تضاء في وقت واحد، مساء هذا اليوم، كل مسارح مقاطعات الدارالبيضاء الكبرى ومدن الجهة (سطات، الجديدة، المحمدية، برشيد..)، مع انطلاق الدورة الثانية للمهرجان الجهوي الثاني للمسرح الاحترافي، الذي تنظمه جهة الدارالبيضاء – سطات بشراكة مع مسرح الكاف، ويتواصل حتى السابع عشر من نونببر الجاري. وقد أعلنت اللجنة المنظمة لفعاليات الدورة الثانية للمهرجان، أول أمس، في لقاء مع الصحافة انعقد بمقر جهة الدارالبيضاء، أن المسابقة ستتضمن تقديم ستة عروض مسرحية في كل من مسرح محمد السادس الدارالبيضاء، ومسرح سيدي بليوط، والتي سيتم تقييمها من طرف لجنة تحكيم يترأسها الكاتب والناقد المسرحي القدير المسكيني الصغير، ويتكون أعضاؤها من فنانتين محبوبتين هما سعاد خيي وثريا العلوي يتوسطهما الكاتب المسرحي والصحافي الحسين الشعبي، فيما سيتواصل هذا العرس المسرحي بتقديم أحد عشر عرضا مسرحيا خارج المسابقة على عشر خشبات موزعة على تراب الجهة. وتميز هذا اللقاء الصحفي الذي أثثته وجوه معروفة في الساحة الفنية، إضافة إلى ممثلي وسائل الإعلام، وساده نقاش هادىء، بالكلمة التي ألقاها مدير المهرجان الفنان المسرحي عبد الإله عاجل، والتي أكد فيها أن تنظيم هذا النوع من المهرجانات “نهدف من خلاله إلى توجيه رسالة إلى باقي الجهات من أجل النهوض بقطاع المسرح”، لاستعادة ديناميته التي تراجعت في السنوات الأخيرة. وأشار عبد الإله عاجل، أن هناك العديد من الرواد والكتاب يشتغلون في صمت ويقدمون التضحية تلو الأخرى، ولا يعرفهم أحد، مضيفا أنه من هذا المنطلق، جاءت فكرة إنشاء مهرجان بالعاصمة الاقتصادية التي كانت تمثل المسرح الوطني في سبعينيات القرن الماضي. وشدد عاجل، في حديثه، على ضرورة مراعاة عدة شروط، فيما يخص العروض المسرحية، مشيرا إلى أن بعض الفرق المسرحية تتلقى الدعم دون أن تقدم أي عرض مسرحي، بينما هناك فرق أخرى تشتغل في ظروف قاسية، حيث قال “هناك ما يناهز 50 فرقة مسرحية بالدارالبيضاء، لا نعلم متى تشتغل وأين ومتى تقدم هذه العروض”. وقد طرحت كلمة عبد الإله عاجل العديد من الأسئلة التي ظلت مفتوحة على واقع الممارسة المسرحية بالدارالبيضاء وإكراهاتها، مذكرا بماضيها المشرق، وواقعها الذي صارت تعبث به بعض الأيادي المتطفلة على الميدان، والتي لا تمثل سوى نفسها، فيما أشاد بالطاقات الشابة، والتجارب المسرحية المتميزة التي يخوضها بعض هؤلاء الشباب والذين يستحقون كل التشجيع. وقد نوه مدير المهرجان، في كلمته، بالداعمين والمساهمين في هذه التظاهرة الثقافية التي انطلقت خلال دورتها الأولى تحت شعار مصالحة الجمهور مع المسرح، بينما تشهر في نسختها الحالية نداء يهدف للتواصل مع المسرح والدخول معه في نقاش يكون مثمرا في المستقبل المنظور، ويتضمن من جهة ثانية دعوة للتواصل والغوص في سرية الممارسة المسرحية واكتشاف جمال الإبداع وسحر الفرجة. واعتبرت اللجنة المنظمة أن “التواصل مع المسرح وبالمسرح وخدمة للمسرح يندرج في إطار تنزيل الجانب الثقافي والفني المتوخى من فكرة الجهوية المتقدمة والموسعة، لكون جهة الدارالبيضاءسطات تعتبر متحفا وطنيا يحتوي الموروث الثقافي والفني المتنوع والغني لهذه الجهة على عدة مستويات”. وسوف تحتفي هذه الدورة في زاوية التكريم بالفنان المسرحي محمد التسولي، باعتباره أحد رواد المسرح المغربي بجهة الدارالبيضاءسطات. فيما ستنظم، على هامش الدورة، ندوات تواصلية بين المبدعين وعموم الجهور والمهتمين، ومعرض للكتاب المسرحي، سيتم في فضائه توقيع كتب متميزة لمبدعين يمثلون مبدعي الجهة من بينهم المخرج عبد الواحد عوزي، والكاتب محمد فرح، والممثل المسرحي والسينمائي، الصديق مكوار. وقد جاء في بلاغ سابق للجنة المنظمة، “أن العبور من المصالحة إلى التواصل، والذي امتد بين الدورتين سمح بالانفتاح على الفرق المسرحية للجهة وإبداعاتها المتنوعة، وجرى إعداد إقصائيات جهوية عبارة عن مهرجان محلي عبر مدن الجهة في مارس 2019 واختير فيه من يمثل تلك المدن في المهرجان”. تنطلق إذن، الدورة الثانية للمهرجان الجهوي الثاني للمسرح الاحترافي، في حلة جديدة، تحتفي بأب الفنون، محاولة من خلالها ربط الماضي المشرق للممارسة المسرحية البيضاوية، بحاضر يحاول النهوض بعد فترة من الركود المزمن، مستشرفا مستقبلا واعدا بالعطاء.