نفت وزارة الدفاع الجزائرية، اليوم الأحد، أن تكون قررت إرسال جيشها في عمليات عسكرية مشتركة في إطار مجموعة دول الساحل (G-5). وكانت أخبار قد راجت خلال اليومين الماضيين تفيد بأن الجزائر وافقت على إرسال جيشها في عمليات عسكرية بالساحل تحت قيادة الجيش الفرنسي، في إطار قوات مشتركة جرى الاتفاق عليها خلال لقاء مجموعة الخمس في الساحل (G5 Sahel) عقد قبل أيام بمشاركة المغرب. وباتت الجزائر تنسب أي توترات داخلية تواجهها إلى المغرب، خصوصا بعد استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب؛ إذ اعتبر بلاغ وزارة الدفاع بالجزائر أن المشاركة في الساحل "أمر غير وارد وغير مقبول. كما أنها دعاية لا يمكن أن تصدر إلا من جهلة يعملون بأوامر من مصالح نظام المخزن المغربي والصهيونية"، وفق صياغة البيان. وأوضحت الجزائر أنها "تكذب وبصفة قطعية كل هذه التأويلات المغلوطة ذات النوايا الخبيثة، التي يتوهم مروجوها إثارة الفوضى وزعزعة استقرار البلاد"، مشيرة إلى أن جيشها "لم ولن يخضع في نشاطاته وتحركاته إلا لسلطة رئيس الجمهورية، ووفق مهامه الدستورية الواضحة وقوانين الجمهورية، دفاعا عن السيادة الوطنية ووحدة وأمن البلاد". نظرية المؤامرة الباحث المتخصص في الشؤون المغاربية نوفل البوعمري استغرب اتهامات وزارة الدفاع الجزائرية، وقال إن أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه بيان فيه منطق "سقطت الطائرة"، مبرزا أن من روج لهذه الأخبار هي صفحات إلكترونية جزائرية، خاصة صفحة "22 فبراير 2019 من أجل جزائر أفضل". وأضاف البوعمري، في تصريح لهسبريس، أن "هذه الصفحة تتعلق بالحراك الجزائري وتحدثت عن مشاركة الجيش الجزائري تحت القيادة الفرنسية في عملية عسكرية بالساحل، وهو ما انتقده النشطاء الجزائريون واحتجوا عليه، بل اعتبروا في الصفحة ذاتها أن تعديل الدستور الجزائري جاء فقط لشرعنة قيام الجيش الجزائري بعملياته خارج الجزائر تحت القيادة الأجنبية لبعض الدول". ولاحظ البوعمري، في تصريحه، أن التدوينات الغاضبة التي رافقت الخبر أقلقت "نظام العسكر"، لا سيما أنها جاءت قبل يوم واحد من تخليد الذكرى الثانية لانطلاق الحراك الشعبي الجزائري، مشيرا إلى أنه "بدل أن تعمد وزارة الدفاع إلى توضيح هذه الأخبار والرد على الصفحات الجزائرية، عمدت في خطة إلى خلق بلبلة داخل الشارع الجزائري والوقوف ضد أي تقارب شعبي جزائري-مغربي، خاصة مع تعالي أصوات من الداخل الجزائري رافضة المساس برموز المملكة المغربية". تمويه ضد الشعب البوعمري شدد، في تصريحه لهسبريس، على أن "وزارة الدفاع الجزائرية دبجت بيانا إنشائيا لا يقدم فيه أي أجوبة على ما تم نشره بالصفحات الجزائرية الفيسبوكية، ولم تستطع الرد بشكل مباشر على فرنسا لأنها تعلم أن ما تم نشره هو خبر حقيقي، وأن الجيش كان يريد المشاركة تحت الغطاء الأجنبي في عملية عسكرية خارج حدود الدولة الجزائرية دون إخبار الشعب بهذه المشاركة، لكن بعد أن انكشف أمام الجزائريات والجزائريين أراد مرة أخرى تحويل الأنظار تجاه (العدو الكلاسيكي)، والمؤامرات الخارجية الوهمية التي لا توجد إلا في ذهن شنقريحة وباقي الجنرالات". "النظام العسكري الجزائري أصبح مكشوفا أمام شعبه، ولم تعد له أي إجابات سياسية وعسكرية وأمنية عن الأسئلة التي يطرحها الشعب الجزائري، كل ما يتقنه هو فن الهروب إلى الأمام، ورمي الكرة نحو العدو الخارجي، في حين إن الشعب الجزائري أصبح أكثر وعيا بكون عدوه هو العسكر والجنرالات الرافضين لأي مطالب للتغيير والإصلاح السياسي والاقتصادي"، يوضح البوعمري. ويبدو أن استدعاء الدورة السابعة لمؤتمر رؤساء دول ومجموعة الساحل الخمس للمغرب من أجل المشاركة بمقترحاته في محاربة الإرهاب، باعتباره قوة إقليمية بالمنطقة، قد أغضب النظام القائم في الجزائر. جدير بالذكر أن الجزائر كانت قد قامت بمبادرات من أجل لعب دور بمنطقة الساحل والصحراء وتعويض الدور الفرنسي، لا سيما أنها تتشارك الحدود مع ثلاث دول من دول الساحل الخمس، وهي موريتانيا ومالي والنيجر، لكنها فشلت بسبب مقاربتها الانفرادية واستبعادها للمغرب خلال مبادرة لجنة الأركان العسكرية المشتركة التي أطلقتها في عام 2010.