عيون تترقب هنا وهناك، لتلقف راغبين في السفر إلى إحدى الوجهات المغلقة، إنهم وسطاء محطة أولاد زيان، بالدارالبيضاء، التي بات يخيم عليها هدوء وفراغ لم تعهدهما منذ تدشينها وفتح أبوابها أول مرة أمام الحافلات والمسافرين. يكسر الهدوء الذي أضحت تشهده المحطة منذ إعلان السلطات عن قرار منع التنقل من وإلى عدد من المدن التي سجلت ارتفاعا كبيرا في عدد المصابين بكورونا، وعلى رأسها العاصمة الاقتصادية، (يكسره) صياح وسطاء كلما رمقوا راغبين في السفر، للظفر بعدد من الراغبين في السفر بطريقة غير قانونية. ما أن تطأ قدمك أرجاء المحطة الطرقية أولاد زيان، حتى يتجه نحوك مجموعة من الوسطاء مسرعين تتعالى أصواتهم بأسماء جميع المدن المغربية دون استثناء، يعرضون عليك السفر إلى وجهتك دون الحاجة إلى أي ترخيص أو إذن. يعرض الوسطاء على الراغبين بالسفر، السفر عبر حافلات مركونة بإحدى الأزقة المجاورة للمحطة، بعيدا عن أعين السلطات، والتي ستوصلهم إلى مداخل المدن التي يقصدونها، ليتبقى المسافة المتبقية على مسؤولية المسافر المغامر الذي اختار خوض غمار سفر محفوف بالمخاطر. تنطلق الحافلات المعنية ليلا ابتداء من الساعة 7 مساءا، مباشرة بعد امتلاء 50 في المائة من مقاعدها، وأحيانا امتلائها كاملة، كما صرح أحد المسافرين (إس.ع) لجريدة بيان اليوم، والذي أكد أن أسعار تذاكر السفر حطمت أرقاما قياسية غير مسبوقة، حيث يتم تأدية ثمن مقعد واحد مضاعف مرتين تعويضا للمقاعد الفارغة لركاب بالرغم من الوضع الوبائي والأزمة المالية التي تعيشها البلاد. من جهة أخرى، وغير بعيد عن المحطة الطرقية أولاد زيان، وكالات السفر الخاصة بدورها، منها من أخذت بعين الاعتبار التدابير والإجراءات الملقاة على عاتقها والمتعلقة بمنع التنقل، فيما فضلت بعضها اتباع خطوات نقل المسافرين بطريقة سرية على غرار بعض حافلات النقل بمحطة أولاد زيان. عودة إلى أرجاء المحطة، تصطف عدد من سيارات الأجرة من الحجم الكبير، لنقل المسافرين إلى وجهاتهم، إلا أنها تشترط على الزبون وثيقة النقل موقعة لدى الباشا وتوقيعها مع المسافر في مخفر الشرطة تفاديا لأي مشاكل مع السلطات التي تقوم بعد عدد الركاب وتتأكد من هويتهم بتطابق مع أوراق التنقل الاستثنائية. في سياق متصل، أضحت تعرف تسعيرة السفر عبر سيارات الأجرة ارتفاعا صاروخيا ما بين 200 درهم إلى 500درهم حسب الوجهة إذ يتم تعليقها بجوار سيارات الأجرة الكبيرة، ما أثار غضبا في صفوف الركاب. وعبر أحد المواطنين في تصريح لبيان اليوم "الزيادة في التسعيرة صارت لدى أصحاب سيارات الأجرة الكبيرة وسيلة شرعية يقومون بها كلما أرادوا ذلك، دون الرجوع إلى المساطر القانونية ودون اكتراث للسلطات التي في الغالب تقف موقف المتفرج لأسباب يجهلها المواطن". ويعزو سائقوا الأجرة ارتفاع التسعيرة إلى تقليص عدد الركاب من 6 ركاب إلى 4، في إطار التقيد بالإجراءات الاحترازية للتصدي لفيروس "كورونا"، لكن عندما تمت محادثة أحد سائقي الطاكسيات صرح بأن ثمن الرحلات المعلن عنها للزبون تم الاتفاق عنها بين السائقين حيث تم الأخذ بعين الاعتبار قدرة تسديد الزبائن مع اجتناب التسعيرة المصرح بها من طرف الدولة لأنه لن يقبل بها أي أحد، "وبذلك سنحرم من قوتنا اليومي لأنها تتراوح بين 300 درهم و3000 درهم حسب المدن لأنه كل 1 كيلومتر تقطعه سيارة الأجرة يقدر بثمن 4.5 درهم ناهيك أن هذا القطاع غير مهيكل يحتاج إلى قانون ينظمه، بسبب تضرر السائقين وفرض أداء واجبات التأمين والقروض البنكية ولا ننسى كراء سيارة الأجرة الكبيرة في ظرفية الجائحة وحتى في أشهر الحجر الصحي سواء في سيارات الأجرة الكبيرة أو في قطاع النقل". هذا ويشار إلى أنه بعد القرار المشترك بين وزارة الصحة ووزارة الداخلية الذي أُصدر مساء يوم الأحد 26 يوليوز الماضي، والذي أخذ بناء على الارتفاع الكبير، خلال الأيام الأخيرة، في عدد الإصابات بفيروس "كورونا" بمجموعة من العمالات والأقاليم، تقرر ابتداء من يوم الأحد 26 يوليوز عند منتصف الليل، منع التنقل انطلاقا من أو في اتجاه مدن طنجةتطوانفاسمكناسالدارالبيضاءبرشيدسطاتمراكش، فيما عمدت السلطات المحلية التشديد على ضرورة عدم بيع أي تذكرة للمسافرين بعد دخول هذا القرار حيز التنفيذ وإغلاق وإخلاء تام للمحطة الطرقية أولاد زيان من المسافرين والحافلات وتطويقها من طرف السلطات الأمنية باعتبارها نقطة سوداء لتفشي الوباء، إذ تندرج ضمن إحدى أكبر المحطات الطرقية بالمغرب على مستوى النشاط الطرقي للمسافرين. وشهدت المحطة سابقا توافد المئات من المسافرين، بغية السفر من أجل قضاء عطلة عيد الأضحى مع عائلاتهم، خوفا من أن تنقطع بهم السبل في مدينة غير مدينتهم مما تسبب في اكتظاظ شديد وخلق جو من الارتباك والفوضى في صفوف مهنيي النقل والمسافرين، في وقت تشدد فيه السلطات الحكومية على الحذر والتزام بالإجراءات الاحترازية للوقاية، من انتشار فيروس "كورونا". ولم يأبه المسافرون بحالة الطوارئ الصحية والتعليمات الاحترازية المتمثلة بمنع كثرة التجمعات، فضلا عن تجاهلهم الالتزام بالإجراءات الوقائية اللازمة، كترك مسافة بين الأشخاص واستعمال الكمامات، للحد من انتشار الفيروس التاجي، بل تسابقوا على الحافلات، بالرغم من ارتفاع أسعار الرحلات صوب المدن. وعبر أحد المسافرين عن سخطه جراء ما يقع لما وجد نفسه مضطرا لأداء أثمنة تذاكر مضاعفة بالمقارنة مع الأيام العادية، في ظل غياب مصلحة مراقبة الأسعار فِي وقت جرى إغلاق المحطة الطرقية أولاد زيان بالدارالبيضاء وتم إخلاء أماكن توقف الحافلات امتثالا للقرار الصادر من الوزارة وبات المكان شبه مهجور وغاب عنه صخب زبنائه وتوقفت حركة الأسفار به، لكن رغم ذلك قام أرباب الحافلات باستخدام حافلاتهم بطرق غير قانونية أمام المحطة لكسب قوت العيش لأنه لم يتم تعويضهم بشيء آخر ولذلك قاموا بتقديم خدمات النقل للمسافرين.