عرفت مجموعة من الكتب المدرسية خلال هذه السنة تغييرات في المضمون، حيث تم طبع ونشر كتب جديدة بعد إدخال بعض التحيينات عليها، من طرف مديرية المناهج بوزارة التربية الوطنية، غير أن هذه العملية أربكت الدخول المدرسي لهذا الموسم، نظرا للتأخر الذي شهدته عملية الطبع والتوزيع، وكذا ندرة الكتاب في المكتبات. ومنذ بداية هذا الموسم اشتكى آباء التلاميذ وأرباب المكتبات من عدم وجود الكتاب المدرسي، الأمر الذي دفع العديد منهم إلى الاحتجاج على التأخر في إخراج الكتب المدرسية إلى السوق، وعدم أخذ الوقت الكافي في التحيين والطبع. وإذا كان الآباء والكتبيون، يشتكون من الارتباك الذي حصل في توفير الكتب المدرسي، فإن أطر وهيئات التدريس والتفتيش هي الأخرى، تضررت من هذا التأخر لا سيما وأن الكتاب المدرسي، هو الوسيلة الوحيدة للتواصل بين التلميذ والأستاذ. غير أن الممارسين في الحقل التعليمي، ليست لديهم ملاحظات متعلقة بما هو تقني ولوجيستيكي، بل أيضا ذهبوا إلى مناقشة الجديد في هذه الكتب المدرسية، وما هي التحيينات التي أدخلت على مضامينه ومحتواه، سواء تعلق الأمر بالنصوص، والصور، والأسئلة، وكذا القيم التي حملها. وفي هذه الورقة يقدم كتبيون، وكذا فاعلون في الحقل التعليمي رؤيتهم ووجهات نظرهم في هذه التغييرات التي أدخلت على الكتب المدرسية، من خلال تقديم بعض الملاحظات المنهجية على هذه الكتب خصوصا في الشق المتعلق بعملية التدريس. الكتاب المدرسي وإشكالية القيم قد يتهيأ للبعض أن إثارة موضوع كموضوع القيم بطابعه الفلسفي، السوسيولوجي والتربوي، في علاقته مع الكتاب المدرسي هو بمثابة إسقاط تعسفي لمكون اجتماعي وثقافي ذي طبيعة شمولية على أرضية إجرائية مادية، قد لا يتناسب مع المعطيات الحالية لما تعانيه التربية في هذا الموضوع. فصحيح، من الناحية النظرية، أن الكتاب المدرسي ليس إلا دعامة مساعدة للفاعل التربوي يمكنه التخلي عنه وتعويضه بما يناسب التوجهات الرسمية وما يحقق الأهداف. إلا أنه من الناحية الإجرائية الميدانية، ولإكراهات عديدة، يبقى الكتاب المدرسي هو الدعامة الرئيسة لكل فعل تربوي إن لم نقل أنه دعامة مرجعية للممارسة الصفية. إن المتصفح للكتب المدرسية التي شملها التجديد وكذلك تلك التي لم يشملها بعد، في مختلف الأسلاك، من حقه أن يتساءل حول المرجعية التي تبنتها الوزارة الوصية في تحديد مفهوم القيم، وماهية مختلف أشكال وتحديدات هذه القيم، فعندما نتحدث مثلا عن الانضباط والصرامة والحرية، فقد اختلفت المدارس في تعريفها، فالمدرسة الفرنسية وضعت لها تأطيرا ينطلق من قناعة راسخة بتفوق البنية والعقد الاجتماعي. بخلاف المدرسة الألمانية التي آمنت بالحرية داخل المجال العام وعلاقته بالمجال الخاص وغيرها من التقسيمات المجالية المجردة التي تعبر على مستويات متفاوتة من الحرية الحاملة للطبيعة المناهضة للتدجين الرسمي. أما المدارس الأمريكية فقد جعلت من قيمة الحرية منبتا ومنبعا للمساواة ومناهضة العنصرية والتشتت الاجتماعي، كل مدرسة من هذه المدارس أعطت مفهوما متفردا لهذه القيم يناسب الحاجات الاجتماعية والظروف السياسية والاقتصادية لمجتمعاتها، ولا