الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    السناتور الأمريكي ساندرز يسعى للتصويت في مجلس الشيوخ على قرارات تمنع بيع أسلحة لإسرائيل    ليفاندوفسكي يتفوق على مبابي بالأرقام    حريق يلتهم منطقة الشحن بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء    الصين: انخفاض الأرباح الصناعية ب0,3 بالمائة خلال الشهرين الأولين من 2025    وزيرا دفاع سوريا ولبنان يوقعان في جدة اتفاقا لترسيم الحدود بوساطة سعودية    "ضحايا كثر" جراء زلزال بورما وتايلاند    "حزب الله" ينفي إطلاق صاروخين    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    دوري أبطال إفريقيا: تحكيم ليبي لمباراة الإياب بين الجيش الملكي وبيراميدز المصري    محكمة إسبانية تبطل إدانة نجم برشلونة السابق البرازيلي داني ألفيش بتهمة الاغتصاب    دونالد ترامب يستضيف حفل إفطار بالبيت الأبيض    "مناجم" التابعة للهولدينغ الملكي تحقق رقم معاملات ناهز 4 مليارات درهم وتعلن عن اكتساف 600 طن من احتياطي الفضة    نهضة بركان يبلغ ثمن النهائي بفوزه على اتحاد طنجة (1-0)    فليك : أنا فخور بفريقي .. الروح القتالية سر انتصار برشلونة الكبير    تيك توك تطلق منصة تسوق تفاعلية في أوروبا    فرحات مهني يكتب: في ظل الديكتاتورية الجزائرية تُعامل جميع الحريات الديمقراطية كجرائم    أجواء مشمسة في توقعات طقس الجمعة    التقدم والاشتراكية يدعو إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني خلال إحياء يوم الأرضض    في مشهد من العبث السياسي .. النظام الجزائري يواصل التصعيد الأحمق ضد المغرب    مصطفى أزرياح من تطوان يتوج بجائزة محمد السادس ل"أهل الحديث"    هل ينتقل نايف أكرد لماشستير يونايتد … بسبب إعجاب المدرب … ؟    الدبلوماسية الجزائرية في مأزق جديد: طرد القنصل المغربي يعكس تخبط وتوتر العالم الآخر    إيداع شابين سجن تطوان للاشتباه في قتلهما لتلميذ    السينما المغربية تحتفل بإطلاق "ماي فراند"    عودة أسطورة الطرب المغربي عبد الوهاب الدكالي في عرض يعد بالكثير    الأردن وزواج بغير مأذون    أيها المغاربة .. حذار من الوقوع في الفخ الجزائري    مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء بشراكة مع جمعية باقي الخير تفرح النزلاء الأحداث بملابس العيد    الدار البيضاء .. تتويج أبناء أسرة الأمن الوطني الفائزين في المسابقة القرآنية الرمضانية    محمد مزوز من طنجة يتوج بجائزة محمد السادس للكتاتيب القرآنية في فرع "جائزة التسيير"    الشيخ عمر العراقي يدعو إلى الشفافية في إدارة المساجد بإسبانيا    إيقاف ثلاث قاصرات متورطات في سرقة منزل بتجزئة المغرب الجديد بالعرائش    وزير الصحة يؤكد استمرار انخفاض حالات الإصابة ب"بوحمرون" للأسبوع الثامن تواليا    استفزازات متكررة من الجزائر في الأعياد الدينية.. مصادفات متفرقة أم سياسة ممنهجة؟    باحثون يكتشفون رابطا بين السكري واضطرابات المزاج ومرض ألزهايمر    مبادرة الحوث بثمن معقول إنجازات متميزة وتحديات جديدة في مسار الاستدامة    نشاط احتفالي بمركز "أمل الرباط" النفساني إحياء لليلة القدر    كرة القدم لعبة لكنها ليست بلا عواقب..    