نبيل بنعبد الله: مشروع الدستور الجديد أحدث تطورا هائلا داخل المجتمع وأقر مصالحة حقيقية بين كل مكوناته من خلال دسترة الأمازيغية كلغة رسمية وجزء أساسي من الهوية المغربية منسوب الحراك السياسي والاجتماعي الذي أطلقه شباب 20 فبراير يتعين أن يفرز وعيا شبابيا بأهمية المشاركة السياسية إدرايس الرضواني: مشروع الدستور الجديد يشكل قفزة نوعية نحو بناء صرح الدولة الديمقراطية قررت الشبيبة الاشتراكية التصويت بنعم على مشروع الدستور الجديد المعروض على الاستفتاء، وأعلنت انطلاق قافلة «شباب من أجل الدستور» وذلك خلال اجتماع الدورة الخامسة للمجلس المركزي الموسع يومي السبت والأحد ببوزنيقة. وقال محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في كلمة أمام أعضاء المجلس المركزي للشبيبة الاشتراكية «إن قرار تصويت الحزب بنعم على مشروع الدستور الجديد، هو تصويت ينطلق من مرجعية حزب التقدم والاشتراكية ومن تقدميته، ورفضه للظلم، وانطلاقا من تحليل لكل ما جاء به هذا المشروع الذي يختلف بشكل جذري عما كنا عليه، ويشكل قاعد أساسية لبناء مغرب الديمقراطية وتحسين شروط النضال من أجل التقدم المجتمعي والعدالة الاجتماعية» وأكد محمد بنعبد الله، على أن هذه المرحلة التاريخية تقتضي مشاركة قوية من طرف الشباب، وعلى الشبيبة الاشتراكية العمل على ذلك من أجل حث الشباب على الانخراط الفعلي في الحياة السياسية واستثمار ما جاء به مشروع الدستور الجديد من أجل إدماجهم في الحياة العامة. وأوضح نبيل بنعبد الله، أن منسوب الحراك السياسي والاجتماعي الذي أطلقه شباب 20 فبراير يتعين أن يفرز وعيا شبابيا بأهمية المشاركة السياسية، مشيرا إلى أن الرفض الذي عبر عنه الشباب المغربي للفساد والرشوة والأوضاع الاجتماعية الحالية ينبغي أن يتطور إلى مشاركة حقيقية، لأن التعبير عن الرفض لوحده غير كاف، بحسب الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الذي قال إن محاربة الفساد تقتضي أن تكون هناك عملية تفاعلية مكثفة وقوية للوصول إلى النتائج المتوخاة، من خلال المساهمة في إحداث مصالحة حقيقية بين تعبيرات عريضة من الشباب المغربي مع العمل السياسي ومع الفعل السياسي. واعتبر بنعبد الله أن المنطق الذي يحاول تعميم الفساد السياسي على كل الأحزاب وكل الفاعلين السياسيين، منطق خاطئ يتعين على الشبيبة الاشتراكية مواجهته، لأن فيه احتقارا للشباب المناضل الذي آمن بجدوى وبنبل الفعل السياسي وعلى رأسهم مناضلي ومناضلات الشبيبة الاشتراكية. وشدد الأمين العام، على أن المغرب يوجد اليوم في مرحلة حاسمة، وذكر في سياق حديثه عن الورش الدستوري الذي تخوضه بلادنا، بالموقف الشجاع الذي أقرته اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية في دورتها الأخيرة بسلا، والمتمثل في التصويت ب «نعم» على مشروع الدستور الجديد، مبرزا أن المطلب الدستوري ظل حاضرا في كل المقاربات السياسية لحزب التقدم والاشتراكية منذ نشأته إلى اليوم، حيث ظل يناضل من أجل توازن حقيقي للسلط والفصل بينها من خلال التوفر على دستور متقدم، وبالتالي، يضيف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن المطلب الدستوري لم ينشأ، فقط مع حركة 20 فبراير. وذكر في السياق ذاته، بمواقف الحزب خلال الأربع سنوات الأخيرة، حين دق ناقوس الخطر وقال بضرورة الرجوع إلى سكة الإصلاح من خلال الشعار الذي أطلقته الندوة الوطنية للحزب سنة 2008 المتمثل في دعوة المؤسسة الملكية إلى «تعاقد سياسي جديد» على اعتبار أن الطريق الذي كان يسير فيه المشهد السياسي من خلال الممارسات الانحرافية التي بدت تطفو على الساحة السياسية كانت تهدد مستقبل البلاد. وأضاف نبيل بنعبد الله أن مواقف الحزب تعززت من خلال خلاصات المؤتمر الوطني الثامن الذي رفع شعار «من أجل جيل جديد من الإصلاحات» مؤكدا على أن المدخل الحقيقي لهذه الإصلاحات هو المدخل الدستوري، مشيرا إلى أن على شبيبة الحزب التسلح بهذه المواقف والدفاع عنها في كل المحافل الشبابية. وبخصوص مضامين مشروع الدستور الجديد، جدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية التأكيد على أن هذه الوثيقة الدستورية تضمنت قرابة 95% من المقترحات التي وردت في مذكرة الحزب التي قدمها للجنة الاستشارية للإصلاح الدستوري، مبرزا مجموعة من المقتضيات الإيجابية التي جاء بها الدستور في مجالات متعددة منها على الخصوص صلاحيات الملك التي أصبحت واضحة في الدستور وتوسيع صلاحيات السلطة التنفيذية وحصر مجال التشريع في البرلمان، وإقرار توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وكل ما له علاقة بمجال الحقوق والحريات والمساواة بين الرجل والمرأة، واستقلال القضاء، ودسترة آليات تخليق الحياة العامة والتحكيم ومحاربة الرشوة. وأفاد بنعبد الله، أن مشروع الدستور الجديد أحدث تطورا هائلا داخل المجتمع وأقر مصالحة حقيقية بين كل مكوناته من خلال دسترة الأمازيغية كلغة رسمية وجزء أساسي من الهوية المغربية. واعتبر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن مشروع الدستور الجديد، يضع المغرب على أبواب الملكية البرلمانية، مؤكدا على أن التصويت بنعم لا ينعني نهاية المسار ولا يعني السكوت عن الفساد، لأن المعركة ستنطلق من جديد انطلاقا من هذا الدستور الجديد، من أجل محاربة الفساد والبطالة وتحسين الأوضاع الاجتماعية، وتنقية المشهد السياسي من خلال إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وضمان حياد فعلي للسلطة، وإجراء تغيرات واسعة وسط العمال والولاة خاصة في صفوف الموالين للحزب الأغلبي والذين تم تعيينهم من أجل صنع هذا الحزب. ومن جانبه، ركز إدريس الرضواني الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية، خلال عرضه لتقرير المكتب الوطني على السياق العام الذي تنعقد فيه الدورة الخامسة للمجلس المركزية والذي يتميز بحراك شبابي قوي يطالب بالإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد، وانخراط الشبيبة الاشتراكية على المستوى المركزي والجهوي والمحلي في هذا الحراك انطلاقا من إيمانها الراسخ بأهمية هذه الدينامية الجديدة. وذكر الرضواني بمختلف المحطات التي طبعت مسار الشبيبة الاشتراكية ما بين الدورتين، كما أوضح المساهمة المتميزة للشبيبة الاشتراكية في الحراك الشبابي والاجتماعي والسياسي، من خلال الانخراط ودعم حركة 20 فبراير والمساهمة في المسيرات والاحتجاجات المنظمة. كما ذكر بأهم المطالب التي انخرطت على أساسها الشبيبة الاشتراكية في حركة 20 فبراير والمتمثلة على الخصوص في مطلب التعجيل بإقرار إصلاح دستوري وسياسي بالمغرب، باعتباره مطلبا لكل القوى الحية بالبلاد. مشيرا إلى أن خطاب 9 مارس عجل بذلك، وأن الشبيبة الاشتراكية اعتبرت هذا الخطاب في حينه، مدخلا أساسيا يمكن أن يساعد على بناء دولة ديمقراطية، وأن الخيار الديمقراطي خيارا استراتيجيا يساعد على تعزيزالاستقرارالسياسي والسلم الاجتماعي والمدني ويساعد على مواصلة معركة التنمية الشاملة. كما رفعت الشبيبة الاشتراكية، خلال هذه الدينامية الشبابية، مطلب محاربة جميع أشكال الفساد الإداري، المالي، القضائي والسياسي، والقطع مع اقتصاد الريع، معتبرة أن الفساد وباء خطير، ينخر