مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بإحداث منطقة التصدير الحرة طنجة طيك    تعيين الدكتور المقتدر أحمد العلالي عميدا لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة    الذهب يبلغ مستوى قياسيا ويتجه نحو 3 آلاف دولار للأوقية    تحقيق أممي: السلطات الإسرائيلية دمّرت جزئيا القدرة الإنجابية للفلسطينيين في غزة    الولايات المتحدة تعتزم إعادة التفاوض بشأن اتفاقية التبادل الحر مع المغرب    إضطرابات جديدة في حركة النقل البحري بين المغرب وإسبانيا بسبب سوء أحوال الطقس    ابتدائية الناظور تحكم على فلسطيني بالسجن النافذ لسنتين    عقار جديد يوقف الخصوبة لدى الرجال ويعيدها بعد التوقف عن تناوله    توقيف شخصين بطنجة بحوزتهما 1445 قرصًا مخدرًا وأسلحة بيضاء    "بيجيدي" يندد بتدهور "حد بوموسى"    أدوية مهرّبة تطيح بثلاثة أشخاص    "ألف يوم ويوم".. سيمون بيتون تحكي الحاج إدمون عمران المليح    طنجة.. ندوة حول ريادة الأعمال النسائية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة    سلا: الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تعقد جمعها العام العادي    منع تنقل جماهير الوداد إلى طنجة    سباق التسلح في مجال الطائرات المسيّرة.. المغرب ضمن تحالفات جديدة وتنافس دولي متصاعد    السلطات تمنعُ جماهير الوداد من السفر لمباراة اتحاد طنجة في الجولة 25    لقجع يشيد بحكامة جامعة الكرة    "الويفا" يوضح سبب إلغاء هدف ألفاريز ويبحث مراجعة القوانين    تعيين ابنة الحسيمة ليلى مزيان عميدة لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بن مسيك    "قفف جود".. الفضيحة التي تكشف خبايا آلة أخنوش الانتخابية وشريكه بايتاس    ارتفاع نسبة ملء السدود في المغرب    مستشار الرئيس الفلسطيني يشيد بالدعم الموصول للملك محمد السادس للقضية الفلسطينية    تعيين وفاء شاكر مديرة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الشمال    التكنولوجيات الحديثة والممارسات السلطوية الرقمية    أمطار قوية وتساقطات ثلجية وهبات رياح من الخميس إلى السبت بعدد من أقاليم المغرب    التجسس الجزائري في فرنسا: سر مكشوف وتغيرات إقليمية تقلب الموازين    الملك محمد السادس يهنئ قداسة البابا فرانسيس بمناسبة ذكرى اعتلائه الكرسي البابوي لحاضرة الفاتيكان    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    بايتاس يرفض التوضيح بخصوص "استغلال" شاحنة جماعاتية لأغراض انتخابية ويكشف حجم تصدير زيت الزيتون    قالها ملك البلاد‮: ‬أحزاب‮ ‬تستعجل القيامة‮..!‬    قناع الغرب.. البروتوكولات المضللة 12- الأكاذيب الآمنة في يد السلطة    مجلس الحكومة يطلع على اتفاقين دوليين موقعين بين حكومة المغرب وحكومتي بنين وأنغولا    "المحكمة الدستورية تُقر قانون الإضراب وتُبدي تحفظات على ثلاث مواد    مكاسب في تداولات بورصة البيضاء    أمطار قوية من الخميس إلى السبت    الحسيمة.. أمطار الخير تنعش منطقة أيت أخلال وتعزز الآمال في موسم زراعي ناجح    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    الهواري غباري يؤدي "صلاة الخائب"    أخبار الساحة    لمجرّد يكشف تفاصيل عمليته الجراحية ويطمئن جمهوره    الوكالة المغربية لمكافحة المنشطات تكرم الدولي السابق محمد التيمومي    صحيفة إسبانية: المغرب فاعل رئيسي في قطاعي السيارات والطاقة المتجددة    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    المغرب يحتل المركز السادس عربيًا وإفريقيًا في الحرية الاقتصادية لسنة 2025    أزيد من 25 مليون مصل في المسجد الحرام خلال العشرة الأولى من رمضان    يسار يعرض "لمهيب" في مركب محمد الخامس    السعودية تسعى لإنشاء مختبر للكشف عن المنشطات والمحظورات في المنافسات الرياضية    عدوى الحصبة تتراجع في المغرب    ماذا يحدث للجسم إذا لم يتناول الصائم وجبة السحور؟ أخصائية توضح    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    "حماس" ترحب بتراجع ترامب عن دعوة "تهجير سكان غزة"    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    بوحموش: "الدم المشروك" يعكس واقع المجتمع ببصمة مغربية خالصة    أوراق من برلين .. قصة امرأة كردية تعيش حياة مليئة بالتناقضات    أطعمة يفضل الابتعاد عنها في السحور لصيام صحي    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدلية الإضمار والتلميح في الأعمال الأخيرة للفنان التشكيلي المغربي عبد الهادي مريد
نشر في بيان اليوم يوم 24 - 09 - 2020

يعتبر الفنان عبد الهادي مريد من الفنانين التشكيلين الشباب العصاميين المغاربة الذي نحتوا اسمهم في صخرة الفن المغربي المعاصر، وهو من مواليد 18مايو1979 بمدينة الدار البيضاء. وهو إطار بنكي يقطن حاليا بمدينة أكادير.شارك هذا الفنان في عددمن المعارض الفردية والجماعية داخل المغرب(معرض الصالون الوطني للفن المعاصر بالدار البيضاء، سنة2013، ومعرض رؤى معاصرة سنة2015 وبالمعرض الجماعي «أرابيسك « سنة 2016 وآخر خلال هذه السنة الجارية بمتحف التراث الأمازيغي بمدينة أكادير. وشارك سنة 2018 بمعرض بالصالون المغربي للرسم والمطبوعات في دورته الأولى بمدينة الجديدة. كما شارك في معارض أخرى خارج المغرب(تونس (2002)،إيطاليا،(2006و2011،هولندا (2015)وإسبانيا (2012و2018)
اغتنت عصامية هذا الفنان، على مر سنين عمره التشكيلي واكتسبت، في النهاية، تجربة فنية رائدة تقاس، كقيمة فنية،بأعمال فنانين تشكيليين مغاربة لهم باع طويل في هذا الميدان، خضعوالتكوينات وتخرجوا من أرقى الجامعات ومؤسسات الفنون الجميلة العمومية والخصوصية؛ ولا أدل على ذلك من أعماله الأخيرة الرائدة التي تميزت بنحت شخصية فنية لها فرادتها وأسلوبها الفني الذائق.
وقبل الشروع في تقديم قراءة تفاعلية لبعض أعماله الأخيرة، لا بأس في أن نقدم بشكل مقتضب تصوره للحياة وللفن.
يؤمن عبد الهادي مريد بأن للفن رسالة جمالية ينبغي على الفنان أن يؤديها على الوجه الأكمل. خطابهايجب أن يدعو صراحة إلى التحرر من قيود المجتمع وأعباء الروتين اليومي المثقل للنفس والمكبل لحريتها المنشودة. كمايؤمن أيضا بأن يكون للفنان موقفا محددا تجاه وضعيات حياتية يتخبط فيها الإنسان المعاصر.
يحرص الفنان عبد الهادي مريد على أن ينتج، عبرتناغمية اللون والإيقاع، خطابا فنيا تشكيليا فياضا بالمعاني والدلالاتوالرموز التعبيرية، ساعياإلى أن يجعل من لوحاته الفنية إخفاء لأشياء لا ينبغي لها أن تتشكل إلا وفق متوالية لونية وإيقاعيةذات نكهات تجريدية شفيفة مستفزة لبصر المتلقي؛مع دعوة هذا الأخير إلى الغوص والترحال في زمن اللوحة التشكيلي اللحظي الهارب دوما.. ترحال كان دائما زاده التأويل والقراءة الفاحصة لكل عناصر اللوحة.
فأعمال هذا الفنان الأخيرة والسابقة عنها هي دوما تصب في خانة إشباع ذائقة المتلقي، ومحاولة إرضائها،دون السقوط في خطابات مجانية رخيصة تبتغي الشهرة والبوز، كما صرح لناذات يوم. أعمالتروم إلى إنتاج طاقة داخلية استفزازيةلعين المتلقي لحثها على التفكير والتأمل ونسج التأويل. كما أنها لا تنبني على مجرد التصوير المباشر لأجسام لها أحجامها وامتدادها الفيزيقي المتعين بل ترتكز بشكل كبير، على دينامية تعتمد جدلية الإضمار والتلميح،كاستراتيجية لونية وإيقاعية تؤطر أنفاس الفنان المتعددة؛بحيث يغدو سند اللوحة وكأنه أرخبيل من الألوان والإيقاعات المتماوجة،يتشكل،هكذا فجأة،دون سابق تفكيرفي تيمة ما قد تستبد مسبقا بوجدان الفنان وتدعوه إلى العمل وفق شروطها هي.
