في واحدة من الأمسيات الافتراضية التي ينظمها بيت الشعر بالمغرب، في إطار الموسم الثقافي الجديد، حل ديوان الشاعرة دامي عمر «معابر الحبر»، وديوان الشاعر يونس الحيول «رجل يقرأ طالعه» مؤخرا، ضيفين على «البيت» وعلى عشاق الشعر في هذه الظرفية المتسمة بانتشار وباء كوفيد-19. وخلال هذه الأمسية التي نظمت، بدعم من وزارة الثقافة والشباب والرياضة، قطاع الثقافة، تلا الشاعران المسفيويان عددا من قصائد ديوانيهما الصادرين ضمن منشورات بيت الشعر في المغرب برسم سنة 2019، ما شكل مناسبة للتعريف بتجربتهما الشعرية والمساهمة في مواجهة «لحظة الوباء والحصار والحزن الذي خلفه بالإنصات لرفيف الأرواح». وفي تقديمه للقراءات الشعرية لدامي عمر التي يعد «معابر الحبر» باكورة أعمالها الشعرية، قال الشاعر عبد الرحيم الخصار الذي أطر هذا اللقاء الافتراضي الذي «نتباعد فيه نحن ويدنو منا الشعر»، إن «الدربة والمراس وانفتاح المرجعيات المعرفية والقرائية وتعددها لدى الشاعرة دامي عمر، علاوة على النظرة التي تمتلكها إزاء مفردات الحياة وتفاصيلها، هو ما منح شعرها جملة الخصائص الإبداعية التي يتميز بها». وحسب الخصار، فإن الكتابة عند دامي عمر تبدو امتدادا لأسلوب حياتها؛ «أناقة تلحظها العين منذ الوهلات الأولى، واختيار دقيق للمفردات وانتباهة خاصة أثناء ترصيفها، وبالتالي بناء محكم للجملة الشعرية بانسجام جلي لعناصر النص الشعري». وفي ديوانها «معابر الحبر»، يضيف الخصار، «يبدو أن وظيفة الكتابة لدى دامي هي الإيماء والتلميح والاختباء وراء الأقنعة (..) إنها تشير إلى ذلك في مطلع العمل حيث تقول +هناك ما لا تجمعه الحقائب.. هناك ما لا تأخذنا إليه الطريق+». وفي مداخلة مقضتبة لها بالمناسبة، أبرزت دامي عمر أهمية مبادرة بيت الشعر بالمغرب، إلى تنظيم سلسلة أمسيات ثقافية وشعرية افتراضية، منوهة بفكرة «أن نقرأ الشعر ونستمع لرفيف الأرواح في ظل هذا الحصار وفي وجه الداء المستشري والأخبار المتساقطة للأحزان» التي خلفتها جائحة كوفيد-19. وتلت دامي عمر للمتابعين عددا من قصائد ديوانها «معابر الحبر»، ومن ضمنها على الخصوص «غبار»، و»غيمة على وسادة القصيدة»، و»حبر يتهجى رماد الفقدان»، و»الأرمل الحزين»، و»وأنت معي». من جهته، قدم الشاعر يونس الحيول، عددا من قصائد ديوانه «رجل يقرأ طالعه»، ومنها «تركنا عرقنا هنا»، و»لاتقل إنك تعرفني»، و»لست وحدك سيء الطالع»، و»لم أكن بخير»، و»سأربي النسيان في غيابك». وفي تقديمه للتجربة الشعرية للحيول، أكد عبد الرحيم الخصار أن هذا الشاعر هو»شاعر صورة بامتياز. شاعر مشهدي. فالصورة الشعرية هي ما يمنح نص يونس الحيول إيقاعه وموسيقاه»، كما أنه شاعر «لايشغل باله بالتخييل، ويقطف الثمار التي نضجت في شجرة حياته ويرصها بكثير من العناية في نصوص متميزة». والشاعر الحيول، يضيف الخصار، «واع إلى حد كبير بما تفعله يداه وهما تمسكان طين الكتابة بغية إبداع قطع فخارية أخاذة هو المقيم في مدينة الطين والبحر (آسفي)»، مؤكدا أن تجربته تكشف بالضرورة عن «شساعة رؤيته للكتابة والحياة، ومدى اطلاعه على قديم الشعر وجديده عبر الجهات الأربع للعالم». وبدأت الشاعرة دامي عمر مسيرتها الإبداعية في القصة، حيث صدرت لها مجموعة قصصية بعنوان» البلح المر» سنة 2013، قبل أن ترسو أشرعتها في موانئ الشعر، وتقبل على نشر باكورتها الشعرية «معابر الحبر»، وكأنها بذلك تؤشر، حسب بيت الشعر بالمغرب، «على الحبر في لحظة عبوره من النثر إلى الشعر، الذي لا ترى فيه ممارسة نصية فحسب، بل هو أسلوب حياة و رؤية للذات وللعالم، فيما الكتابة، وكيفما كان ج نسها، محاولة لإعطاء معنى للحياة وللوجود». أما الشاعر يونس الحيول، فقد صدر له إلى جانب «رجل يقرأ طالعه»، ديوانان هما «الموت بكل خفة» (2009) الفائز بجائزة بيت الشعر في المغرب عن الإصدار الشعري الأول، و»ترويض الندم» (2014). وحسب بيت الشعر بالمغرب «فقد أعلنت الدواوين جميعها عن صوت لا يخطئ الشعر، وقادر على استغوار الذاكرة الشخصية والقبض على العابر والمنفلت والهش، وترويض الندم وتربية النسيان، والاستلذاذ بالخسارات وسوء الطالع والتآلف مع الخيبة والألم، عبر توظيف سيل من الصور الشعرية المبتكرة و الجديدة». جدير بالذكر أن أمسية الشاعرين دامي عمر ويونس الحيول تندرج ضمن فعاليات الموسم الثقافي والشعري الجديد، التي تشمل تنظيم سلسلة من الأمسيات الشعرية تحتفي بالتجارب الشعرية المميزة داخل المشهد الشعري المغربي، مع مراعاة بعد التنوع اللغوي والتباين الفني والجمالي بين الشعراء المشاركين، وكذا تقديم جديد الإصدارات الشعرية. واحتفاء بأربعينية الفنان التشكيلي الراحل محمد المليحي، فقد اختار، بيت الشعر في المغرب، أن يجعل من بعض لوحات الفقيد ملصقات لفقرات هذا البرنامج. كما هو الحال بالنسبة لملصق هذه الأمسية.