نبيل بنعبد الله: المغرب في حاجة إلى أن يمزج الملك سلطته بإمارة المؤمنين أكد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، على أن الملكية البرلمانية يجب أن يكون لها دور في المزج بين السلطة الدينية والسياسية للسهر على التوجهات الكبرى للبلاد، يكون فيها الملك هو الضامن للسيادة الوطنية والاستقلال الوطني. وأضاف أن دور لمؤسسة الملكية في المرحلة الراهنة يقتصر على التحكيم والتوجيه فيما يتعلق بالاختيارات الكبرى للبلاد، مبرزا أن الديمقراطية أضحت ضمن الثوابت المقدسة في المغرب. وأكد بنعبد الله، في لقاء تواصلي مع سكان مدينة سلا، أول أمس السبت، أن المرحلة التاريخية التي يعيشها المغرب تتطلب من الجميع البحث عن كيفية إعطاء مضامين حقيقية وملموسة لماهية الدستور الديمقراطي، مشيرا إلى أن المغرب وصل إلى مستوى يجعله قادرا على أن يؤطر لدولة ديمقراطية قوية ويضع الميكانزمات والآليات التي تتماشى مع هذا المطلب الذي يتعين أن تكون فيه المؤسسة الملكية، مؤسسة ديمقراطية مواطنة في تفاعلها مع المؤسسات الأخرى ومع المجتمع. ونفى الأمين العام ما راج حول توصل حزبه بمذكرة من لدن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بشأن الإصلاحات الدستورية، وقال «هذا كذب وبهتان، لم يتصل بنا أحد ولم يعرض علينا أي مذكرة من أجل الإصلاح الدستوري، ولو عرضت علينا لوقعناها». وكشف بنعبد الله أن مقترحات حزب التقدم والاشتراكية بشأن الإصلاحات الدستورية، تؤكد على أن المغرب يتحرك في أفق ملكية برلمانية متقدمة لها مكانتها المتميزة ضمن الملكيات البرلمانيات الموجودة عبر العالم، على اعتبار أنه ليست هناك ملكية برلمانية نمطية. وبحسبه، فإن المضامين التي يمكن إعطاؤها لنموذج الملكية البرلمانية التي ينشدها حزب التقدم والاشتراكية، يجب أن يكون لها دور في المزج بين السلطة الدينية والسياسية المحددة في السهر على التوجهات الكبرى للبلاد. وفسر بنعبد الله هذه المضامين في كون المغرب في حاجة إلى أن يمزج الملك سلطته بإمارة المؤمنين لأن هناك من ينازع في هذا المشروع ويتسترون وراء الدين للدفاع عن مشروع سياسي يناهض المشروع الديمقراطي. وأكد بنعبد الله أن حزب التقدم والاشتراكية، كحزب تقدمي ديمقراطي، له مرجعيته الخاصة تفرض عليه التدقيق في مثل هذه القضايا الحيوية، خاصة وأن الحقل الديني يهم جميع المغاربة ويضم عشرات الآلاف من الأئمة والعلماء والقيمين الدينيين والزوايا والمدارس العتيقة، وأن كل الأمور المرتبطة بهؤلاء متأصلة في مرجعية إمارة المؤمنين المجسدة في المؤسسة الملكية. وأوضح بنعبد الله أن حزب التقدم والاشتراكية يؤكد على ضرورة استمرار إمارة المؤمنين لأن المؤسسة الملكية في شكلها الحالي مؤسسة ترعى إسلاما منفتحا ومعتدلا يقوم على الديمقراطية والمساواة بين الرجل والمرأة، على عكس ما تروج له بعض الأوساط من قبيل جماعة العدل والإحسان التي تتحايل على الشعب، وخصوصا الشباب بالتظاهر بأنها مع مطالبهم بينما لا تؤمن بالمطالب الديمقراطية ولا بحقوق الإنسان كما تنص على ذلك أدبياتها، معربا عن استعداد حزب التقدم والاشتراكية للنقاش العلني مع هذه الجماعة حول المشروع الديمقراطي. واعتبر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن الملكية البرلمانية التي ينادي بها، يتعين أن يكون فيها الملك هو الضامن للسيادة الوطنية والاستقلال الوطني، وهو أمر طبيعي خاصة في ظل معركة المغرب من أجل استكمال وحدته الترابية في الشمال وفي ظل ما يعرفه واقع الصحراء المغربية. كما أكد على أنه من الطبيعي أن يكون للمؤسسة الملكية في المرحلة الراهنة دور التحكيم ودور التوجيه فيما يتعلق بالاختيارات الكبرى للبلاد، مشيرا إلى أن الديمقراطية أصبحت ضمن الثوابت والخيارات الكبرى في المغرب وأصبح الشعار الوطني هو «الله - الوطن - الملك - الديمقراطية»، وهو الأفق الذي يرى فيه حزب التقدم والاشتراكية سلطة وصلاحيات المؤسسة الملكية، كما أنه الأفق الذي يرى فيه معنى الملكية البرلمانية. وخارج ذلك، فكل السلط ذات الصلة بالشأن العام تعود للسلطة التنفيذية المجسدة في الوزير الأول والحكومة، على أن يجسد البرلمان مفهوم السيادة الشعبية بصلاحيات واسعة خاصة مجلس النواب الذي يتعين أن يكون فضاء للتشريع والقانون. وبخصوص دسترة مجلس الحكومة، قال بنعبد الله: « يتعين يكون بصلاحيات واسعة للمصادقة على العديد من الأمور، على أن ينعقد المجلس الوزاري بانتظام مرة في الشهر وإذا تعذر ذلك يفوض الملك للوزير الأول صلاحية عقده. وأن تخضع مجموعة من القرارات للتوقيع بالعطف من قبل الوزير الأول، وأن يكون مجلس الوزراء هو الذي يرسم بشكل نهائي كل التعيينات التي تتم في البلاد خاصة منها المناصب السامية في الوظيفة العمومية». وضمن المقترحات التي يرفعها حزب التقدم والاشتراكية، جعل مجلس النواب ينفرد بالتصويت لإعطاء الثقة للحكومة وصلاحية حجب هذه الثقة، على أن تحذف هذه الصلاحية من مجلس المستشارين الذي يتعين أن يكون فعلا مجلسا للحكماء وأن لا يتجاوز 100 مستشار منبثق من الرؤية الجديدة للجهوية الموسعة. من جانب آخر، ركز الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، على ضرورة التنصيص على أن الأحزاب السياسية تسعى إلى تدبير الشأن العام وأن لا يقتصر الأمر على الجانب التأطيري للمواطنين كما هو الشأن في الدستور الحالي، على أن يتم التأكيد، بالإضافة إلى الحقوق السياسية، على الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وهو ما يتعين معه، حسب بنعبد الله، إدراج مجموعة من المفاهيم في الدستور المرتقب، كمفهوم الحق في التضامن والتكافل الاجتماعي بشكل يجعل الدولة تضمن الحد الأدنى من التكافل لأبناء الوطن. وبخصوص المسألة الأمازيغية، يقترح حزب التقدم والاشتراكية دسترتها باعتبارها لغة رسمية مع ضبط مرحلة انتقالية، كما يقترح دسترة جميع المؤسسات التي تدخل في إطار مكافحة الفساد والرشوة وحماية الشفافية في العلاقات الاقتصادية، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يعطيها قوة دستورية تمنحها صلاحيات واسعة من شأنها أن تضطلع بدور أساسي في بناء مجتمع تحكمه علاقة قائمة على الشفافية والنزاهة. بالإضافة إلى ضمان استقلالية حقيقية للقضاء بالتنصيص على السلطة القضائية في الدستور إلى جانب السلط الأخرى، وحذف نيابة وزير العدل للمجلس الأعلى للقضاء لأن ذلك يعد تداخلا بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية.