بتوفرها على مؤهلات بحرية قوية، أضحت جهة الداخلة – وادي الذهب مركز جذب حقيقي لرجال الأعمال الراغبين في الاستثمار في قطاع الصيد البحري، وتعززت في السنوات الأخيرة بإنجاز العديد من المشاريع التي مكنت من تطوير البنية التحتية في هذا القطاع الواعد الذي يشكل إحدى دعامات النسيج الاقتصادي المتنوع للجهة. وعلى الرغم من تداعيات جائحة (كوفيد-19) التي كانت لها عواقب وخيمة على العديد من القطاعات الحيوية، إلا أن قطاع الصيد البحري في لؤلؤة الجنوب نجح في تحسين الإنتاج، بهدف الاستجابة للطلب الوطني المتزايد، مسجلا كميات كبيرة خلال عمليات الإفراغ مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال مندوب الصيد البحري بالداخلة، مصطفى أوشكني، إن قطاع الصيد البحري في جهة الداخلة – وادي الذهب واصل نشاطه بشكل طبيعي ومنتظم بالرغم من تفشي الجائحة. وأوضح أوشكني أنه لم يكن هناك أي توقف أو تقليص في وتيرة الأنشطة على مستوى قطاع الصيد البحري الذي تمت تعبئته منذ بداية الجائحة من أجل ضمان التزويد المنتظم لسوق السمك وتلبية الحاجة المتزايدة في هذا المجال والمحافظة على مناصب الشغل في القطاع. وأكد، في هذا الصدد، أن سفن الصيد الساحلي والتقليدي واصلت أنشطتها في أفضل الظروف وفي ظل الاحترام الكامل للإجراءات الوقائية اللازمة التي اتخذتها السلطات المختصة للحفاظ على صحة وسلامة الصيادين. وتعتبر جهة الداخلة – وادي الذهب من أكثر المناطق الغنية بالأسماك في المملكة، والتي تزخر مياهها بموارد بحرية وفيرة ومتنوعة، ما يجعل من ميناء الداخلة، الذي يعد الأهم على المستوى الوطني، يساهم بشكل كبير في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الجهة. ووفقا لمعطيات مندوبية الصيد البحري بالداخلة، فإن القطاع يوفر أزيد من 15.600 منصب شغل مباشر، موزعة على الصيد في أعالي البحار (768 شخصا)، والصيد التقليدي (9.816)، والصيد الساحلي وصيد سمك السردين (2.625) والصيد الساحلي بالخيط (2400.( وأضاف المصدر ذاته أن قطاع الصيد البحري في جهة الداخلة – وادي الذهب استفاد من استثمار عمومي مستدام، مشيرا في هذا الصدد إلى اقتناء 1.5 مليون حاوية معيارية و4 أنفاق بالإضافة إلى 3242 صندوقا عازلا للحرارة لفائدة 9726 قاربا، فضلا عن تزويد مواقع نتيرفتولبويردا وعين بيضا وإمطلان بالطاقة المتجددة بكلفة بلغت 12 مليون درهم. وتستأثر أيقونة الأقاليم الجنوبية للمملكة بنسبة 65 في المئة من الإنتاج الوطني في مجال الصيد البحري، الذي يضم 80 في المئة من الأسماك السطحية و20 في المئة من الأسماك القاعية. وبخصوص توزيع عمليات التفريغ حسب الأصناف برسم سنة 2020، تمثل الأسماك السطحية 93 في المئة من إجمالي عمليات تفريغ المنتجات السمكية على مستوى الدائرة البحرية للداخلة، ورأسيات الأرجل (3.9 في المئة)، والسمك الأبيض (3.3 في المئة). أما بالنسبة لكمية السردين التي تم تفريغها، فقد سجلت خلال هذا العام حوالي 347 ألف طن، بقيمة معاملات بلغت نحو 586 مليون درهم. وتمكن أسطول الصيد البحري على مستوى الجهة، المكون من 26 وحدة للصيد في أعالي البحار و3.273 وحدة للصيد التقليدي و150 للصيد بالخيط و75 لصيد السردين، خلال سنة 