى تكون قوية وقادرة على صنع مغرب جديد، مغرب الديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، مغرب كل المغاربة». وشدد صلاح الدين مزوار رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار من جهته على أن نتائج الاستفتاء المعلنة تؤكد أن الشعب المغربي جسد مرحلة مهمة من تاريخه. وأوضح مزوار أن نسبة المشاركة المرتفعة تفيد بأن المغربي تعاطى بشكل فعلي مع الشأن السياسي، وأن الكرة أصبحت في مرمى الأحزاب السياسية التي عليها أن تستوعب أن المغرب تغير، مشيرا إلى أن الممارسة السياسية التقليدية يجب أن تتطور نحو مزيد من العقلانية والانفتاح والديمقراطية والحداثة. من جانبه لاحظ محمد زيان الأمين العام للحزب المغربي الليبرالي أن «تجاوز نسبة المشاركة ل70 في المائة في البلدان الديمقراطية، يعتبر قويا و مهما ومحفزا». وأعرب عن الأمل في أن يفتح هذا الاستحقاق الباب على مصراعيه أمام نخبة سياسية قادرة على ربح رهان الدمقرطة، منتقدا في الوقت ذاته الأحزاب التي دعت إلى مقاطعة الاستفتاء. ووصف جمال أغماني عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من جهته نسبة المشاركة ب»المرضية جدا وتسعد كثيرا أولئك الذين دعوا إلى التصويت بنعم». وأكد أن الدستور الجديد «ما هو إلا فاتحة مسلسل ديمقراطي لازال طويلا، وان العمل الكبير هو ما سيشرع فيه في الأيام المقبلة». وقال «إن الأمر يتعلق بوضع ترسانة قانونية تتعلق ، بالخصوص، بإقرار مدونة جديدة للانتخابات وقانون حول الأحزاب السياسية». ومن جانبه، أكد حميد شباط الكاتب العام للإتحاد العام للشغالين بالمغرب أن المشاركة كانت مكثفة رغم الظرف الوجيز الذي خصص لحملة الاستفتاء على الدستور، ورغم نقص اللوائح الانتخابية وظروف أخرى أثرت نوعا ما على الإقبال أكثر على مكاتب التصويت. واعتبر أن فاتح يوليوز هو عيد وطني حيث ينتقل المغرب إلى مرحلة جديدة، «مرحلة يجب على الدولة أن تسترجع فيها هيبتها»، مضيفا أن المملكة دخلت إلى الدمقراطية من بابها الواسع. ويرى عبد القادر الكيحل عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال والكاتب العام لمنظمة الشبيبة الاستقلالية أن المشاركة الكبيرة في الاستفتاء حول مشروع الدستور الجديد تعكس «احتضانا شعبيا» لهذه الوثيقة الدستورية، مؤكدا أنها «تعبر عن صوت الشارع المغربي الحقيقي». وأضاف أن نسبة المشاركة المرتفعة في هذا الاستحقاق تؤكد ، مرة أخرى، أن «الشعب المغربي تواق إلى الاستقرار وتعزيز دولة المؤسسات»، مؤكدا أنه يتعين أن يواكب هذا الاحتضان الشعبي بإرساء تدابير متعلقة بأجرأة مضامين الوثيقة الدستورية وعدم تعطيل أي مقتضى من مقتضياته. وأشار في هذا السياق، إلى أنه «لا بد من اتخاذ إجراءات مصاحبة لهذه الوثيقة من أجل تعزيز مسار الثقة، وذلك من خلال إرساء محاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة في المجال السياسي والإداري»، مؤكدا في الوقت ذاته ضرورة إعادة النظر في أداء الفاعل الحزبي والسياسي من خلال تجديد رؤاها ونخبها وتغيير مضامين الاشتغال والعمل». وسجل محمد المشهوري (الحركة الشعبية) من جانبه أن هذا الاستفتاء الشعبي يشكل خطوة تاريخية نحو «مغرب جديد»، موضحا أن الدستور الجديد جاء ب»تغييرات مهمة جدا تجاوزت كل التطلعات» وذلك بفضل الإرادة الملكية ومشاركة الأحزاب السياسية والنقابات وفعاليات المجتمع المدني. وقال إن الرهان الآن مطروح أمام الأحزاب التي يتعين أن تضطلع بدورها في التأطير الحقيقي للمواطنين وتعزيز هياكلها الداخلية بغية إفراز نخبة قادرة على تحمل المسؤوليات الواسعة التي أسندها الدستور الجديد لمؤسستي الحكومة والبرلمان.