لم يستبعد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني خيار العودة إلى الحجر الصحي الشامل في حالة خرج الوضع الوبائي عن السيطرة، على الرغم من أن لا أحد يتمنى ذلك، بالنظر لما للحجر الصحي الشامل من آثار اقتصادية واجتماعية ونفسية هائلة، مؤكدا على أن بلادنا، على غرار عدد كبير من دول العالم، تعرف اليوم حالة وبائية مقلقة، تتطلب قرارات حاسمة ومحددة، حفاظا على صحة المواطنين وضمانا لمصلحة الوطن واستمرار مرافقه. واشترط سعد الدين العثماني، خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة، أول أمس الثلاثاء بمجلس المستشارين، الالتزام الجماعي والفردي بتطبيق الإجراءات الاحترازية التي توصي بها السلطات العمومية، لتفادي خيار العودة إلى الحجر الصحي الشامل، داعيا إلى اتخاذ المزيد من الحذر مع اقتراب موجة البرد وما يصاحبها من أمراض موسمية تضعف المناعة من جهة وتشبه في أعراضها تلك المرتبطة ب"كوفيد-19″، وهو ما يشكل، بحسبه عاملا غير مساعد على تجاوز هذه الأزمة. وأكد رئيس الحكومة على أن المعركة مع الوباء ما تزال مستمرة، مشيرا إلى أن الحكومة لم تدع يوما أن الخروج من الحجر الصحي يعني انتهاء الوباء، وأنها أكدت دائما على وجوب الحيطة والحذر، ونبهت إلى أن الخروج من الحجر، لن يكون أسهل من دخوله، مشيرا إلى الوضعية الوبائية مقلقة، لكنها لم تخرج بعد عن السيطرة، دون أن يحجب ذلك الضغط الكبير الذي تعانيه الأطقم الصحية والمنظومة الصحية برمتها في مواجهة هذا الوباء. من جانب آخر، أورد سعد الدين العثماني مجموعة من المعطيات الرقمية التي تبرز، بحسبه، سياسة الحكومة لمعالجة تحديات الوضع الاقتصادي في ظل جائحة كورونا، وفي مقدمتها مواصلة دعم الاستثمار العمومية، مشيرا في هذا الإطار إلى أنه على الرغم من نقص مداخيل المالية العمومية بسبب الأزمة، فقد حدد الحكومة حجما، وصفه ب "غير المسبوق" للاستثمار العمومي في ميزانية 2021، بمبلغ يناهز 230 مليار درهم "أي بزيادة 16% بالمقارنة مع سنة 2020″، 45 مليار درهم منها ستمول عبر "صندوق محمد السادس للاستثمار"، الذي تم إحداثه تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية. وبحسب رئيس الحكومة، فإن معدل الاستثمار العمومي السنوي بلغ حوالي 201.6 مليار درهم، مقابل 186.6 مليار درهم ما بين 2012و2017، و 132.5 مليار درهم ما بين 2007 و2012، مشيرا إلى أن الحكومة ستعمل على إرساء الآليات الكفيلة بضمان فعاليات تدخلات الصندوق، من خلال شركات بين القطاعيين العام والخاص لتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى في القطاعات الإنتاجية، مثل الصناعة الموجهة للتصدير، والفلاحة، والعقار، والسياحة، فضلا عن مشاريع التحول الصناعي في القطاعات ذات الإمكانات القوية لتعويض المنتجات المستوردة. وفي الشق المتعلق بدعم ولوج المقاولات للتمويل، ذكر سعد الدين العثماني، أن الحكومة عززت آليات الضمان وتمويل المقاولات، من خلال آليات "ضمان أوكسجين"، ثم "إقلاع للمقاولات الصغيرة جدا"، و "ضمان إقلاع"، وآلية خاصة بالمقاولين الذاتيين مشيرا إلى أن حوالي 74 ألف مقاولة، استفادت من مجموع هذه الآليات، بتمويلات مضمونة من الدولة بنسب عالية، تتجاوز 34 مليار درهم. وبخصوص سياسة الحكومة في مواجهة التداعيات الاجتماعية لجائحة "كوفيد-19" أوضح سعد الدين العثماني أنه على الرغم من تقلص مداخيل الميزانية العامة، فإن الحكومة ستواصل الاهتمام بالقطاعات الاجتماعية، من خلال تنزيل جملة من التدابير في مقدمتها إطلاق ورش تعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة على مدى الخمس سنوات المقبلة، مما سيوفر، بحسبه، حماية اجتماعية شاملة عبر تعميم نظام التغطية الصحية "2021-2022″، وكذا التعويضات العائلية "2023-2024" لكافة الساكنة، بالإضافة إلى تعميم التقاعد لفائدة الساكنة النشيطة، والتعويض عن فقدان الشغل، الذي بدأت الحكومة في إطلاقه، وسيتسع ابتداء من سنة 2024. كما أكد العثماني على أن الحكومة ستواصل الوفاء بالالتزامات الاجتماعية وبالتعهدات التي تضمنها اتفاق أبريل تنفيذا لنتائج الحوار الاجتماعي، وتلتزم بالشطر الثالث برسم ميزانية 2021، رغم التراجع المتوقع لموارد الميزانية العامة بسبب الظرفية المرتبطة بالجائحة، بالإضافة إلى إصلاح البرامج الاجتماعية الحالية وتحسين حكامتها للرفع من تأثيرها المباشر على المستفيدين.