عبر نقباء ورؤساء سابقون لجمعيات هيئات المحامين بالمغرب، في رسالة موجهة إلى الرأي العام وإلى كل المحميات والمحامين، عن رفضهم، المطلق، لمقتضيات المادة 9 الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2020 والمتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية ضد الدولة، حيث نصت “أنه في حالة صدور قرار قضائي نهائي اكتسب قوة الشيء المقضي به يدين الدولة بأداء مبلغ معين، يتعين الأمر بصرفه داخل أجل أقصاه ستون يوما ابتداء من تاريخ تبليغ القرار القضائي في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية”. وأعتبر النقباء عبد الرحمان بنعمرو، وعبد الرحيم الجامعي، ومحمد مصطفى الريسوني، وادريس شاطر، وادريس أبو الفضل، وامبارك الطيب الساسي، وحسن وهبي، أن مقتضيات المادة التاسعة من مشروع قانون المالية، تلاعبا بأحكام القضاء ضد الدولة، مؤكدين رفضهم لهذه المادة التي جاءت ب “أخطر المقتضيات التي ستغتصب مصداقية القضاء ومصداقية أحكامه ضد الدولة وستقوض أحد المقومات الأساسية لدولة القانون” وفق ما جاء في رسالة الرؤساء السابقين لجمعيات هيئات المحامين بالمغرب. وأورد المصدر ذاته، أن المادة التاسعة من قانون المالية ستقتل ما بقي من ثقة للمواطنين وللمتقاضين وللمحامين في القرارات والأحكام الصادرة عن القضاء من مختلف درجاته، حيث منحت المادة ذاتها، للدولة وللإدارة المحكوم عليها، وللمحاسبين التابعين لها، سلطة فوق سلطة القضاء، وقوة فوق قوة قراراته، وأعطت الإدارة حق التصرف في تنفيذ الأحكام حسب نزواتها، وميولاتها وصلاحياتها التحكمية سواء لتنفيذ الحكم أو تأجيل التنفيذ لسنوات دون تحديد ولا آجال. كما أن مقتضيات هذه المادة، وفق رسالة النقباء، منعت صراحة وقطعا الحجز عن أموال الإدارة وميزتها على بقية المتقاضين، وبذلك تكون المادة التاسعة، وتكون الحكومة معها، تضيف الرسالة، قد أبانت عن موقفها التحكمي في النهاية ضد المرفق القضائي، أولا، وقررت فتح النار ضد قرارات المحاكم الإدارية الشجاعة، التي أطلقت اجتهاداتها بجرأة قضائية مثالية، وأصبحت تصدر أحكامًا بالحجز على أموال الإدارة بين يدي المحاسبين ولتقول للإدارة ولأعوانها انتم والمتقاضين سواء أمام القانون، وأن القضاء الإداري يمنع التعامل بالتمييز مع أطراف الدعوى، فضلا أن القضاء الإداري لم يوجد أصلا كما تعلم الدولة والحكومة ، سوى للتصدي للقرارات الجائرة و للشطط وللتعسف الإداري. ووصف رؤساء جمعيات هيئات المحامون السابقون، ما جاء في المادة التاسعة من مشروع قانون المالية ب”الفضيحة السياسية والقانونية والمسطرية” وأنها تشكل في حالة إقرارها، ضربة قاضية ضد سيادة واستقلال القضاء، وبداية الانهيار القضائي، مطالبين من هيئات المحامين عدم السكوت أمامها لأن تنفيذ الأحكام ضد الدولة ليس منحة بل هو واجب مفروض عليها وعلى كل محكوم عليه على السواء كما حددته قواعد المسطرة المدنية، وكما فرضته المادة 126 من دستور المغرب. كما طالب هؤلاء النقباء، من مختلف البرلمانيين رفض هذه المادة، وطالبوا من الحكومة سحبها، ومن وزارة العدل الدفاع عن الأحكام وعن تنفيذها دون عرقلة من الدولة ولا ومن غيرها، كما طالبوا من السلطات القضائية الدفاع عن أحكامها لأنها هي المسؤولة عن تنفيذها وعن فرض احترام القرارات النهائية. وعبر النقباء في رسالتهم ومعهم كل المحامون، عن أسفهم لكون أول هدية من الحكومة الجديدة هي مقتضيات تزيد من احتقار القرارات الصادرة باسم الملك ضد الدولة، عوضا أن تعلن في أول ميزانية لها أنها ستضرب بقوة على من يتلاعب بتنفيذ الأحكام وأنها ستكون مستقبلا السباقة إلى التنفيذ بمجرد النطق بالحكم، معتبرين أن مقتضيات هذه المادة تمثل وجها للاستبداد الحكومي.