فأعمال هذا الفنان الأخيرة هياشتغال فني يمشي وفق لاشعور بنيوي يكون فيه هو حاضرا بالقوة أمام حضرة الصمت والغياب اللاإرادي والسكون المطبق؛فتوقظ في الأعماق نفسا أمارة بالإبداع والشغب الفني الجميل،فوحدها الموسيقى هي من يكسر بلطف هامس هذا الصمت كفعل مصاحبةلهذا الوجد وتلك الحيرة الفنية المستبدة فجأة بالفنان لتعلن طغيانها وتسلطها الجميل عليه مدغدغة شعوره الوجداني الرهيف.
تتحد، إذن،لغة اللاشعور مع لغة التموج والانحناءوالنتوءوالخطوط ليرسما معا أفقا لَوْحِيّا يشي بالجمال والتناسق والتناغم وتفاعل كيماء اللون الساحر للعين. فمنذ الوهلة الأولى تأسرك اللوحة، ويبقى بصرك مشدودا أمام سحرها الخفي العجيبالأخاذ.
تأتي الفكرة ، من أعماق لا شعور هذا الفنان، من مخيلته ،وكأنها ومضة ،عابرة للوجدان ، بدون سابق إعلام أو استئذان ، يلتقطها ساخنة حامية بدون أن يترك لها الفرصة في التسلل و الانعتاق منه ..يتركنا الفنان عبد الهادي مريد مشدوهين أمام حضرة اللوحة البادية للعيان بشخصنتها وجلالها المثير للوجدان والمستفز للبصر ، متسائلين في صمت سكوني عابر لكل خلايا وجداننا، وقد تملكته رهافة حس غامر: أهو الحدس الفني وقد تشخصن في شطحات هلامية لونية ، أم هو تلك العفوية التي انسابت كغدير رقراق في ثنايا روح هذا الفنان العصامي ؟
يحب الفنان عبد الهادي مريد أن يشتغل في مرسمه بكل حرية تاركا العنان لعفوية الإحساس ترسم، بدل اللوحة،هويتها اللونية المتفردة. هناك مواضيع مختلفة تشغله باله، ذات أبعاد إنسانية كونية، لكن يفضل أن تخرج من شرنقة المعتاد لتعانق نسمات قصائد الشعر الهائمة. فلوحاته الفنية بهذا المعنى،بقايا أرواح تائهة تبحث عن هويتها المفقودة وسط زحمة الحياة المعاصرة وما شاب هذه الأخيرة من ابتذال وتشوه خِلْقِيٍّ.
يعتمد الفنان التشكيلي عبد الهادي مريد على لغة فنية جد خاصة به وحده، يجسد لنا عبرها، وبانسيابية لونية تترك أثرها باد في اللوحة، فرادته وتميزه كذات فنية تعشق الغوص في متاهات أرواح قتلها اليأس وسقطت في أتون اللامعنى واللاجدوى من الانوجاد والبروز. أرواح تشكلت وتقمصت أجسادا هلامية بدت وكأنها خطوط تسابق الحياة بمسافات متقاربة أحيانا ومتباعدة أحايين كثيرة.. خطوط يغدق عليها الفنان عبد الهادي مريد بما جادت به قريحة ألوان ساخنة ذات دينامية وحركية تعيد لتلك الأرواح إيقاعها الحيوي المفقود. وتحت وصاية عين متشبعة بالثقافة البصرية، يسعى الفنان التشكيلي عبد الهادي موريد أن يمتص ظلال الفكرة، دون تقيد شبه تعاقدي بموضوع ما. فتغدو اللوحة توليفات لونية مستوحاة من الذاكرة واللاشعور، يحاول أن يجرها بعيدا عن الحافة حتى لا تسقط في مهاوي المعنى الرخيص والمبتذل.
الفنان عبد الهادي مريد يشق طريقه الفني بعزم وتباث ناسجا بخيوط الرمز معنى ممكنا يضفيه على عالمنا المعاصر. نرجو له التوفيق في أعماله المستقبلية القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.