جعل نظام العسكر الجزائري من عودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل شماعة يعلق عليها كل إخفاقاته وفشله في الاستجابة لمطالب الشعب الجزائري التواق إلى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، في إطار دولة مدنية، تكون فيها السيادة للشعب عبر مؤسسات منتخبة بشكل ديمقراطي. فقد خرجت وزارة الدفاع الجزائرية، أول أمس الأحد، ببيان إنشائي مشوه، تحاول من خلاله تكذيب خبر إرسال القوات العسكرية الجزائرية للقتال في منطقة الساحل، في إطار قوات مشتركة تحت القيادة الفرنسية، ضمن ما يسمى بعملية "برخان" لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، وهو الخبر الذي روجت له العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي يديرها نشطاء الحراك الشعبي بالجزائر، نقلا عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أكد انخراط ومشاركة الجزائر، في ندوة صحفية عقدها عبر تقنية "الفيديو كونفيرونس"، عقب اختتام قمة مجموعة الساحل التي انعقدت الأسبوع الماضي بالعاصمة التشادية نجامينا. ومن أجل تشتيت الانتباه عن مشاكله الداخلية، حاول نظام العسكر الجزائري إلصاق التهمة بالمغرب، وشيطنة نشطاء الحراك الاجتماعي وتخوينهم، حيث اعتبرت وزارة الدفاع، في البلاغ ذاته، أن المشاركة في الساحل "أمر غير وارد وغير مقبول" واعتبرتها "دعاية" قالت إنها "لا يمكن أن تصدر إلا من جهلة يعملون بأوامر من مصالح نظام المخزن المغربي والصهيونية"، وأنها مجرد تأويلات وصفتها ب "المغلوطة ذات النوايا الخبيثة" والتي يتوهم مروجها، بحسب المصدر ذاته، "إثارة الفوضى وزعزعة استقرار البلاد"، في الوقت الذي توجد فيه على أرض الواقع كتيبة من القوات الخاصة الجزائرية في مالي تحت إمرة القيادة الفرنسية. وانتقد العديد من النشطاء الجزائريين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، محاولة تخوين الحراك الاجتماعي الذي بدأ يعرف وتيرة تصاعدية مع حلول الذكرى الثانية على انطلاقه. وقال هؤلاء النشطاء "إن شماعة المخزن المغربي" هي مجرد هروب إلى الأمام في ظل عدم القدرة على التجاوب مع نبض الشارع الجزائري الذي لم يعد يثق في حكم الجنرالات. كما انتقد هؤلاء النشطاء عدم قدرة نظام العسكر على انتقاد الرئيس الفرنسي الذي أعلن عن الخبر في ندوة صحفية تناقلتها مختلف وكالات الأنباء العالمية، بالإضافة إلى أن الخطاب الأخير للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي جدد فيه مواقفه المناوئة للمصالح المغربية، أكد فيه بشكل واضح على مشاركة بلاده في منطقة الساحل والصحراء، محاولا أن يؤطر تلك المشاركة في إطار ما قال إنها "إحياء اتفاقية الجزائر"، والعمل في المنطقة مع الدول التي قال" إنها تحب الاستقرار". وذهب العديد من النشطاء إلى اعتبار أن تعديل الدستور الجزائري والذي قاطعه قرابة 75 في المائة من الجزائريين، جاء فقط لشرعنة مشاركة الجيش الجزائري في عمليات عسكرية خارج الحدود تحت قيادة بعض الدول، وهو ما أكدت عليها المادة 91 من الدستور الجديد والتي بات بموجبها من صلاحيات رئيس الجمهورية إرسال وحدات من الجيش الوطني الشعبي إلى خارج الوطن بعد مصادقة البرلمان بأغلبية ثلثي أعضاء كل غرفة من غرفتيه، بالإضافة إلى المادة 31 من الدستور ذاته التي تنص على أنه "يمكن للجزائر في إطار الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، وفي ظل الامتثال التام لمبادئها وأهدافها، أن تشارك في عمليات حفظ واستعادة السلام"، وهي المواد التي رفضها الجزائريون وعبروا بالواضح عن تخوفهم من تورط الجيش الجزائري في مستنقعات حروب إقليمية أو قيادة حروب بالوكالة.