ثبت إصابة العديد من الحيوانات بأعراض فيروس كورونا المستجد، ما يثير التساؤلات بشأن كيفية انتقاله إلى الحيوانات، وهل حدث عن طريق البشر. خلال يناير الماضي، سجلت أكثر من حديقة حيوان إصابة أنواع مختلفة بفيروس كورونا، خاصة الغوريلا والأسود، بعد ظهور أعراض السعال الخفيف والاحتقان وإفرازات الأنف والخمول المتقطع وفقدان الشهية عليها. فيروس كورونا الجديد ليس المرض الأول الذي يظهر من منشأ حيواني. في السنوات الأخيرة مع تزايد حدة علاقة الإنسان بالحيوانات تفاقم انتشار الأمراض الحيوانية المنشأ شديدة العدوى أيضا. لكن يبقى السؤال: هل يمكن أن يصبح البشر مضيفين ويصيبون الحيوانات ب"كوفيد-19″؟ وهل الحيوانات الأليفة قد تصبح مصدرا لتفشي الفيروس؟ إصابات غير بشرية ثبتت إصابة غوريلا وأسدين بفيروس "كوفيد-19" في حديقة حيوان براج، رغم قيود الإغلاق التي تفرضها السلطات في التشيك. وذكرت السلطات المسؤولة أن "اختبارات الأسدين جامفان وسوتشي والغوريلا ريتشارد ضد فيروس كورونا جاءت إيجابية". ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء أن "أعراض إصابة الحيوانات كانت خفيفة. الأسود مصابة بنزلة برد وسعال، والغوريلا متعبة وفاقدة للشهية". ويرجح أن تكون الحيوانات قد أصيبت بالفيروس من العاملين، لكن المسؤولين قرروا إجراء المزيد من الاختبارات للحيوانات الأخرى للتواصل لمعلومات دقيقة. إصابة حيوانات التشيك ليست الحالة الأولى التي يسجلها العالم، إذ سبقها في يناير إعلان إصابة مجموعة من الغوريلا في حديقة حيوان سان دييغو بالولايات المتحدة بعد تفشي "كوفيد-19" بين أعضائها. حديقة الحيوان قالت إن الغوريلا مصابة بكورونا ما يمثل أول انتقال معروف للقرود، وكشفت أن الحيوانات المصابة بالفيروس التاجي عانت من أعراض تشمل السعال الخفيف والاحتقان وإفرازات الأنف والخمول المتقطع. وفي منتصف فبراير، أفادت حديقة الحيوانات بأمريكا بأن مجموعة الغوريلا الغربية المنخفضة في حديقة حيوان سان دييجو سفاري بارك تعافت تمامًا من إصابتها بفيروس كورونا، ويمكن للضيوف رؤية فرقة الغوريلا في الحديقة مرة أخرى. كيف انتقلت العدوى إلى العديد من أنواع الحيوانات عبر العالم؟ وفقا لما ذكره موقع " Sentient Media"، أظهرت الأبحاث التي أجرتها جامعة كاليفورنيا (دافيس) بالولايات المتحدة أن مجموعة متنوعة من الحيوانات يمكن أن تصاب بفيروس "كوفيد-19". وتشمل الحيوانات التي يمكن أن تصاب بالعدوى: الشمبانزي والدلافين والأغنام والهامستر الصيني والغزلان وآكل النمل العملاق والنمر السيبيري والأبقار والقطط والخنازير والخيول. وأشارت دراسات بحثية أخرى إلى أن القطط والكلاب والقوارض وخفافيش الفاكهة والهامستر وزبابة الأشجار يمكنها التقاط الفيروس. وأصيبت الحيوانات بالعدوى في حدائق الحيوان المختلفة في جميع أنحاء العالم. أصيب كوغار في معرض للحيوانات البرية في تكساس، وتم اختبار الأسود والنمور في حديقة حيوان برونكس في نيويورك، ونمر في حديقة حيوانات في ولاية تينيسي، ونمور الثلج في حديقة حيوانات لويزفيل، والغوريلا في حديقة حيوان في كاليفورنيا، وجميعها إيجابية للفيروس التاجي. أيضا أبلغت العديد من البلدان عن إصابة المنك في مزارع المنك المختلفة. في كثير من الحالات انتقل الفيروس من البشر المصابين إلى الحيوانات وحدث في الأماكن التي يتفاعل فيها البشر بانتظام مع الحيوانات في الأماكن الضيقة. في مزارع المنك، خاصة في بولندا والدنمارك، التقطت المنك الفيروس التاجي من العمال المصابين، ثم تحور داخله وخلق متغيرا ينتشر إلى البشر بسرعة أكبر من السلالة الأصلية. ونتيجة لذلك، أعلنت الحكومة الدنماركية إعدام الآلاف من حيوانات المنك، إذ أصبحت مزارع المصانع بؤرًا ساخنة للأمراض المعدية، وكان هذا أول انتقال معروف من إنسان إلى حيوان إلى إنسان. من المهم هنا الإشارة إلى أن بعض الحيوانات الأليفة أصيبت بكورونا من رفاقها المصابين، لكن هذا لا يعني أنها قد تصبح مصدرا لنشر الوباء. وأصيبت قطتان في نيويورك بالفيروس وظهرت عليهما أعراض خفيفة. كما ثبتت إصابة كلبين في هونغ كونغ بCOVID-19.. وأشارت الأبحاث إلى أن القطط معرضة بشدة للإصابة بكورونا. ومع ذلك، فإن الخطر العام لإصابة الحيوانات الأليفة منخفض. طفرات كورونا أطلقت طفرة واحدة توسعا حديثا في متغيرات "كوفيد-19″، إذ أدى اكتساب تغييرات جينية محددة في آلية ربط خلايا الفيروس إلى التوسع الهائل مؤخرًا لهذه المتغيرات. من بين الطفرات المتزايدة المكتشفة في عينات أواخر الخريف وأوائل الشتاء كان (L452R)هو المسيطر، إذ تسبب هذا البديل في الحالة الوحيدة المسجلة لكورونا في القردة، عن طريق إصابة مجموعة من الغوريلا في حديقة حيوان سان دييغو أوائل يناير. وتعد(L452R) الطفرة الوحيدة في بروتين سبايك التي تلصق الفيروس بالخلايا لإنشاء مسار لحقن مواده الجينية، ومن المعروف أن بروتينات سبايك هي التي تعطي الفيروس التاجي مظهره المرصع الذي يشبه التاج. وأظهرت تحليلات إضافية أن العديد من سلالات الفيروس التاجي التي تحمل طفرات L452R قد نشأت في جميع أنحاء العالم، ما أدى إلى زيادة عالمية في هذه الأنواع من متغيرات فيروس كورونا، خلال الفترة بين ديسمبر 2020 وفبراير 2021. وأرجع الخبراء سبب انتشار طفرة (L452R) خلال الأشهر القليلة الماضية إلى قدرتها على التكيف مع تزايد مناعة السكان أو تدابير الاحتواء. ورأى الباحثون أن ارتفاع المتغيرات الطفرية يمثل مصدر قلق للصحة العامة، بسبب احتمالية أن تجعل فيروس كورونا الوبائي أكثر عدوى أو أكثر ضراوة، أو أكثر قدرة على الهروب من الأجسام المضادة الوقائية.