لقاء تشاوري غير مسبوق لشخصيات سورية مستقلة في دمشق وسع الجيش السوري أول أمس الأحد نطاق عمليته العسكرية في بلدة القصير القريبة من لبنان ما دفع بالعديد من السكان إلى اللجوء. وقال رامي عبد الرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ مقرا له في لندن، «سمع إطلاق نار ليلا في مدينة القصير». وتابع نقلا عن شهود «بالأمس هرب مئات من سكان القصير إلى لبنان». وكان المرصد أفاد السبت الماضي عن مقتل مدنيين اثنين في القصير برصاص قوات الأمن السورية التي عززت وجودها في البلدة منذ الجمعة، مشيرا إلى اعتقال عدد من الأشخاص. وقال عبد الرحمن «سمع كذلك إطلاق نار خلال الليل في أحياء عدة من حمص» التي دخلها الجيش منذ عدة أيام. وفي منطقة عكار في شمال لبنان، أفاد مختار بلدة الكنيسة علي حمود وكالة فرانس برس أن «بين 350 إلى 400 شخص دخلوا الكنيسة الحدودية قادمين من سوريا، وانتشروا في عدد من منازلها وفي بلدة مجاورة». وأوضح أن غالبية القادمين هم من اللبنانيين المقيمين في بلدتي الهيت والدويك السوريتين الحدوديتين». وقال الشيخ مصطفى حمود، أمام مسجد في الكنيسة، من أصل سوري، أن عائلتي «مقسومة بين لبنان وسوريا. أشقائي المقيمون في سوريا موجودون عندي في المنزل موقتا، لكنهم يريدون العودة». وأوضح الشيخ حمود الذي ينسق على الأرض مع القادمين من سوريا، أن «معظم الزوار من سوريا الذين لديهم بمعظمهم أقارب في منطقة وادي خالد في عكار، يأتون مساء إلى لبنان خوفا من حصول تطورات أمنية في الليل، ثم يعودون صباحا للعمل في أراضيهم. انه موسم حصاد القمح». ويسلك القادمون إلى الكنيسة وجوارها معابر ترابية غير قانونية وعرة تستخدم عادة في عمليات التهريب بين البلدين. وهذا ما يجعل من الصعب جدا إحصاء الواصلين. وقتل أربعة مدنيين السبت برصاص قوات الأمن في جنوبدمشق ومحافظة حمص فيما دخل الجيش السوري قرية الناجية المتاخمة للحدود التركية في إطار متابعة انتشاره في ريف ادلب (شمال غرب)، غداة يوم تعبئة حاشدة ضد نظام الرئيس بشار الأسد. من جهة أخرى، يعقد لقاء تشاوري يضم عددا من الشخصيات المستقلة في دمشق اليوم الاثنين تحت شعار «سوريا للجميع في ظل دولة ديمقراطية مدنية» للتشاور حول الوضع الراهن في سوريا وسبل الخروج من الأزمة. وقالت «بي.بي.سي» إن «من أبرز المشاركين في اللقاء المعارضين ميشيل كيلو وعارف دليلة وفايز ساره وغيرهم من الداخل والخارج من معارضين غير حزبيين، دون مشاركة لأي من رموز السلطة». وأضافت أن الاجتماع «سوف يأخذ شكلاً تشاورياً للتداول في الوضع السوري الراهن وكيفية الانتقال إلى دولة ديمقراطية مدنية، كما سيتناول المجتمعون السبل الآيلة إلى الانتقال السلمي والآمن بسورية إلى نظام ديمقراطي». ومن المقرر أن يستمر اللقاء يوماً واحداً فقط تُعلن في ختامه مجموعة توصيات على شكل مقترح يُقدَّم إلى الرأي العام وللسلطة، وبشكل يسمح بإتاحة المجال أمام جميع شرائح المجتمع لبناء الدولة الديمقراطية المنشودة. وقال المحامي أنور البني أنها المرة الأولى منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في سوريا تعقد شخصيات مستقلة اجتماعا في شكل علني، لافتا إلى أن الاجتماع «لن يضم أحزابا معارضة». وأضاف البني الذي أفرج عنه أخيرا بعدما أمضى نحو خمسة أعوام في السجن، أن هذا الاجتماع الذي سيجمع نحو مئة مثقف ويستمر يوما واحدا «يهدف إلى بحث الوضع للخروج من الأزمة». وقال معارض لفرانس برس رافضا كشف هويته أن «المعارضين رفضوا عرض الحوار الذي تقدم به النظام السوري، مطالبين أولا بوقف استخدام القوة ضد المتظاهرين وانسحاب الدبابات من الشوارع». من جانبه، أعلن الكاتب والمعارض السوري ميشال كيلو لفرانس برس أن «المعارضين لن يحاوروا النظام إذا لم يتوافر مناخ ملائم لذلك». وأضاف كيلو الذي سجن ثلاثة أعوام لتوقيعه إعلانا يؤكد سيادة لبنان المجاور لسوريا «من حق الناس أن يتظاهروا سلميا وينبغي الإفراج عن المعتقلين وعلى السلطات أن تعترف بوجود المعارضة في موازاة وقف استخدام القوة، وإلا لن ينجح الحوار». وذكرت صحيفة الوطن القريبة من النظام الأحد أن الجيش السوري واصل عملياته في جسر الشغور (شمال غرب) بهدف «ملاحقة المجموعات المسلحة التي ارتكبت جرائم فظيعة» في هذه المنطقة القريبة من تركيا. وأضافت الصحيفة أن الجيش بات يسيطر على قرية خربة الجوز التي دخلها الخميس والتي تبعد اقل من كلم واحد من الحدود التركية. وقال المتحدث باسم الجيش السوري رياض حداد في مقابلة مع شبكة «سي.ان.ان» الأميركية أن أكثر من 700 «إرهابي» فروا من هذه القرية إلى الجانب الأخر من الحدود مع عائلاتهم. وكان مئات الجنود السوريين دخلوا خربة الجوز الخميس معززين بدبابات، ثم دخلوا السبت قرية الناجية المحاذية أيضا للحدود التركية. ويؤكد لاجئون أن هذه العمليات العسكرية المستمرة منذ بداية يونيو تهدف إلى قمع المعارضين ومنع السكان من الهرب إلى تركيا المجاورة. وأشارت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا إلى عودة نحو 730 شخصا إلى جسر الشغور لليوم الثاني على التوالي. وحتى الان، فر نحو 12 ألف سوري إلى تركيا فيما وصل خمسة آلاف إلى لبنان في منتصف ماي. وتشهد سوريا منذ ثلاثة أشهر احتجاجات غير مسبوقة تسعى السلطة إلى قمعها عن طريق قوات الأمن والجيش مؤكدة أن تدخلها أملاه وجود «إرهابيين مسلحين يبثون الفوضى». وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان انه منذ بدء الاحتجاجات قتل 1342 مدنيا و343 شرطيا وجنديا، في حين تحدث رياض حداد للشبكة الأميركية عن مقتل 1300 عنصر من قوات الأمن السورية. من جهتها، أكدت إيران الأحد أنها لا تتدخل في شؤون سوريا متهمة الاتحاد الأوروبي بشن حملة تشويه ضد دمشق «من دون أساس»، وذلك بعدما تبنى الاتحاد الجمعة عقوبات إضافية طاولت ثلاثة مسئولين في الحرس الثوري الإيراني اتهموا بمساعدة حملة القمع في سوريا. وفي باريس، أعلن «المنتدى الثقافي اللبناني» وقوفه «إلى جانب ثورة الشعب السوري» وإدانة «كل أعمال القمع والترويع والقتل». واتهم في بيان «أنظمة القمع والاستبداد بتغذية الانقسامات وإشعال الحروب الأهلية وتهديد الاستقرار».