كجمهور مغربي لم نكن نتوقع أن يزأر الأسود بتلك الطريقة ولأربع مرات في أمسية واحدة، كنا كجمهور نتمنى الفوز بهدف يتيم ودون أداء مقنع، كل ما كان يهمنا هو انتصار منتخبنا على نظيره الجزائر في القمة المغاربية والظفر بثلاث نقاط ثمينة، لأن ذلك يعني أن أبناء غيريتس سيقطعون شوطا كبيرا في التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا العام القادم، وما هذه إلا البداية لأشياء أخرى ومغامرة أكثر صعوبة للناخب البلجيكي والكتيبة الوطنية!!؟ ما حققه المنتخب المغربي ليلة السبت أمر رائع بكل المقاييس وقد تعجز الألسنة عن وصف مشاعر الفرح والسرور التي غمرت ملايين المغاربة ممن شاهدوا المقابلة بعين المكان بمراكش أو بالمقاهي المكتظة أو عبر شاشات التلفاز، وذلك لعدة أسباب، لعل أبرزها أننا لم نكن ننتظر أن يدك لاعبونا المنتخب الجزائري برباعية نظيفة جاءت من أقدام اللاعبين المحترفين (الشماخ، بنعطية، حجي، السعيدي)، بل إن المغاربة كانوا متخوفين من أن يقع العكس وينجح محاربو الصحراء في إحراج منتخبنا الوطني سواء بالتعادل أو بهزيمة تبخرت بفضل الأهداف الأربعة. هناك سبب آخر، فالخصم لم يكن تنزانيا أو إفريقيا الوسطي أو أحد الفرق الإفريقية الضعيفة التي سيكون من السهل على أي منتخب الفوز عليها، بل كان المنتخب الجزائري الذي كان الممثل الوحيد للعرب في المونديال الأخير بجنوب إفريقيا إضافة إلى فوزه على الأسود بعنابة، وكانت الأطراف الجزائرية ترشح نفسها للفوز من جديد رغم اعترافها بقوة منتخبنا الوطني... وفي لحظة انهار هذا المنتخب الذي كان مرشحا أن يتسبب في إزعاج كبير لأسودنا، انهار بشكل مريع حتى باتت التساؤلات تطرح ما إذا كان هذا المنتخب بالفعل هو المنتخب الجزائري، لأنه ولكي نكون صادقين قد فزنا لأن الخصم كان اضعف بكثير، وليس لأننا كنا الأفضل على الإطلاق. قراءة للمباراة، سنجد من خلالها أن منتخبنا لم يكن جيدا من حيث الأداء العام لمعظم العناصر، وإن استطاع الوصول إلى شباك «الخضر» في أربع مناسبات في حين أضاع الكثير من الفرص السانحة كانت ستمكن من زيادة الغلة التهديفية للأسود والتسبب في كارثة تاريخية للكرة الجزائرية، فالتسرع وكثرة التمريرات الخاطئة كانت أمورا واضحة ودليل أن بلهندة وخرجة وهرماش لم تقم بأي شيء يذكر في خط الوسط، وكانت طريقة لعب المنتخب عشوائية وتعتمد في الدقائق الأولى من المباراة على التمريرات الطويلة تجاه مروان الشماخ ذي القامة الطويلة، فيما كان أسامة السعيدي رجل المباراة بامتياز وإن ما يزال ذو 22 ربيعا يحتاج إلى الاحتكاك والمشاركة أكثر لتقديم أداء أفضل بكثير، وغيريتس منحه هذه الفرصة للظهور، ولم يخيب السعيدي آمال المغاربة وشاكس الدفاع الجزائري بانسلاله من الجهة اليسرى مستخدما سرعته الفائقة وقدرته على اللعب بكلتا قدميه بل وسجل هدفا بعد أن تلاعب بالدفاع وحارس المنتخب الجزائري. لاعب آخر يجب الإشادة به وبأدائه الراقي: إنه المهدي بنعطية. بنعطية بصم على نفسه بقوى ورد على بعض منتقديه الذين وصفوه بالتهور وأنه ينقصه الكثير، صخرة الدفاع المغربي كان صمام أمان للدفاع لكنه لم يكتف بهذا الدور وتقمص دور المهاجم القناص ليسجل هدفا كان فاتحة خير على منتخبنا، غير أن بنعطية أراد أن يستعرض مهاراته الكروية ويرسل رسالة للكل بأنه قادر على اللعب في جميع المراكز وأنه قد يزيح المياغري من حراسة المرمى، فكان وراء الهدف الثاني بتمريرة خلف المدافعين للشماخ الذي لم يرفض هدية مدافع أودينيزي، هذا الأخير قد يجد نفسه مضطرا إلى التخلي عن الأسد المغربي خاصة مع تألقه في الكالتشيو ورفقة المنتخب المغربي. الجماهير المغربية لم تهتم كثيرا بالأداء لأن النتيجة العريضة أنستهم كل شيء، وظلت غارقة في أفراحها بعدما تحققت إرادة الشعب ونالت مبتغاها وتحولت النقاط الثلاث إلى رصيد المنتخب المغربي، لكن على غيريتس وكتيبة الأسود أن لا تغتر بهذا الفوز لأنه ما يزال ينتظرها الكثير؟ وأن الفوز على تنزانيا وإفريقيا الوسطى ستكون أمرا مفروغا منه، وأن مطالب الشعب ستتجاوز التأهل إلى النهائيات إلى محاولة انتزاع لقب غاب لسنين طويلة...