احتضنت مدينة فرانكفورت مؤخرا الدورة الأولى لملتقى المبدعين المغاربة في ألمانيا، تحت شعار: الإبداع بين الهوية والهجرة، من تنظيم الجمعية المغربية الألمانية للثقافة والاندماج بشراكة مع مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج وبتنسيق مع جامعة المبدعين المغاربة. الملتقى الذي يعد الأول على مستوى ألمانيا، عرف حضورا قويا لمثقفين ومبدعين ومهتمين بمجال الإبداع والهجرة في ألمانيا كما عرف حضور القنصلة العامة للمملكة المغربية بفرانكفورت بثينة الكردودي الكلالي. المبادرة تعد فرصة للقاء والتعارف و مناقشة قضايا الإبداع وعلاقته بالهوية ومدى تأثير عامل الهجرة عليه، حيث أجمع المتدخلون في ندوة ونقاش مفتوح كان عنوانه: “الإبداع بين الهوية والهجرة” على قيمة الهوية المغربية وحضورها القوي في الإبداع المغربي في ألمانيا والدور الإيجابي الذي يمكن للمبدع أو المثقف أن يلعبه من أجل تقديم بلده و تعزيز الروابط الثقافية بينه وبين المجتمع الألماني. وفي كلمتها الافتتاحية، أكدت ناديا يقين رئيسة الجمعية المغربية الألمانية للثقافة والاندماج على أن هناك إيمانا كبيرا بكون المثقف أو المبدع وسيطا حقيقيا يمكنه تغيير الصور النمطية عن الجالية المغربية في ألمانيا. الندوة كانت أيضا فرصة للحديث عن تجارب الإبداع وعلاقتها بالوطن الأم، سواء بالنسبة للمبدعين الذين ولدوا في ألمانيا أو الذين هاجروا إليها في مراحل لاحقة، كما كان مناسبة للدعوة إلى ضرورة خلق خلية تجمع المثقفين والمبدعين المغاربة في ألمانيا لتكون وسيطا ثقافيا يمثل المغرب، مع ضرورة انفتاح المؤسسات المغربية على هاته الطاقات ودعمها وإشراكها في برامجها الثقافية والفنية سواء في ألمانيا أو المغرب. ومن جهتها أكدت بثينة الكردودي الكلالي القنصلة العامة بفرانكفورت، في كلمة ألقتها بالمناسبة على أهمية وقيمة مثل هاته اللقاءات وضرورة تشجيعها ودعمها، لأنها تؤسس للديبلوماسية الثقافية، كما تبرز الوجوه المغربية المبدعة في ألمانيا. كما أثنت القنصلة على اللقاء لأنه نجح في الاحتفال بالفنون السبعة من مسرح، فن تشكيلي، شعر، رواية، طرب وطبخ، بالإضافة إلى أنه نجح أيضا في إبراز جمالية وتميز الثقافة المغربية من خلال تنوع المشاركات وحضور اللغتين الرسميتين معا العربية والأمازيغية. التقت الحواس وامتزجت الألوان بالصوت والعين من خلال معرض للفن التشكيلي، شاركت فيه فنانات تشكيليات مقيمات في ألمانيا، ينتمين إلى مدارس فنية مختلفة كالفنانات التشكيليات حكيمة أو عميرى، حنان التاقي، نعيمة كرونا ووسام القرطبي. كما شاركت فرقة النسيم للمسرح بعرض مسرحي ” عاشور أحسن من الياجور” وهي مسرحية تتناول صراع بعض الآباء من الجيل الأول مع أبنائهم ومأساة الاستثمار في الجدران بدل الأبناء، ورغبة هؤلاء في اكتشاف المغرب ومدنه والتشبع بالتراث المغربي المتنوع. كما أبدع الشاعر كريم الغازي في قصيدة جعل النخلة فيها تيمة لارتباطه بوطنه. وبالأمازيغية سافر الشاعر كريم أرميشي بالحضور من خلال قصائد تحكي عن الهوية، وأيضا من خلال حفل توقيع روايته باللغة الألمانية التي تحكي عن تجارب أشخاص مهاجرين في ألمانيا. أما الشاعرة نجاة الكاضي من فرنسا والتي كانت ضيفة الملتقى فقد ناجت نهر ” الرون” الشهير في فرنسا وكأنه صورة من نهر سبو. أما في صنف الرواية، فقد فضل الكاتب والروائي نورالسعيد الحموشي قراءة جزء من رواية قيد الطبع، اختار لها عنوان: “عذرا يا دنيا” وهي رواية اشتغل فيها على تيمة القبيلة والهوية المغربية والهجرة. ولكي يكتمل السفر الإبداعي شارك الحكواتي نافع العافي بحكاية تؤرخ لهجرة الجيل الأول الذي كان لا يعرف القراءة ومشاكل التعايش والاندماج في ذلك الوقت. من جهته أطرب الفنان عادل سلطان الحضور بأغاني مغربية خالدة، كما قدم سفير الطبخ المغربي في ألمانيا بومدين زاوزاو أطباقا مغربية بلمسة أوروبية. ملتقى المبدعين المغاربة في ألمانيا حسب الحضور نجح في أن يلم شتات الكثير من المبدعين، وعزز الفكرة القائلة بأن المبدعين المغاربة في المهجر يختلفون ويتعددون في الأشكال الإبداعية والفنية، لكنهم يلتقون ويتفقون على أن الهوية المغربية هي الرافد الرئيسي لإبداعاتهم في المهجر.