حتى نكون منصفين فالمنتخب الجزائري لم يكن قويا كما تخيلناه، لكن من ناحية أخرى بدا واضحا أن منتخبنا الوطني مغلوب على أمره وغير قادر على مجاراة الإيقاع الذي فرضه أبناء عبد الحق بنشيخة، فرغم أن المنتخب الجزائري نجح في تحقيق المراد، والفوز لأول مرة على جاره المغربي منذ أزيد من ثلاثة عقود، إلا أن ذلك لم يتأت ل «الخضر» بسبب قوتهم وأداءهم المميز على أرضية ملعب عنابة الممتلئ عن آخره بالحشود الجزائرية، كلما في الأمر أن أسود الأطلس تحولوا إلى أشبال وديعة يوم الأحد الماضي. لقاء الديربي المغاربي لم يف بوعوده من حيث الإثارة والتشويق، وخيب تطلعات الجمهورين المغربي والجزائري، ومخطئ من يعتقد أن المباراة شهدت أداء مبهرا لمحاربي الصحراء، حيث خيم الحذر الشديد على الطرفين رغم أن المنتخب الجزائري تقدم منذ الدقيقة الخامسة بهدف من ضربة جزاء مشكوك في صحتها... فالمنتخب الجزائري لم يفكر بالتقدم نحو مرمى نادر لمياغري لإضافة هدف ثان ينهي به أحلام المغاربة، مفضلا أن يركن إلى الدفاع والاكتفاء بالهجمات المرتدة، التي هي الأخرى لم تؤت أكلها أمام المنتخب المغربي، وهنا مكمن الضعف في المباراة. هدف قاتل في الدقيقة الخامسة كان كفيلا بتوجيه صفعة قوية للاعبين المغاربة، لكن صفعة غيريتس كانت أقسى وأشد، ولم يستطع معها هذا المدرب المحنك أن يحرك ساكنا رغم متسع الوقت الذي كان يسمح لمنتخبنا بالرجوع من بعيد وتعديل النتيجة، ولما لا قلب الطاولة على رفاق بودبوز؟! لم ينجح المنتخب في الاستفاقة من صدمة الهدف التي أفقدته التركيز ليقدم مباراة للنسيان، وواحدة من أسوء اللقاءات التي جمعت بين الجارين، بسبب الأداء الباهت من الطرفين خصوصا من أسود الأطلس، بينما لن تهتم الصحافة الجزائرية أو جماهير الخضر بمعاتبة منتخبهم على تواضع أدائهم والمستوى الهزيل التي قدمته أسماء رنانة (يبدة، بودبوز، غزال، جبور...) في رقعة الميدان. أما النقطة السوداء بالديربي المغاربي، فكانت تكليف الحكم الموريسي بإدارة مباراة أكبر من مستواه... خطأ يحتسب ضد الكونفديرالية الإفريقية التي لم تراع قيمة المباراة، لتسمح لحكم مغمور بأن يتسبب في مأساة كروية وليس فقط في تغيير مجريات لقاء كروي بارتكابه ذلك الخطأ الفظيع عندما احتسب ضربة جزاء مشكوك في صحتها بإشارة من حكم الشرط الذي يحمل نفس الجنسية، ولم يجد لاعبونا سوى الاحتجاج على هذا الحكم لإفراغ شحنات الغضب الزائدة بسبب السيناريو غير المتوقع، وتناسى هؤلاء اللاعبون المحترفون أنه كان بمقدورهم العودة من الخلف وتحطيم الحصن العاجي الذي فرضه عنتر يحيى ومهدي مصطفى وجمال مصباح وخالد لموشية، لكنهم اكتفوا بمشاهدة شاشة العرض وهي تعد في الدقائق وسط أداء مخيب طال الجميع سوى المدافع بنعطية الذي كان نقطة الضوء الوحيدة في صفوف المنتخب الوطني في صراع الضعفاء. حقا لم يكن كلا المنتخبين في الموعد، وبغض النظر عن نتيجة الخسارة التي أنعشت آمال الجزائريين، فإنها كشفت النقاب عن إصابة المنتخب المغربي بمرض هشاشة العظام الذي يصيب الفريق في كل مرة يدخل فيها غمار المنافسة القارية أو العالمية، إذ أن منتخبنا التي رشحته العديد من المنابر الإعلامية لالتهام ثعالب الصحراء فشل في تحقيق فوز كان سيضمن له جواز العبور إلى نهائيات أمم إفريقيا 2012... ولكن؟! كل هذا لم يتحقق، والبكاء على الأطلال لن يفيدنا في شيء، غير أن الواجب عمله في هذا الوقت من طرف المدرب إيريك غيريتس، أن يلملم أوراقه وهو المسؤول الأول عن هاته الهزيمة في نظر المغاربة، بسبب خياراته التي لم ترق البعض، ولن ننسى أن غيريتس وعد المغاربة بالظفر بنقاط المباراة كاملة من قلب عنابة، وها هو الآن يخلف الميعاد!!!