المجتمع، ويعزز مظاهر الظلم والبؤس والحرمان بكل أشكاله. وقال إدريس الرضواني، إن محاربة الفساد الذي شكل شعار مركزيا خلال مسيرات حركة 20 فبراير « لا يمكن أن يرفضه إلا مفسد أوداع للفساد أوانتهازي أومستفيد بشكل أو بآخر من استمرار الفساد. كما أن اقتصاد الريع يحد من قدرات الاقتصاد الوطني على التقدم ويغدي الكثير من معاقل الفساد». كما دعا الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية، خلال الدورة الخامسة للمجلس المركزي والتي أدراها عزوز الصنهاجي عضو المكتب الوطني، وحضرها حوالي 300 شاب وشابة من أعضاء المجلس المركزي وكتاب الفروع المحلية، إلى الشروع في إصلاح سياسي عميق مباشرة بعد التصويت على مشروع الدستورالجديد، وذلك بهدف توفير الشروط القانونية والسياسية والإدارية الكفيلة بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة، مع محاربة كل أشكال تدخل المال والنفوذ، وأكد أن غياب هذه الشروط لا يمكن أن يؤدي إلا المزيد من العزوف عن الانخراط في العمليات السياسية بشكل عام وعن التصويت والترشيح بشكل خاص. كما أن غيابها لن يؤدي أيضا إلا إلى استشراء الفساد ونهب المال العام. وبخصوص مشروع الدستور الجديد، وصف إدريس الرضواني آلية التشاور التي تم اعتمادها من أجل صياغة الدستور ب «السابقة في التاريخ المغربي» مبرزا الدور المحوري الذي لعبته الأحزاب السياسية والتنظيمات النقابية وهيآت المجتمع المدني، في عملية الإصلاح، وقال إنه «يمكن الافتخار بالدور الذي لعبه حزب التقدم والاشتراكية في هذا المجال، حيث تقدم بمذكرتين (أولية وتكميلية) في الوقت الذي لم تتقدم كثير من الأحزاب بأية وثيقة مكتوبة». وأوضح الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية، أن مكتسبات المجتمع المغربي تعززت بإقرارمشروع دستور متوافق حوله، في وقت قياسي عكس ما كان يحدث في الماضي، كما أن هذا المشروع الجديد يتجاوب بشكل كبير مع ما تقدم به حزب التقدم والاشتراكية وقوى ديمقراطية وتقدمية أخرى من مقترحات. بل ويغنيها في اتجاه حداثي وديمقراطي في عدة جوانب هامة. وأضاف أن هذا الدستور يمكن أن يرتقي بالمغرب إلى مصاف الدول الديمقراطية، خاصة من خلال إقرارفصل حقيقي متوازن للسلط، قائم على التعاون بين السلط التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتعزيز فعلي للحريات والحقوق الأساسية، ويمكن من القيام بقفزة نوعية نحو بناء صرح الدولة الديمقراطية. ودعا الرضواني مناضلي ومناضلات الشبيبة الاشتراكية، إلى استثمار كل الإمكانيات المتاحة من أجل الانخراط الفعلي والقوي في الحملة الاستفتائية على الدستور، والتحضير الجدي للمساهمة بقوة في المحطات السياسية المقبلة، مسجلا إيجابية الحوار الذي دشنته وزارة الداخلية مع الأحزاب السياسية بخصوص الإصلاحات السياسية، مشيرا إلى أن هذه الدينامية لم يشهدها المغرب منذ أواسط التسعينات على عهد حكومة التناوب بقيادة عبد الرحمان اليوسفي. وقال الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية، إن أهم «ما حصل خلال المدة الأخيرة، هو أيضا عودة الاهتمام بالحياة السياسية والشأن العام، من لدن فآت واسعة من الشباب بشكل خاص والمواطنين والمواطنات بشكل عام. بعدما سادت فترة طويلة من اللامبالاة والتذمر واعتبار العمل السياسي عبث ولا جدوى منه وأن الأحزاب السياسية والنقابات وباقي التنظيمات لا فرق بينها» مشيرا إلى أن هذا العنصر يشكل معطى إيجابي في تحول بنية الوعي لدى الشباب المغربي وعموم والمواطنين، ومن شأنه إفراز نخب جديدة قادرة على تنزيل الدستور الجديد على أرض الواقع.