لا بد أن نتحمل مسؤوليتنا المواطنة في مختلف مدننا نلاحظ بعض الظواهر السلبية التي تجسد لامبالاة تجاه الالتزام بمقتضيات الإجراءات الاحترازية ضد تفشي فيروس “كوفيد – 19″، ويتداول الكثيرون منا فيما بينهم عددا من السلوكات التي يقترفها البعض منا، والتي قد تحمل، هي نفسها، مخاطر لانتقال العدوى وتنامي انتشار الوباء. البعض لا يريد الاقتناع مثلا بأهمية البقاء في المنزل وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، ويتواجد البعض في الشارع أحيانا فقط لمجرد التواجد، أو كما لو أن لا شيء نهائيا يتربص به وبالعالم ويهدد الحياة. تكثر هذه الظاهرة الخطيرة خصوصا في الأحياء الشعبية أو في ضواحي المدن والمناطق الآهلة بالسكان، كما توجد الظاهرة نفسها في بعض الأسواق الشعبية والعشوائية، وأمام باعة ينتشرون وسط بعض الأزقة والأحياء… هناك بالفعل عمل ميداني مهم تقوم به السلطات المحلية وقوات الأمن بهذا الخصوص للحد من هذا الخروج المغامر للشارع، ولكن لا بد للمواطنات والمواطنين أيضا أن يدركوا خطورة ما يقترفونه من استهتار، وأيضا ما يهدد حياتهم وحياة آخرين جراء هذا التهور. ظاهرة أخرى لا تقل خطورة عن الخروج غير الضروري للشارع، وهي عدم ارتداء الكمامات أثناء التواجد في الشارع أو ارتدائها بشكل غير سليم. البعض تراهم يضعون الكمامة أسفل الذقن ولا تغطي لا أفواههم ولا أنوفهم، وأحيانا تغطي فقط الفم أو الأنف، بل وفي بعض المرات تراهم يتركونها تنزل على كتفهم ولا تغطي شيئا، أو يحملونها حتى في أيديهم كما لو أنها سبحة تلاعب أصابعهم. لا يمكن أن يكون التهور أكبر من هذا وأفضع، ولهذا يجب أن يعي شعبنا أن الكمامات وجدت للوقاية من انتقال الفيروس وليس لشيء آخر، والجميع، بفضل كل ما قدم من شروحات وتوضيحات، صار اليوم يفهم ضرورة هذه الأقنعة الواقية وطريقة استعمالها، ولا عذر لأحد في مواصلة المغامرة والتلاعب بسلامته وبصحة الآخرين. وسواء الخروج العشوائي والمبالغ فيه للشارع أو عدم ارتداء الكمامات، هناك أيضًا ما يترتب عن السلوكين من اختلاط بين الناس وعدم احترام مسافة الأمان الصحية، وهو ما يزيد من خطر انتقال العدوى بين الأفراد. ويتجلى ذلك في تلك الصفوف الطويلة والمزدحمة أمام الباعة والمتاجر، وفي أسواق الخضر والفواكه، وخصوصا وسط الأحياء الشعبية والمناطق الآهلة بالسكان. وإذا توقفنا فقط عند هذه الظواهر السلبية: الخروج غير المبرر للشارع، عدم ارتداء الكمامات، الاختلاط وعدم احترام مسافة الأمان، وأضفنا إليها الحرص على النظافة المنتظمة، فإن كل هذا يجسد مسؤولية أساسية ملقاة علينا نحن كأفراد، ويجب أن نتحملها، وأن نلتزم بهذه الشروط الاحترازية بصرامة في حياتنا اليومية هذه الأيام. لا يمكن إنجاح الحجر الصحي وتمكين بلادنا من الخروج في أسرع وقت من وضعية الطوارئ الصحية من دون الانخراط الواعي والمسؤول للمواطنات والمواطنين والتزامهم الصارم بالإجراءات المشار إليها. قوات الأمن والسلطات المحلية تحاول على مدار الساعة وفي الميدان تنفيذ هذه الإجراءات، وتحث الناس للالتزام بذلك، وهناك أيضا قوانين تعاقب المخالفين، ولكن كل هذا الجهد يجب تعزيزه بدورنا العملي وانخراطنا السلوكي. لا نريد المس بصحة شعبنا، أو أن نبقى نحصي الضحايا والموتى من بيننا، وفي نفس الوقت لا نتمنى الاضطرار لاعتقال الآلاف نتيجة مخالفة مقتضيات حالة الطوارئ الصحية، ولتفادي كل هذا يجب أن ندرك نحن حجم ما يهددنا من خطر صحي، وأيضا حجم الدور المطروح علينا. لحد الآن في العالم كله، يبقى الحجر الصحي والالتزام بشروط النظافة والوقاية، والبقاء في المنازل وتفادي الاختلاط، هي الأسلحة الفعالة والناجعة للتصدي للوباء، ويجب أن نحرص كلنا على استعمال هذه الأسلحة التي بين أيدينا كلنا، ونحاول جميعا أن نهزم الفيروس بواسطتها. على مواطناتنا ومواطنينا أن يساهموا في حفظ صحتهم وحماية سلامتهم وسلامة أقربائهم، وذلك بتقوية الالتزام بقواعد الحجر الصحي، والوعي بأن النجاح في هذه المعركة يتحقق بنسبة مهمة من خلال تقيد الناس، فرديا وجماعيا، بالإجراءات الوقائية والاحترازية المطلوبة. أن نصبر لمدة محددة، ونتحمل بعض الملل وتقييد الحرية، هو أحسن لنربح مستقبلنا ومصيرنا فيما بعد، وحتى نحفظ مستقبل بلادنا وسلامة مجتمعنا.