بدأت رقعة الاحتجاج على مشروع قانون الميزانية لسنة 2020، الذي جاءت به حكومة سعد الدين العثماني، وخصوصا ما تعلق بعدم الحجز على أموال وممتلكات الدولة بالرغم من صدور أحكام قضائية، تتسع؛ فقد دخل على الخط قضاة المملكة، معبرين عن رفضهم لمقتضيات المادة التاسعة من المشروع المذكور. ونصت المادة التاسعة من مشروع قانون الميزانية، الذي قدمته الحكومة برسم سنة 2020، على أنه "لا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن تخضع أموال وممتلكات الدولة للحجز". واعتبر قضاة المملكة، المنضوون تحت لواء "نادي قضاة المغرب"، أن ما ذهبت إليه حكومة العثماني، من خلال المادة التاسعة، "يشكل مسا واضحا بمبدأ فصل السلط، واستقلالية السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما هو منصوص عليه في الفصلين 1 و107 من الدستور". وندّد القضاة، الذين خصصوا اجتماع مكتبهم التنفيذي لتدارس هذه النقطة، بمضامين المادة المذكورة، معتبرينها "آلية تشريعية لإفراغ الأحكام والمقررات القضائية الصادرة في مواجهة الدولة والجماعات الترابية من محتواها وإلزاميتها؛ خلافا للفقرة الأولى من الفصل 126 من الدستور، الذي ينص على "أن الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع"، دون تمييز بين أطراف الدعاوى المتعلقة بها". وبعد تأكيد نادي قضاة المغرب على أن مقتضيات المادة المذكورة تخالف الدستور، سجل المصدر نفسه أنها "مخالفة للتوجيهات الملكية السامية التي ما فتئت توصي بضرورة وأهمية تنفيذ المقررات القضائية وجريان مفعولها على المحكوم ضدهم، بما في ذلك الإدارة وكل مرافق الدولة، في إطار المبدأ الدستوري القاضي بمساواة الجميع أمام القانون والقضاء". ودعا النادي، في بيان له، السلطة التشريعية إلى "إعادة النظر في مقتضيات المادة التاسعة، لما تشكله من تراجع واضح عن المكتسبات الحقوقية الدستورية، ومس باختيارات المجتمع المغربي، ملكا وشعبا، في بناء مقومات دولة الحق والقانون"، مناشدا "الإدارة إلى إعطاء القدوة في تنفيذ المقررات القضائية واحترام مقتضياتها". واحتجاجا على مشروع قانون الميزانية لسنة 2020 أيضا، خرج رؤساء سابقون لجمعية هيئات المحامين بالمغرب، معبرين عن رفضهم التلاعب بأحكام القضاء ضد الدولة، معتبرين المادة التاسعة من مشروع القانون المذكور "ستغتصب مصداقية القضاء ومصداقية أحكامه ضد الدولة، وستقوض أحد المقومات الأساسية لدولة القانون، وفي النهاية ستقتل ما بقي من ثقة للمواطنين وللمتقاضين وللمحامين في القرارات والأحكام الصادرة عن القضاء من مختلف درجاته". ولفت النقباء إلى أن حكومة العثماني، من خلال هذه المادة، "أبانت عن موقفها التحكمي في النهاية ضد المرفق القضائي أولا، وقررت فتح النار ضد قرارات المحاكم الإدارية الشجاعة التي أطلقت اجتهاداتها بجرأة قضائية مثالية، وأصبحت تصدر أحكامًا بالحجز على أموال الإدارة بين يدي المحاسبين ولتقول للإدارة ولأعوانها أنتم والمتقاضين سواء أمام القانون، وأن القضاء الإداري يمنع التعامل بالتمييز مع أطراف الدعوى، فضلا عن أن القضاء الإداري لم يوجد أصلا كما تعلم الدولة والحكومة سوى للتصدي للقرارات الجائرة وللشطط وللتعسف الإداري". وتنص المادة التاسعة المثيرة للجدل من مشروع قانون الميزانية لسنة 2020، الذي جاءت به حكومة سعد الدين العثماني، على أنه "يتعين على الدائنين الحاملين لسندات أو أحكام قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة ألا يطالبوا بالأداء إلا أمام مصالح الآمر بالصرف للإدارة العمومية"، أي دون اللجوء إلى القضاء.