شكل الإعلان عن إحداث اتحاد نقابات التعليم العالي بالمغرب الكبير مساء يوم الجمعة بالرباط، لحظة تاريخية بامتياز، على اعتبار أن الاتحاد الذي اعتبر أهم حدث أسفرت عنه فعاليات الندوة العلمية المنظمة من طرف خمس نقابات للأساتذة الجامعيين بكل من ليبيا، تونس، الجزائر، موريتانيا والمغرب، جاء بمبادرة من نخبة تتحمل مسؤولية إعمال المناهج التعليمية والارتقاء بالبحث العلمي، هذين العنصرين الذين يعدان منفذين يؤديان في حالة الارتقاء بمنظومتهما إلى إلحاق بلدان وشعوب المنطقة بالركب الحضاري العالمي وتحقيق التقدم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفي تصريح ل»بيان اليوم» أكد محمد درويش الكاتب العام للنقابة الوطنية العالي بالمغرب، الذي انتخب بالإجماع كأول أمين عام للاتحاد النقابي المغاربي، أن أحداث هذا الاتحاد هو خطوة نحو رفع كل العراقيل التي تقف أمام تحقيق وحدة شعوب المنطقة المغاربية، وهو أداة سيتم تسخيرها من أجل العمل على تعزيز التبادل المعرفي الأكاديمي والعلمي. وأضاف أن رجال ونساء التعليم العالي سيعملون من خلال هذا الإطار على تذويب كل الخلافات التي تجعل بلدان المنطقة تتخلف عن الركب العالمي، والتي عجز السياسيون عن كسرها، قائلا «إن ما يجمع المنطقة أكثر مما يفرقها، حيث توحدها الجغرافيا والتاريخ واللغة والثقافة..». وحول الأهداف الأساسية التي سيعمل من أجلها الاتحاد أفاد المتحدث أنها تتمثل في تعميق التبادل في مجال قضايا التعليم العالي والبحث العلمي، وتبادل الخبرات المعرفية على هذا المستوى من خلال حث حكومات المنطقة على تسهيل تنقل الكفاءات بين البلدان الخمسة. وأوضح الدرويش أن أول خطوة سيتم مقاربتها في مسار الاتحاد باعتباره أول أمين عام لهذا الإطار النقابي الإقليمي الجديد، تتعلق بتثبيت الأمور الإدارية حتى يصبح الاتحاد في وضعية قانونية، ثم العمل بعد ذلك على تسطير برنامج للتعريف به على المستوى الوطني وفي المحافل الدولية،ثم بلورة برنامج نقابي تشاوري لتحدثد آفاق العمل في المستقبل على المدى القريب والمتوسط. من جانبها اعتبرت زبيدة طالب حنون نائبة المنسق الوطني وأمينة المال بالمجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي بالجزائر والتي انتخبت عضوا بالمكتب التنفيذي للاتحاد النقابي المغاربي إحداث هذا الاتحاد بمثابة حلم يتحقق بعد انتظار طال سنوات، قائلة «هذا حلم اشتغلنا عليه منذ أمد، وكنا على وشك بلورته على أرض الواقع سنة 2005 لكن ظروفا حالت دون ذلك ..».وأبرزت أن نقابات التعليم العالي التي تنشط في البلدان الخمسة المغاربية ستعمل من خلال هذا الاتحاد على لم شمل الإمكانيات والكفاءات بالمنطقة المغاربية وخلق شبكة للأساتذة الباحثين. وحول ما إن كان إنشاء الاتحاد بمثابة تحصين للكفاءات من إغراءات الهجرة نحو بلدان خارج المنطقة المغاربية، أكدت المسؤولة النقابية أن المؤسسين يحضرهم بشكل أكيد هذا الجانب، ففي الجزائر مثلا تسجل بها هجرة مكثفة للأدمغة، والكثير من الكفاءات التي تنتمي لدول المنطقة أصبحت أحد أعمدة البحث العلمي في بلد المهجر، معبرة في هذا الصدد عن الأمل في أن تستجيب دول وحكومات