كلف الرئيس التونسي قيس سعيد مساء السبت وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال هشام مشيشي تشكيل حكومة جديدة، في مهمة يتعين عليه إنجازها خلال شهر في ظل مناخ سياسي متوتر. وقال سعيد لمشيشي، بحسب شريط فيديو نشره الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية، إنه "بعد النظر والتعمق وقراءة كل الأوضاع، كل فتكم هذا اليوم طبقا للفصل ال89 من الدستور، وبعد إجراء المشاورات كما نص على ذلك الفصل المذكور، (..) بتشكيل الحكومة". وقال مشيشي في تصريح نشرته رئاسة الجمهورية "شرفني سيادة رئيس الجمهورية اليوم بتكليفي لتكوين حكومة، وهي ثقة أعتز بها وأشكره عليها". وأضاف "إن هذه الثقة مسؤولية جسيمة وتحد كبير، خاصة في الوضع الذي تمر به بلادنا". وتابع رئيس الحكومة المكلف "سأعمل بإذن الله جاهدا على تكوين حكومة تستجيب لتطلعات كل التونسيين وتعمل على الاستجابة لاستحقاقاتهم المشروعة والتي طال انتظارهم لها طيلة هذه السنين". ويخلف مشيشي، المحامي البالغ من العمر 46 عاما، في هذا المنصب رئيس الحكومة الياس الفخفاخ الذي استقال في وقت سابق من الشهر الحالي. لكن مشيشي لم يكن من الأسماء التي اقترحتها على الرئيس سعيد الأحزاب التونسية الموجودة في السلطة. ويشغل مشيشي منصب وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، وشغل أيضا منصب المستشار الأول للرئيس سعيد للشؤون القانونية. كما كان مشيشي رئيسا للديوان في وزارات النقل والشؤون الاجتماعية والصحة. وأمام مشيشي الآن شهر لتشكيل حكومة في أجواء من التوترات السياسية بين الأحزاب الرئيسية. وسيتعين عليه بعد ذلك الحصول على ثقة البرلمان بالأغلبية المطلقة، وإذا فشل في ذلك، سيتمحل البرلمان وتنظيم انتخابات جديدة في غضون ثلاثة أشهر. وخلال الانتخابات الأخيرة التي أجريت في أكتوبر، حل حزب النهضة الاسلامي أو لا، لكنه فشل في الحصول على الغالبية، إذ حصد 54 مقعدا من أصل 217، ووافق في نهاية المطاف على الانضمام إلى حكومة ائتلافية. ويأتي تكليف مشيشي بتشكيل الحكومة في اليوم الذي تحتفل فيه تونس بالذكرى الثالثة والستين لإعلان الجمهورية الذي تم فيه إلغاء النظام الملكي وإعلان النظام الجمهوري سنة 1957. كما تصادف هذا اليوم الذكرى السنوية الأولى لوفاة الرئيس السابق الباجي قايد السبسي، أول رئيس تونسي منتخب بالاقتراع العام المباشر سنة 2014 والذي توفي قبل أشهر من انتهاء ولايته عن عمر ناهز 92 عاما . ويخلف مشيشي في هذا المنصب الياس الفخفاخ الذي قدم استقالته في 15 يوليو إثر شبهات طالته في ملف تضارب مصالح. ويواجه رئيس الحكومة المكلف مهمة صعبة تتمثل في حشد أغلبية في برلمان منقسم بعمق. وكان سعيد حذر الاثنين من حالة "فوضى" في البرلمان ومن "تعطيل سير عمل مؤسسة دستورية". وقال خلال اجتماع مع الغنوشي في قصر قرطاج إن "مجلس نواب الشعب للأسف لا يعمل بشكل طبيعي". وأضاف سعيد أن هذه العرقلة للبرلمان "لا يمكن أن تستمر (…) لن أظل مكتوف الأيدي أمام ما تشهده مؤسسات الدولة من تهاو". وكتبت صحيفة "لوكوتيديان" الناطقة بالفرنسية السبت أن "السياق الحالي يتطلب وجود رئيس حكومة حاذق، مقنع، خبير، وبالأخص أقل التزاما من حيث الانتماء إلى أحد الأحزاب الأكثر نفوذا في الساحة السياسية". وفي بيان نشر الجمعة، اعتبرت الرابطة التونسية للد فاع عن حقوق الإنسان أن الحكومات المتعاقبة لم تنجح في وضع سياسة إنمائية قادرة على التخفيف من البطالة والاختلالات بين المناطق والتضخم المالي والعجز التجاري. وتونس التي اتخذت تدابير جذرية لاحتواء فيروس كورونا المستجد ، تواجه التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لإغلاق حدودها. وباتت آلاف الوظائف على المحك، في وقت يتفاقم الغضب لدى السكان بسبب غياب الآفاق في بلد يتجاوز فيه المعد ل الرسمي للبطالة 30% في بعض المناطق. وفي الأسابيع الأخيرة، شهد جنوب البلاد تحركات احتجاجية ضد البطالة وما يعتبره المحتجون سياسة تهميش.