«وجوه لفحتها أشعة الشمس الحارقة وأجساد منهكة بفعل سنوات الاعتقال المريرة بسجون البوليساريو»، إنهم الأسرى السابقون لحرب الوحدة الترابية الذين اختاروا هذا الأسبوع خوض اعتصام مفتوح أمام مقر البرلمان وسط العاصمة الرباط، إعلانا عن الخروج عن صمتهم للتعبير عن خيبة الأمل التي تتملكهم نتيجة اللامبالاة التي يبديها المسؤولون اتجاه ملفهم. فمنذ يوم الثلاثاء الماضي، دخل خمسون من هؤلاء الأسرى، بينهم من ينتمون إلى صفوف القوات المسلحة الملكية، والدرك الملكي والقوات المساعدة، ثم الأسرى المدنيون، وذلك نيابة عن 2400 من الأسرى، وأرامل وأيتام حوالي 120 أسيرا متوفيا، في هذه الحركة الاحتجاجية الجديدة، منددين بأسلوب الإهمال والحيف الذي طالهم منذ رجوعهم إلى أرض الوطن، إذ بقيت الوعود التي أعطيت لهم بخصوص جملة من المطالب، مجرد حبر على ورق، وهي مطالب تتعلق بحقهم في الحصول على تعويضات عن مدة الأسر وجبر الضرر عن المعاناة التي ذاقوها في غياهب سجون العار، هذا فضلا عن المطالبة بالاستفادة من السكن اللائق. مطالبين، في ذات الوقت، بفتح حوار مسؤول وواضح لتسوية أوضاع مجموع الأسرى الذين أفنوا زهرة حياتهم تضحية في سبيل الوطن، داعين كلا من المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهيئة الوسيط والجمعيات والمنظمات الحقوقية الوطنية، لتبني قضيتهم. وقال مصدر من اللجنة التنسيقية الوطنية لأسرى الوحدة الترابية في تصريح لبيان اليوم: «إن مجموعة الأسرى الذين ينتمون إلى مختلف مناطق المغرب انتظروا طويلا تنفيذ التعهدات التي كان قد التزم بها اتجاههم المسؤولون سواء العسكريون أو على مستوى وزارة الداخلية، لكن بعد انتظار دام سنوات طويلة، اكتشفوا أنهم كانوا ضحية سياسة التسويف، إذ لم ينالوا شيئا مما وعدوا به، وبقي أغلبهم عرضة للفقر المدقع. مؤكدا أن الأسرى خلال هذه الحركة الاحتجاجية لن يفضوا اعتصامهم إلا إذا توصلوا بضمانات واضحة ومسؤولة بخصوص الاستجابة لمطالبهم. وأفاد تامر عبد الله، أسير سابق وعضو التنسيقية في تصريح مماثل للجريدة، بأن الأسرى سبق وأن رفعوا ملفهم إلى مسؤولي مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء المحاربين وقدماء العسكريين، وعقدوا مؤخرا -على إثر تنظيمهم لوقفات احتجاجية خلال شهر مارس الماضي- حوارا مع المسؤول العسكري بالمؤسسة الذي أبدى تفهما لأوضاعهم وبأحقيتهم في الحصول على تعويضاتهم، وقدم كالسابق وعودا لم يتم لحد الآن ترجمتها على أرض الواقع، كما أن جلسة الحوار التي تمت مع مسؤول بولاية الرباط لم تسفر عن أية نتيجة». وأضاف المتحدث أن الأسرى السابقين، وأرامل الضحايا يعيشون أوضاعا اجتماعية قاسية، فأغلبهم يتلقون دخلا شهريا هزيلا، وبعضهم يعاني فضلا عن ذلك أوضاعا صحية سيئة بسبب الأعطاب الناتجة عن إصابتهم خلال المعارك، ومعظم هؤلاء لجأوا، نتيجة الوعود السابقة التي تلقوها بخصوص الحصول على التعويض أو بعض الامتيازات كرخص النقل، (لجأوا) إلى الاقتراض لفك مشاكلهم المادية، وهذا الأمر زاد من تأزيم أوضاعهم، يشير المتحدث. وأبرز أن الغريب في الأمر أن لا أحد، سواء على مستوى المؤسسة التشريعية أو السلطة التنفيذية أو المؤسسة العسكرية، أبدى حسن نية في مقاربة هذا الملف أو إيجاد حل لهذه الفئة التي قضت زهرة شبابها في غياهب سجون البوليساريو، وصمدت أمام مختلف أشكال التنكيل ولم تخضع قط للإغراءات التي قدمت لهم لضرب وطنهم المغرب. هذا وطالب الأسرى السابقون لحرب الوحدة الترابية من خلال تنسيقيتهم بالحصول على التعويض عن مدة الأسر قبل وبعد وقف إطلاق النار، وتمتيعهم بالحق في الترقية إسوة بالجنود في الصفوف، والعمل على الإدماج الاجتماعي للأسرى بتمتيعهم على قدم المساواة بالامتيازات الممنوحة من طرف الدولة وبدون تمييز، فضلا عن إعادة الاقتطاعات المطبقة على رواتبهم طيلة مدة الأسر مع إعادة النظر في أحوال أرامل وأيتام الأسرى والمتوفين بأرض الوطن.