المنطقة لنداء الأساتذة الباحثين الجامعيين بفسح المجال أمامهم لتبادل الخبرات وخلق قوة علمية تكون أحد عناصر الارتقاء بمجتمعات المنطقة تنمويا. أما البروفيسور شامخ أمبارك الأمين العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي بموريتانيا فقد أكد في تصريح للجريدة، أن إنشاء هذا الاتحاد الذي تم في جو عالي من التفاهم والتآخي بين مختلف نقابات التعليم العالي في الدول المغاربية سيتيح للأساتذة الجماعيين والباحثين إمكانية التواصل فيما بينهم وتقديم ونشر نتائج أبحاثهم وتبادل المعارف العلمية، وذلك في أفق تكوين مجموعة من شبكات البحث العلمي كإحدى البنيات الهامة على هذا المستوى، الأمر الذي سيسهل من إحداث التغيير والمساهمة في النمو الاقتصادي والاجتماعي لبلدان المنطقة. هذا فضلا عن أنه سيشكل آلية مساعدة على مستوى التقريب بين شعوب المنطقة وإقرار الوحدة بين بلدانها، والتي تعد أحد المطالب الأساسية والجوهرية لهذه الشعوب والتي يعد إحداثها خدمة لمصلحة دول المنطقة، مقرنا ذلك بالنتائج المبهرة التي حققها التكتل في دول الجوار في إشارة إلى الاتحاد الأوروبي. وأضاف أن نقابة التعليم العالي في موريتانيا ستعمل على تدعيم الوحدة بين الأساتذة الجامعيين والارتقاء بوضعهم الاعتباري، معلنا، أن أول ندوة سينظمها الاتحاد ستحتضنها نواكشوط خلال السنة الجامعية 2011-2010، حيث سيتم خلالها مقاربة موضوع «الوضع المهني والاجتماعي للأساتذة الباحثين بدول المغرب العربي». وبخصوص كيفية تنظيم عمل الاتحاد، قال المتحدث أنه سيتم عقد اجتماعات دورية، لكن الاتحاد سيجتمع لتحديد سياسته العامة ،مضيفا أن الفلسفة من إحداث مكتب تنفيذي للاتحاد مصغر يضم 10 أعضاء فضلا عن الرئيس، يروم النجاعة والفعالية، قائلا أن المجلس الوطني الذي يعد بمثابة برلمان للاتحاد سيعلن قعن تشكيلته قريبا، وسيتألف من 25 عضوا، بمعدل خمسة أعضاء عن كل بلد. في حين اعتبر أدو ولد الشيخ رئيس المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بموريتانيا، إحداث اتحاد نقابات التعليم العالي المغاربي بأنه يمثل إحدى البنيات الأساسية لتفعيل وتقوية والرفع من معنى وقيمة البحث العلمي في الدول المغاربية ،مضيفا أن هذا الإطار الجديد وإن كان يعد في بدايته سياسيا أكثر منه عمليا ،إلا أننا يشير الفاعل النقابي «نريد من خلال هذا التأسيس الانطلاق به انطلاقة موضوعية علمية ثقافية تتجاوز الكثير من التحديات والمعوقات التي نرى أنها اعترضت سبيل تفعيل الاتحاد المغاربي سياسيا». وأفاد أن الأهداف التي سيعمل هذا الإطار الجديد على تحقيقها سواء في المدى القريب والمتوسط ،تتمثل في التركيز على النهوض بالتعاون بين بلدان المنطقة وتسهيل عمليات التواصل والتبادل بين الأساتذة الجامعيين خاصة في مجال البحث العلمي، على اعتبار أن هذا الأمر أساسي لكونه يعد البوابة الكبيرة التي يمكن عبرها تيسير مرور مختلف العلاقات الأخرى اقتصادية ،اجتماعية أو سياسية. وأضاف أن أولويات الاتحاد خلال هذه المرحلة ستتركز على العمل من أجل تقوية هذا لاتحاد ،وإبقائه مفتوحا للتواصل والاستفادة من الخبرات التي تمتلكها مجتمعات مجاروة أخرى.