بعد ثلاثة أيام من التفكير, قرر الرئيس الأميركي باراك اوباما عدم نشر صور لجثة أسامة بن لادن, معتبرا أن ذلك سيشكل «خطرا على الأمن القومي» للولايات المتحدة وقد يستخدم للدعاية الإعلامية. وكان أعضاء في الكونغرس الأميركي طالبوا بنشر الصور من أجل إسكات الذين يشككون في مقتل زعيم القاعدة الأحد الماضي في عملية نفذتها وحدة خاصة اميركية في منزل كان يتخبىء فيه في باكستان. وقتل بن لادن في العملية برصاصات أصابت إحداها وجهه. ونقل جثمانه بعد ذلك ثم القي به في البحر, حسب الرواية الرسمية للسلطات الاميركية. وقد التقطت صور للتعرف على الجثة وأكد عدد من أعضاء الكونغرس الأربعاء الماضي أنهم شاهدوها. إلا أن ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ تراجعوا عن تأكيداتهم مؤكدين أن الصور التي اطلعوا عليها مزيفة. وبين هؤلاء ساكسبي شامبليس أهم الأعضاء الجمهوريين في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الذي قال ان هذه الصور «تنطبق على ما نتوقعه عندما يصاب احد ما برصاص في الرأس وليست صورا جميلة». وردا على سؤال لمعرفة ما إذا كان شامبليس العضو في لجنة الدفاع أيضا, شاهد صورا أصلية قالت الناطقة باسمه براونين لانس شيستر لوكالة فرانس برس «كان واضحا جدا في هذا الشأن: لم ير الصور الرسمية». وشكك عضوان آخران في لجنة الدفاع الجمهوريان كيلي ايوت وسكوت براون اللذان قالا من قبل إنهما شاهدا صورا لجثة بن لادن, في صحة هذه الصور. ورأى اوباما ان المخاطر التي قد تنجم عن نشر الصور اكبر من الفوائد التي ستأتي من هذه الخطوة. وقال اوباما لمحطة سي بي اس الأميركية «بحثنا هذا الامر في اجتماعات داخلية. وتذكروا اننا متأكدين بشكل قاطع من انه هو (بن لادن). أجرينا فحوصات على الحمض النووي الريبي. اذن, لا يوجد اي شك في أننا قتلنا أسامة بن لادن». وأضاف حسب نص المقابلة الذي نشر على موقع المحطة «من المهم جدا عدم السماح باستخدام صور تشكل ادلة, وسيلة للتحريض (على العنف) او للدعاية الاعلامية. هذا الامر ليس من طبيعتنا» واكد اوباما الذي ستبث المقابلة معه بالكامل الاحد «لا نعرض هذا النوع من الاشياء للتباهي». وتابع الرئيس الاميركي ان «الحقيقة هي انه شخص استحق ما حصل له. اعتقد ان الاميركيين والناس في جميع أنحاء العالم سعداء بمقتله». وأضاف «نظرا للطبيعة العنيفة للصورة سيشكل (نشرها) خطرا على الأمن القومي». وطبيعة المشهد المروع الذي تحدث عنه اوباما تظهر في صور تمكنت وكالة رويترز من الحصول عليها لثلاثة رجال لم تحدد هوياتهم لكن لا يشبه أي منهم أسامة بن لادن. ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التثبت من الصور التي قالت رويترز انها اشترتها من مسؤول باكستاني دخل منزل بن لادن بعيد الهجوم الأميركي الاثنين الماضي. ويبدو القتلى الثلاثة في برك من الدم. ويرتدي احدهم قميصا (تي شيرت) ويسيل الدم من اذنه اليمنى. وحسب التوقيت الذي يظهر التقطت هذه الصورة في الساعة 30,2 بالتوقيت المحلي اي بعد نحو خمسين دقيقة من إعلان المسؤولين الأميركيين عن انتهاء الهجوم. أما الجثتان الأخريان فلرجلين يرتديان الزي الباكستاني التقليدي. ويسيل الدم من فم احدهما وذقنه بينما يبدو قرب كتفه الايمن سلك كمبيوتر ومسدس للاطفال على ما يبدو. أما الرجل الثالث فينزف دما من انفه وتظهر بقعة من الدم على قميصه الابيض. ويظهر في صور اخرى التقطت للمجمع ذيل مروحية متضررة وقمامة منتشرة على الارض. وأوضحت رويترز أن هذه الصور لم تخضع لأي تعديلات في حجم البيكسل وان المعطيات الرقمية تتطابق مع مؤشرات الوقت التي ظهرت على الصور من الساعة 30,2 الى الساعة 43,6 بالتوقيت المحلي. وقال اوباما «ليس هناك اي شك في ان بن لادن قتل. ليس هناك اي شك لدى اعضاء القاعدة في موته. لذلك لا نعتقد ان صورة ستؤثر باي شكل من الاشكال». وأضاف «سيكون هناك اشخاص ينكرون (موت بن لادن). الحقيقة هي ان بن لادن لن يمشي على الارض بعد اليوم». وكان رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الجمهوري مايك روجرز اكد الاربعاء انه شاهد واحدة من الصور ولا يرغب في ان تنشر, مؤكدا انها ستعزز القلق على امن الجنود الاميركيين المتمركزين في الخارج. وقال روجرز «تصوروا رد فعل الأميركيين اذا قتلت القاعدة احد جنودنا او قادة جيشنا ووضعت الصور على الانترنت». أما السناتور الجمهوري ليندساي غراهام الذي يتمتع بنفوذ كبير فقال ان اوباما ارتكب «خطأ». واضاف أن «الهدف من ارسال جنودنا الى المقر بدلا من قصفه هو الحصول على ادلة دامغة على مقتل بن لادن. اعرف ان بن لادن مات لكن الطريقة المثلى للدفاع عن مصالحنا في الخارج هي اثبات ذلك للعالم».