يمكن أن ننسى المدرسة الإسلامية التي ربطت المفهوم بالعقيدة والتي، عكس المدارس الأخرى، انطلقت من نموذج مثالي للقيم، نموذج لا يقبل التكييف مع الظروف، إنما يطالب المجتمعات أن ترتقي لمستوى تمثلها لخصوصية المفهمة العقدية للحرية وللانضباط وللانتماء ولغيرها. إن تأملنا للكتاب المدرسي يجعلنا نتساءل عن المرجعية العلمية التي تبنتها الوزارة الوصية والتي أجرأتها داخل نصوص وعتبات وموازيات أثثت صفحات الكتب المدرسية. وهل يمكن تبني إحدى هذه المرجعيات وغيرها دون إعادة قراءتها ووضعها في السياق المغربي الصرف ؟ من جهة أخرى فعندما نتحدث عن قيمة المواطنة كقيمة أساسية فنحن مطالبون بتجسيدها على مستوى الشكل والمضمون، وألا يكون تصورنا لهذه القيمة على أنها مجرد ترسانة من الحقوق، الواجبات، والقوانين. على العكس فالمواطنة هي قيمة مرتبطة بالاندماج الاجتماعي عبر مدخله الأساسي وهو المكون الثقافي. وهنا نسائل الكتاب المدرسي حول تمثيلية حضور مختلف فروع الثقافة المغربية العربية الأمازيغة الإسلامية فيما يخص النصوص والصور. وكيف يمكن أن نجسد مفهوم المواطنة دون استحضار لمفاهيم وقيم الاحترام والتربية وكذلك الانتماء في الموروث الأمازيغي العربي الإسلامي. يمكن أن نعتبر أن موضوع الكتاب المدرسي بمثابة أرضية موضوعية وملموسة نستطيع من خلالها قياس مدى إمكانية تجسيد مختلف التمظهرات السلوكية والاتجاهات النفسية المرتبطة بالقيم. ولا يمكن أن نزعم أن إعادة تجديد هذا المعين الديدكتيكي قادر على ضمان نقل قيم المدرسة نحو الشارع إلا إذا أصبحت القيم مدخلا لتحقيق التنمية المستدامة. ففي حقيقة الأمر فما تعيشه منظومة القيم من تشتت واضح وعيوب على مستوى الشكل والمضمون وتشوه على مستوى المفاهيم راجع بالأساس لافتقادنا لمشروع مجتمعي متكامل يشغل فيه النموذج القيمي حيزا مهما، نموذج متفق حوله يحدد من خلال إطار مرجعي دور مختلف المؤسسات وأشكال تدخلها ومعايير تقويم ممارستها. لكي ننقل النقاش إلى مستويات أكبر ويصبح دور الوزارة الوصية، ليس تحديد النموذج القيمي بقدر ما سيكون موجها نحو آليات تنزيله وتجسيده بشكل يضمن نقل قيم المدرسة إلى الممارسة اليومية ويسهل طرق ضبط وتقييم الخلل. خالد شطاحي باحث تربوي *** حضور الأقسام المشتركة في الكتاب المدرسي المنقح تعد المدرسة أهم الآليات والأدوات التي تراهن عليها الدول الحديثة لإرساء سياساتها، ولتمرير خطاباتها الفكرية والقيمية المراد ترسيخها لدى شعوبها. ويقع الكتاب المدرسي موقع الصدارة في آليات هذا التنزيل، لما يتضمنه من محتويات تنتظم وفق بناء محدد وتستجيب لحاجيات كل فئة عمرية على حدة، آخذا بعين الاعتبار خصائص نموها العقلي والمعرفي والمهاري. فكيف عرف التربويون هذه الوثيقة ؟ وما دور الكتاب المدرسي في تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين أبناء المغاربة في البوادي والحواضر ؟. يعرف (فرانسوا ريشودو) الكتاب المدرسي بأنه: “مطبوع منظم للاستعمال في عمليات التعلم والتكوين المتفق عليها”. وهو ما يعززه (آلان شويان) بالقول: “الكتاب المدرسي في عمومه يحيلنا على كل مؤلف معد لأغراض تعليمية وهو بذلك موجه لكل التلاميذ ولجميع المستويات والشعب وإلى المدرسين كذلك”. ومن التعريفين يمكننا أن نستخلص أن الكتاب المدرسي ركن أساسي يعكس مضامين المنهاج ويترجم مستويات البنية التعليمية وتمفصلاتها لكونه معدا وفق معايير دقيقة يتكامل فيها السيكولوجي والاجتماعي والتربوي. فعلى المستوى السيكولوجي، يفترض في الكتاب المدرسي أن يتخذ الحاجيات النفسية للمتعلم منطلقا لمضامينه، ويراعي الفروق الفردية بين متعلمي الفصل الواحد. أما على المستوى الاجتماعي فهو حامل للقيم الثقافية والفكرية التي يراد نقلها من جيل إلى جيل بشكل منظم وواع، تميز مجتمعا عن آخر وتحافظ على هويته. وأما على المستوى التربوي فإن الكتاب المدرسي يعد تنزيلا لمختلف المقاربات البيداغوجية والديداكتيكية التي يعتمدها المنهاج، سواء من حيث اختيار المضامين، أو تدرجها في بناء المفاهيم، مما يسمح بتحقيق غايات وأسس النظام التربوي المغربي، وفق ما نصت عليه الفقرة السابعة من الميثاق الوطني للتربية والتكوين، إذ ينبغي لهذا النظام أن ينهض بوظائفه كاملة اتجاه الأفراد والمجتمع “وذلك بمنح الأفراد فرصة اكتساب القيم والمعارف والمهارات التي تؤهلهم للاندماج في الحياة العملية، وفرصة مواصلة التعلم كلما استوفوا الشروط والكفايات المطلوبة، وفرصة إظهار النبوغ كلما أهلتهم قدراتهم واجتهاداتهم، وبتزويد المجتمع بالكفاءات من المؤهلين والعاملين الصالحين للإسهام في البناء المتواصل لوطنهم على جميع المستويات. كما ينتظر المجتمع من النظام التربوي أن يزوده بصفوة من العلماء، وأطر التدبير ذات المقدرة على ريادة نهضة البلاد عبر مدارج التقدم العلمي والتقني والاقتصادي والثقافي”. ولتحقيق ما سبق ذكره، نص الدستور المغربي لسنة 2011 في ديباجته على مبادئ الكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص، كما نص في الفصل الخامس والثلاثين منه على أن الدولة تسهر على ضمان تكافؤ الفرص للجميع، والرعاية الخاصة للفئات الاجتماعية الأقل حظا. فهل يحقق الكتاب المدرسي بمواصفاته الحالية هذا المبدأ بين متعلمي الحواضر والبوادي ؟ ونحن نعلم أن ارتفاع نسبة الأقسام المشتركة بالعلم القروي التي تجاوزت %)22 (من مجموع أقسام التعليم الابتدائي حسب الاحصائيات الصادرة عن مديرية الإستراتيجية والإحصاء والتخطيط. وهنا تطرح إشكالية تنزيل مبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص، الذي يسعى النظام التربوي المغربي إلى تحقيقه من خلال خيار الأقسام المشتركة، ضمانا لتعميم التمدرس في البوادي. وهذا ما راهنت عليه أيضا بعض الأنظمة التربوية الغربية، معتبرة الأقسام المشتركة خيارا استراتيجيا لتحقيق غايات وأسس نظامها التربوي بجودة تفوق الأقسام المستقلة، وذلك بما أعدته لهذا الخيار من شروط النجاح. إذ يعد الكتاب المدرسي عمودها الفقري عبر مراعاته لخصوصيات هذه الأقسام من حيث المضامين كما ونوعا وترتيبا ومن حيث التناول الديداكتيكي في علاقته بالغلاف الزمني وبالممارسة الصفية مستقلة كانت أو موجهة.. إن كان هذا على المستوى النظري وطموح كل المهتمين بالشأن التربوي، فإن واقع نظامنا التربوي