دعا نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الأحزاب السياسية إلى الابتعاد عن المزايدات السياسية ومحاولة اقتناص الفرص عند مقاربة موضوع التعددية الثقافية واللغوية في المغرب، قائلا إن “الأمر يتعلق بموضوع أساسي مرتبط بأسس كيان هذا الوطن الذي لا يمكن أن يستقيم فيه المسار دون الاعتراف بمكوناته الأساسية ودون بلورة ذلك على أرض الواقع، علما أن أي مشروع ديمقراطي لا يستقيم إلا بالاعتراف بهذه التعددية والانطلاق منها”. وأكد بنعبد الله خلال فعاليات ندوة نظمها حزب “الكتاب” مساء أول أمس الخميس، بمقره المركزي بالرباط، حول موضوع “دور الفاعل السياسي في حماية التعددية الثقافية واللغوية في المغرب” والتي سيرتها الباحثة في قضايا حقوق الإنسان الأستاذة فاطمة الزهراء ماء العينين، وشارك فيها كل من الباحث والناشط الأمازيغي أحمد عصيد، ورحال بوبريك الباحث في الأنتبولوجيا بمعهد الدراسات الإفريقية التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط، “أن المسألة الأمازيغية أو التعددية الثقافية ليست مسألة للمزايدة، لكون الأمر يتعلق بقضايا هوياتية مبدئية أسياسية يجب أن يكون الموقف منها تابثا ويجب تحمل تبعاته”. وشدد، في هذا الصدد، على أنه ينبغي على الفاعل السياسي والحركة الجمعوية والثقافية أن تجد الصيغ المناسبة لربط الجسور حتى لا تكون مسألة التعددية، خاصة الأمازيغية، معرضة للمزايدة وتعطيل المشروع الديمقراطي. واعتبر أن المغرب قطع مسارا طويلا من أجل الإقرار الرسمي بالتعددية الثقافية واللغوية، مذكرا في هذا الصدد بالنضال الذي خاضته بعض القوى السياسية من ضمنها حزب التقدم والاشتراكية رفقة الحركة الأمازيغية في مرحلة تاريخية لتجاوز التعامل السطحي بل الفلكلوري مع مسألة التعددية إبان الاستقلال والتي كان يطبعها نوع من الاستغلال، مشددا على أنه “من الصعب القفز على واقع يتسم بكون جزء كبير من الساكنة له أصول أمازيغية”. واعتبر أنه “من غير المقبول محاولة الركوب سياسيا على مسار طويل تطلب جهودا وطريقا شاقا من أجل الوصول إليه، حيث كانت حتى بعض الهيئات التقدمية تنظر إلى طروحات التقدم والاشتراكية كأنها تناقض الدين والوطن”، مؤكدا على أن التعددية الثقافية تشكل مصدر قوة للمغرب، وأن ما تحقق على هذا المسار تم بفضل تلاقي الإرادات، ما أدى إلى الاعتراف الرسمي من قبل الدولة بالتعددية الثقافية والمسألة الأمازيغية، التي أسس لها الخطاب الملكي بأجدير، ثم دستور 2011 الذي أقر رسميا بالمكون الأمازيغي واللغة الأمازيغية في نفس درجة ومكانة اللغة العربية. وأكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية على دور الفاعل السياسي على هذا المستوى، في العمل على تجاوز نهج التخبط أو اقتناص الفرص أو التعبير عن مواقف مرحلية، وعليه أن يتحمل المسؤولية بشأن القضية اللغوية ويتبناها إلى نهايتها، بكل أعبائها وتكاليفها وبكل ما تستلزمه من إجراءات، مشيرا أن الأمر قد يتطلب وقتا والتدرج من أجل التواجد على المستوى العملي، في إشارة في هذا الصدد إلى ما شهده مسار اعتماد القانون الإطار للتعليم داخل المؤسسة التشريعية. وذكر في هذا الصدد بالخلافات والتي وصفها بالتناقضات التي دبت داخل الأغلبية والتي صادقت على هذه النصوص في المجالس الحكومية وبعضها في المجالس الوزارية، لكن حينما وصلت أمام البرلمان عرت على خلافات بينها وتناقضات لا علاقة لها بالمسألة الأمازيغية أو بالتعددية الثقافية، بل كانت مجرد اقتناص للفرص أو مزايدة. وهذا واستغرب بنعبد الله من بروز هذه الظاهرة الجديدة التي سجلت على مستوى اعتماد القانون الإطار للتعليم وكذا القانون التنظيمي لترسيم الأمازيغية… وشدد في هذا الصدد على ضرورة اعتبار التعددية الثقافية واللغوية، ضمن العناصر غير الاقتصادية للتنمية، مشيرا أن المذكرة التي قدمها الحزب أمام لجنة النموذج التنموي، رتبها ضمن أحد المداخل الأساسية الخمسة لنموذج تنموي أمثل، حيث شملت المذكرة مدخلا أولا يتمحور حول وضع الإنسان في صلب المسلسل التنموي، ومدخل ثان يتمثل في كيفية بناء اقتصاد منتج وقوي، وثالث يتمثل في الحكامة بمحاربة العديد من مظاهر الفساد التي تؤدي إلى الفرص الضائعة، ثم المدخل الرابع ممثلا في الديمقراطية، فضلا عن المدخل الخامس ممثلا في العناصر غير الاقتصادية للتنمية.