انطلقت، يوم السبت الماضي، النقاشات على أعلى مستوى للمؤتمر الثاني عشر للأمم المتحدة لمنع الجريمة والعدالة الجنائية الذي تحتضنه مدينة سالفادور البرازيلية، تحت رئاسة وزير العدل البرازيلي السيد لويز باولو طيليس بريطو والمدير التنفيذي للمؤتمر السيد جون سانداج. وكان وزير العدل، محمد الناصري، الذي يقود وفدا مغربيا هاما في هذا اللقاء الدولي، من بين المتدخلين الأوائل خلال هذه جلسة النقاشات على أعلى مستوى. وانطلقت أشغال هذا المؤتمر، الذي سيتوج بإصدار بيان ختامي، في 12 أبريل الجاري على مستوى الخبراء وتتواصل إلى غاية يومه الاثنين 19 أبريل بمشاركة وفود من حوالي 150 دولة، إضافة إلى ممثلي هيئات متعددة الأطراف دولية وإقليمية ومنظمات غير حكومية. وتناول المشاركون في المؤتمر ثمانية مواضيع محورية تتعلق بالأطفال والشباب والجريمة، والإرهاب، ومنع الجريمة وتهريب المهاجرين والاتجار في البشر وغسل الأموال والجريمة المعلوماتية، والتعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة والعنف ضد العمال المهاجرين. كما تم التطرق لمحاور موضوعاتية أخرى خلال خمس ورشات تخص التكوين حول الإطار القانوني الدولي للعدالة الجنائية خدمة لدولة الحق والقانون، ودراسة أفضل السبل والممارسات, لاسيما لدى الأممالمتحدة، في مجال معاملة السجناء في نظام العدالة الجنائية، والمقاربات العملية لمنع الجريمة الحضرية، والعلاقة بين تهريب المخدرات وأشكال أخرى من الجريمة المنظمة. وقدم الوفد المغربي، خلال هذا المؤتمر الدولي، مشاريع إصلاح وتحديث النظام القضائي الوطني ومختلف تجارب المملكة في مجال التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف والدولي لاسيما في مجال مكافحة الجريمة والإرهاب وغسل الأموال وتهريب المهاجرين والاتجار في البشر والحماية الجنائية للأطفال والشباب وتحديث السجون. وفي معرض تدخله يوم السبت بالمناسبة، أكد وزير العدل محمد الناصري، أن المغرب ينخرط "بشكل جدي ومسؤول" في الجهود الدولية الرامية لمكافحة الإرهاب. وأبرز الناصري أن "المغرب لم يتوان في إيلاء أهمية قصوى لعلاقات التعاون القضائي في مجال مكافحة الإرهاب"، مبرزا ما تشكله هذه الآفة من تهديد حقيقي للسلم والأمن في العالم. وأوضح أن سياسة المملكة المغربية تقوم على انخراطها في كل المبادرات التي تبذلها الأممالمتحدة وأجهزتها المختصة، ودعم الجهود الإقليمية والثنائية الأطراف وتعزيز المساعدة القضائية والانفتاح على التجارب الرامية إلى إحداث شبكات للتعاون القضائي. وسجل في السياق ذاته، أن هذا المؤتمر يخول فرصة لتضافر الجهود من أجل مكافحة الجريمة المنظمة وتحسين العدالة الجنائية وتعزيز المساعدة القضائية بين الدول وملاءمة القوانين مع المبادئ التوجيهية التي تنص عليها الأممالمتحدة في إطار مقاربة للشراكة والتشارك. وذكر الوزير، من جانب أخر، أن المغرب تبنى استراتيجية مندمجة تتوخى محاربة آثار الجريمة، في ظل احترام تام لحقوق الإنسان ولالتزاماته المترتبة عن المصادقة على كافة الاتفاقيات ذات الصلة في هذا المجال. وأضاف أن المغرب، ووعيا منه بضرورة تعزيز مكافحة استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة من قبل العصابات الإجرامية، بادر إلى سن قانون خاص يهدف إلى مكافحة المساس بأنظمة معالجة المعطيات بغية حماية البرامج المعلوماتية ومكافحة توظيفها في ارتكاب الجريمة. من جهة أخرى، تم خلال المؤتمر استعراض تجربة الشبكة المغربية للتعاون القضائي الدولي من طرف الملحق القضائي الإسباني بالمغرب أنخيل يورينتي فيرنانديث دي لا ريغيرا، باعتبارها "تجربة رائدة يمكن أن تكون نموذجا لبلدان عربية أخرى وإفريقية" وأكد كاتب الدولة الإسباني في العدل خوان كارلوس كامبو مورينو في هذا السياق، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء يوم السبت، أن الشبكة المغربية للتعاون القضائي الدولي "بدأت تعطي نتائج مرضية للغاية"، لكونها "تقدم رؤية جذابة وبدأ ينظر إليها باهتمام بالغ من قبل بلدان من محيطنا" من جانبه، أوضح المستشار القانوني للجامعة العربية، محمد رضوان بنخضرا، أن هذه التجربة المغربية توجد حاليا قيد الدراسة من قبل لجنة للخبراء شكلها مجلس وزراء العدل العرب تنكب على وضع الآليات الكفيلة بتطبيق الاتفاقية العربية للتعاون القضائي لسنة 1983 ويضم الوفد المغربي المشارك في مؤتمر سالفادور، فضلا عن وزير العدل، كل من عبد المجيد غميجة، مدير الدراسات والتعاون والتحديث، وعبد الله حمود، المستشار بديوان وزير العدل، ومحمد بنعليلو، قاض رئيس قسم القضايا الجنائية الخاصة بمديرية الشؤون الجنائية والعفو ومصطفى حلمي رئيس غرفة بالمجلس الأعلى. كما يضم الوفد عبد السلام العماني، وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، ومصطفى حجام، عميد شرطة ممتاز بالإدارة العامة للأمن الوطني، وعبد السلام مالح المستشار الأول بسفارة المغرب في برازيليا.