المغربي، بالرغم من التعدد الذي عرفته ساحة تأليف الكتاب المدرسي، إلا أن جميع المؤلفين تجاهلوا إنتاج كتاب مدرسي يراعي خصوصية الأقسام المشتركة، ليترك الأستاذ بين مطرقة تحقيق الأهداف المسطرة، وسندان الغلاف الزمني الذي يتقاسمه أكثر من مستوى تعليمي. مما يعلل تدني مستوى التحصيل في هذه الأقسام وارتفاع نسبتي التكرار والهدر المدرسي. الأمر الذي يفسر نفور الأساتذة من تدريس هذه الأقسام، لما تطرحه من صعوبات على جميع المستويات: تخطيطا، وتدبيرا، وتقويما، ودعما. فجميع مدرسي الأقسام المشتركة يشكون من صعوبة عملية تكييف المحتوى وتدبير الدروس. فبالرغم من أن الكتاب المدرسي ليس سوى فرضية لتصريف المنهاج الرسمي، حيث لا ينبغي التعامل معه على أنه المنهاج نفسه، بل هو أداة مساعدة فحسب، وأن الوزارة راهنت على إبداعية الأستاذ وخبرته وتجربته في تدبير هذا الإكراه، فهذه الفرضية تكون صحيحة إن خضع الأستاذ(ة) المدرس(ة) إلى تكوين أساسي متين وتكوين مستمر ومواكبة دائمة. وهنا يتساءل المتتبع للشأن التربوي المغربي كيف للوزارة أن تراهن على خبرة و تجربة عشرات الآلاف من الأساتذة الذين تم الزج بهم في أقسام أغلبها مشتركة، دون تكوين أساس متين، ولا حتى كتاب مدرسي معين. عاطف الكرجي باحث تربوي *** تعدد الكتاب المدرسي.. ورش لم يكتمل منير الحدادي عضو فريق التجديد التربوي يجمع كل المهتمين بقطاع التربية والتكوين على أن الكتاب المدرسي في المنظومة التربوية المغربية عرف تطورا ملموسا شكلا ومضمونا نتيجة تعاقب مراحل متنوعة ومحطات متتالية. فمباشرة بعد الاستقلال، انخرط المغرب تلقائيا في تجربة تعدد الكتب المدرسية المستوردة من فرنسا وبعض الدول العربية، غير أنها سرعان ما أقبرت تماشيا مع التوجهات السياسية للبلاد آنذاك حيث استبدلت بالكتاب الوطني الموحد الذي عمر لزمن مهم. خلال هذه المرحلة، وجهت للتجربة بعمومها انتقادات حادة وتمت المطالبة الصريحة بتحريره من هيمنة التأليف الرسمي والدعوة إلى إرساء نظام تعددية الكتاب المدرسي. مع الميثاق الوطني للتربية والتكوين، استبشر الفاعل التربوي خيرا مما جاء في مجاله الثالث الخاص بجودة التربية والتكوين من خلال الدعامة السابعة المخصصة لمراجعة البرامج والمناهج والكتب المدرسية والوسائط التعليمية وخاصة المادة 108 التي تنص على أنه «اعتبارا لكون سلطات التربية والتكوين مسؤولة عن تحديد مواصفات التخرج والأهداف العامة والمراحل الأساسية لتدرج المنهاج والبرامج المدرسية، فإن اللجنة المشار إليها في المادة 107 أعلاه تشرف على إنتاج الكتب المدرسية والمعينات البيداغوجية وفق مقتضيات المنافسة الشفافة بين المؤلفين والمبدعين والناشرين، على أساس دفاتر تحملات دقيقة مع اعتماد مبدأ تعددية المراجع ووسائل الدعم المدرسي». وبذلك التحق المغرب بركب الدول الرائدة في التأليف المدرسي المتعدد وفتح الباب على مصراعيه نحو التعدد والمنافسة منتقلا من هيمنة الكتاب الوحيد إلى فضاء التنوع والتعدد؛ فما هي إذن المبررات الفلسفية والتربوية لهذا الاختيار؟ وما هي المشاكل والعراقيل التي تعترض نجاح هذه التجربة بما تقتضيه روح الميثاق؟ إن تبني المغرب لنظام الكتاب المدرسي المتعدد لم يكن وليد الصدفة، بل جاء عن وعي عميق واختيار رصين لتتويج سلسلة من اللقاءات العلمية والدراسات البيداغوجية وكذا الزيارات التي قام بها أعضاء اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين للتعرف على بعض التجارب التربوية الدولية الناجحة. إن هذا الاختيار الاستراتيجي يعكس في العمق رغبة جامحة للنظام التربوي الوطني في التماهي مع فلسفة العصر الهادفة إلى تعزيز الانفتاح على قيم التعدد والاختلاف مع احترام تام لشروط التنافس الشريف والشفاف أملا في تحقيق الجودة المنشودة. ولقد أسفرت تجربة التعدد على نماذج لكتب مدرسية متقدمة شكلا ومضمونا مما يرجح صواب الاختيار وانعكاسه الإيجابي على جودة المنتوج، فأصبحت للمدرس والمتعلم مبدئيا إمكانية الاختيار بين مقاربات بيداغوجية وديداكتيكية عديدة تتناول الموضوع نفسه تبعا لمسارات تعليمية وتعلمية مختلفة. استكمالا للترسانة القانونية التي تواكب تعددية الكتاب المدرسي وتضمن تنزيلا سلسا لهذا الاختيار التربوي، صدر مرسوم وزاري بتاريخ 17يوليو 2002 بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي يسند صراحة، في مادته 26، مهمة اختيار الكتب المدرسية إلى المجالس التعليمية للمؤسسات قصد عرضها على المجلس التربوي للمصادقة عليها. ويستمد هذا المرسوم روحه من فلسفة الميثاق الوطني للتربية والتكوين القائمة على نهج اللامركزية في اتخاذ القرارات عامة، وإشراك المدرسين باعتبار» أهل مكة أدري بشعابها». إن هذه الطفرة النوعية التي شهدها النظام التربوي المغربي والتي استحسنها جل الفاعلين التربويين سرعان ما قوضت من خلال استصدار المذكرة الوزارية 124 الصادرة بتاريخ 11 غشت 2006. هذه المذكرة تضرب عرض الحائط منطوق المرسوم الوزاري السالف الذكر، حيث نصت على تشكيل لجان إقليمية تشرف على «اختيار» الكتب المدرسية من بين الكتب المصادق عليها. من خلال هذا الإجراء تكون الوزارة قد سلبت المدرس (المجالس التعليمية) حقا أصيلا وأقبرت تجربة التعدد في مهدها؛ فتلك اللجان النيابية المحدثة طبقا لمنصوص المذكرة 124 تشرف على توزيع الكتب بعيدا عن روح التعددية وخلفياتها ودون ما أي استحضار للبعد التربوي للعملية، فتم بذلك استئصال منطق المنافسة والتعدد بضغط من الناشرين وبالتالي فرض منطق الوزيعة واستبعاد المنافسة الشريفة. اليوم ونحن نخلد الذكرى العشرينية للميثاق الوطني للتربية والتكوين ونشهد استصدار جيل جديد من الكتاب المدرسي المتعدد الذي يجسد إحدى أعمدة الإصلاح التربوي الذي يعرفه المغرب حاليا، نوجه الدعوة للسلطات التربوية لتحمل مسؤوليتها التاريخية وتصحيح هذه الهفوة المسطرية من خلال إعادة الأمور إلى نصابها وتجديد الثقة في الفاعل التربوي المحلي على صعيد المؤسسات التعليمية ومجالسها وذلك خدمة للمتعلم أولا وأخيرا، ورغبة في استكمال هذا الورش التربوي الواعد وكذا الرجوع إلى منطق العصر لتعميق خيار اللامركزية، وتشجيع التعددية والاختلاف وتوسيع دائرة الاختيار وتعزيز التنافسية بين الناشرين في ظل احترام القانون والبقاء للأصلح تحت وصاية السلطات المختصة.