2020، من إنتاج أزيد من 500 ألف طن من الثروة السمكية بقيمة إجمالية بلغت نحو ملياري درهم. وفي هذا الصدد، استفاد قطاع الصيد البحري بالجهة من بنيات تحتية مهمة (مينائين وسوق للسمك و6 قرى للصيد التقليدي مجهزة بأسواق للسمك)، بالإضافة إلى سوق جديد للسمك في طور الإنجاز بقرية الصيد لمهيريز، ووحدة طبية بالميناء، ومركز للتأهيل المهني البحري، ومركز جهوي للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري. ويضم القطاع سبع وحدات لإنتاج الثلج، وإحدى عشر مزرعة لتربية الأحياء البحرية، وثلاث وحدات لشحن القشريات الحية وأربعة مراكز لشحن الصدفيات، ووحدة لإنتاج دقيق وزيت السمك غير الموجه للاستهلاك البشري، وأربع وحدات للتصبير واثنتين أخريين في طور الإنجاز. وعرف النسيج الصناعي للداخلة الترخيص لثلاث وحدات جديدة للتصبير، ويضم 92 وحدة لتجميد ومعالجة وتثمين المنتوجات البحرية، مما سيوفر حوالي 24 ألف منصب شغب مباشر وغير مباشر في المجموع. ويأتي تجميد المنتوجات السمكية في المرتبة الأولى ب 75 وحدة، منها 28 تم تحويلها إلى تجميد الأسماك السطحية الصغيرة. وتوفر هاتان الفئتان سعة تجميد تبلغ حوالي 6800 طن/يوم وسعة تخزين تبلغ 35 ألف طن. من جهة أخرى، تنتظر قطاع تربية الأحياء البحرية آفاق نمو واعدة ولا حصر لها في جهة الداخلة – وادي الذهب لتصبح رافعة حقيقية للتنمية الاقتصادية المحلية بفضل استثمارات قوية تتطلع نحو المستقبل. وتوفر لؤلؤة الجنوب، الغنية بتنوعها البيولوجي البحري ومؤهلاتها الكبيرة في تربية الأحياء البحرية، الفرصة للمقاولين الشباب من أجل الانخراط في مشاريع تربية الأحياء البحرية، مما يجعلهم يساهمون في الاندماج الفعال للقطاع في النسيج الاقتصادي المحلي ونمو الاقتصاد الوطني. وفي هذا السياق، وضعت الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء البحرية استراتيجية هيكلية لتطوير قطاع مستدام وشامل لتربية الأحياء البحرية، مع إيلاء اهتمام خاص للإدماج المحلي للمقاولين الشباب في مشاريع تربية الأحياء البحرية في الجهة. وكانت الوكالة أطلقت، في نونبر 2015، الدعوة لإبداء الاهتمام لفائدة المستثمرين المحليين والأجانب، مما مكن من انتقاء 214 مشروعا لتربية الأحياء البحرية، من بينها 100 مشروع يتم تنفيذها من قبل 507 مقاولين شباب ينحدرون من الجهة، وفقا لمعطيات قدمتها الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء البحرية. وأشارت معطيات للوكالة إلى أن هذه المشاريع، التي مكنت من تعبئة أزيد من 800 مليون درهم، تستهدف إنتاجا يصل إلى 78 ألف طن سنويا، وإحداث 2500 منصب شغل. وعلى الرغم من تفشي جائحة فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، فقد انطلق العمل بالفعل في ثمانية مشاريع خلال سنة 2020، لتنضاف إلى 65 مشروعا قيد الإنجاز بإنتاج متوقع يبلغ 45 ألف طن من المحار والطحالب البحرية. وعموما، تزخر جهة الداخلة – وادي الذهب بمؤهلات بحرية قوية تمكنها من احتضان مجموعة كبيرة من المشاريع، مما يجعل منها قطبا حقيقيا لتربية الأحياء البحرية سيتم من خلاله إدماج هذا النشاط وكل نظامه البيئي على المدى الطويل في النسيج الاقتصادي والاجتماعي للجهة.