لم تكد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تستفيق من الهجوم الذي شنه عليها الأمين العام لحزب الاستقلال عباس الفاسي، نهاية الأسبوع الماضي، ومعه بعض وسائل الإعلام، بسبب موقف الجمعية من قضية الصحراء. حتى تلقت ضربة أخرى من طرف مجلس المستشارين لتنضاف إلى قائمة طويلة لردود فعل قوية صاحبت تداعيات المؤتمر الأخير للجمعية. ورفع مجلس المستشارين، أول أمس، جلسته للأسئلة الشفوية لمدة عشر دقائق، احتجاجا على «تداول شعارات تمس بالمقدسات الوطنية خلال مؤتمر الجمعية». ودعا فريق التجمع الدستوري الموحد إلى رفع الجلسة، تعبيرا من «مجلس المستشارين عن رفضه لتوظيف قضايا الدفاع على حقوق الإنسان لتمرير خطابات تمس بالمقدسات والثوابت الوطنية». وتدخل رئيس الفريق إدريس الراضي، خلال طلب إحاطة المجلس علما، وقال إن «ما حدث في المؤتمر الثامن للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ما هو إلا استغلال مقيت لنبل حقوق الإنسان لتضمينها محاولات بائسة للاختراق الماكر للمقدس الوطني الذي أجمعت عليه الأمة المغربية «. كما أعرب عن رفضه لمختلف «الانزلاقات الخطيرة التي تجعل من توظيف حقوق الإنسان محور خدمة الأجندات السياسية سواء داخليا أو خارجيا». ويأتي هذا التصعيد الجديد ضد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مباشرة بعد أن كال عباس الفاسي نقدا شديدا للجمعية خلال المؤتمر الحادي عشر للشبيبة الاستقلالية يوم السبت الماضي، حيث قال «إنه من العار فتح المجال لجبهة البوليساريو كي تعبر عن صوتها النشاز بالمغرب»، و»عار على الجمعية أن تتلقى رسالة من جبهة البوليساريو»، محذرا من «مغبة الاستمرار في هذا السلوك، لأن ذلك سيدخل المغرب في زوبعة». فيما شنت بعض وسائل الإعلام في الوقت ذاته، هجوما مماثلا على الجمعية، بسبب موقفها من قضية الصحراء المغربية، وما شاب المؤتمر من تشنجات أدت إلى انسحابات، سيما تلك المرتبطة بالاتهامات المتعلقة بسيطرة حزب النهج الديمقراطي على الجمعية وفرض أجندته السياسية على المواقف الحقوقية للجمعية. ومن جهتها، تحركت الجمعية لمواجهة ما سمته «الحملة التي تستهدفها»، وبعد أن ردت على الحملة الإعلامية، من خلال بيان صادر عن مكتبها المركزي يوم الجمعة الماضي، أعلنت فيه عن «إدانتها لكل المحاولات الهادفة إلى المس بسمعة الجمعية وتأليب الرأي العام ضدها بتشويه المعطيات وتزييف الحقائق»، تستعد في الوقت الحالي، لصياغة بيان ضد موقف مجلس المستشارين، وفي هذا السياق، قالت خديجة الرياضي رئيسة الجمعية، في أول رد فعل «غير رسمي» على موقف المجلس، في تصريح لبيان اليوم، «إن هنالك جهات تستقوي بالسلطة من أجل محاصرة الجمعية، وتبذل جهدا منقطع النظير مثل ذاك الذي رأيناه بمجلس المستشارين، لتحريض السلطة ضدنا»، وقللت الرياضي من شأن ما إذا كان ما وقع بمجلس المستشارين يصب في اتجاه الحث على حل الجمعية، وردت بأن «دعوات أطلقت بمختلف الأشكال، لحل الجمعية، لكن ولا واحدة منها، تبدو عليها سحنة من الواقعية، بل وتحولت إلى محاولات لاستغلال ما جرى خلال المؤتمر للاعتداء على الجمعية فحسب». ووصفت الرياضي حديث رئيس فريق التجمع الدستوري إدريس الراضي، بأنه «خال من المضمون»، لأن «حزب الاتحاد الدستوري الذي يمثله هذا المسؤول، يتحمل مسؤولية تاريخية في مرحلة عاشها المغرب، وعرفت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ونهب المال العام، وكان حزبه يقود الحكومة، فكيف إذن، يسمح لنفسه بالحديث عن حقوق الإنسان، أو التمييز بين الوطني وغير الوطني؟»، تتساءل رئيسة الجمعية. وشددت الرياضي على أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان «تتحمل المسؤولية في كل المواقف المعبر عنها من طرف هياكلها، ولا يهمنا ما يقوله الآخرون عن تلقينا لتهنئة من البوليساريو أو ما شابه، لأن دفاع الجمعية على حقوق الإنسان مبدئي، وهذا يخيف تلك الجهات لدرجة باتت اليوم، تمارس هذا العدوان».