شراكة استراتيجية بين اتصالات المغرب وإنوي لتسريع تعميم الألياف البصرية وشبكات 5G بالمملكة    أداء إيجابي ينهي تداولات البورصة    في مقهى «الأندلسية» بالقاهرة وعندك قهوة زيادة وشيشة للبيه الأفندي المغربي    سكان المغرب وموريتانيا أول من سيشاهد الكسوف الجزئي للشمس السبت    مخزون السدود يواصل الارتفاع بالمغرب وسط تفاوت بين الأحواض المائية    مطالب للحكومة باسترجاع أموال الدعم "المنهوبة" من مستوردي الأغنام    بوطازوت تضطر للانسحاب من تقديم "للا العروسة" بعد إجرائها عملية جراحية    "الرزيزة" .. خيوط عجين ذهبية تزين موائد ساكنة القصر الكبير    عادل أبا تراب ل"رسالة 24″: هذا هو سبب نجاح "الجرح القديم" ومقبل على تقمص جميع الشخصيات    الجيش والكوكب يعبران إلى ثمن نهائي كأس العرش..    حب الحاجب الذي لا يموت..!    أوراق من برلين: فيلم "طفل الأم".. رحلة تتأرجح بين الأمومة والشكوك    فن يُحاكي أزمة المياه.. معرض فني بمراكش يكشف مخاطر ندرة الماء والتغيرات المناخية    رسالة إلى تونس الخضراء... ما أضعف ذاكرتك عزيزتي    تجميد المواد الغذائية .. بين الراحة المنشودة واستحضار الجودة    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تودع شكاية لفائدة طفلة أُصيبت بالسيدا عقب عملية جراحية    كسوف جزئي للشمس مرتقب بالمغرب يوم السبت القادم    عمرو خالد يحث المسلمين على عدم فقدان الأمل في وعد الفتح الرباني    السعودية تحين الشروط الصحية لموسم الحج 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواجهات بين المسلمين والأقباط بالقاهرة يحركها رموز النظام السابق
نشر في بيان اليوم يوم 10 - 03 - 2011

الطائفية في مصر.. نيران تحت رماد ثورة شباب 25 يناير
لم يكن أحد في مصر يتخيل أنه مع اندلاع ثورة 25 يناير، ستختفي العديد من المشكلات المزمنة التي كان يعاني منها المجتمع طوال عشرات السنين، وعلى رأسها الطائفية والتحرش الجنسي والعنف والغضب لأتفه الأسباب. كانت فرحة المصريين بتلاشي تلك المشكلة يضاهي فرحتهم بإسقاط نظام الرئيس السابق حسني مبارك عارمة، اعتقادا منهم بأن تلك الأزمات هي من صنع نظام مبارك، ولاسيما جهاز أمن الدولة الذي كان يعمل ليل نهار من أجل التفريق بينهم.فجأة، وبينما هم يحتفلون بانتصار ثورتهم البيضاء، يكتشفون أن نيران الطائفية ما زالت تحت الرماد، وأن رموز النظام السابق وضباط أمن الدولة والمتطرفين من الجانبين يعملون على تغذيتها من أجل معاودة الاشتعال بشكل لا يمكن السيطرة عليه، والقضاء على الثورة بشكل نهائي.
استيقظ المصريون يوم الجمعة الماضي على خبر كان كالكابوس بالنسبة لهم، ألا وهو مقتل مسلميين اثنين وإصابة ثالث وإشعال النار في كنيسة وهدمها وذلك بقرية صول مركز أطفيح محافظة حلوان. وتتلخص الواقعة في أن شاب مسيحي يقيم علاقة غير شرعية مع فتاة مسلمة، الأمر الذي أشعل غضب أقارب الفتاة، الذين طالبوا والدها بالانتقام لشرفه من المسيحي، وتشاجروا معه، مما أدي إلى مقتل اثنين منهم وإصابة ثالث. وأثناء مراسم تشييع الجنازة، تجمع مسلمون حول الكنيسة وأشعلوا النار فيها.
في اليوم التالي تظاهر بضعة آلاف من المسيحيين أمام مبني الإذاعة والتلفيزيون، مطالبين بإعادة بناء الكنيسة، ورد رئيس المجلس العسكري، ووعدهم بإعادة بناء الكنيسة في موقعها الأصلي، ولكنهم زادوا مطالب أخري منها الإفراج عن قس حكم عليه بالسجن في قضية جنائية، وبالفعل تم تنفيذ هذا المطلب أيضاً، إلا أنهم قرروا الاستمرار في اعتصامهم أمام ماسبيرو.
وفي المقابل تظاهر المئات من السلفيين أمام مجلس الوزراء، مطالبين بإعادة من وصفوهن ب»المسلمات المحتجزات في الكنائس والأديرة» في إشارة إلى بعض المسيحيات اللائي أعلن اعتناقهن للإسلام ثم إختفين، وقيل إن الكنيسة تحتجزهن في سجون بالأديرة، وتصاعدت سخونة الأحداث عندما قطع المسيحيون كوبري السادس من أكتوبر الحيوي الذي يمر بوسط القاهرة رابطاً شمالها بجنوبها، وأطلقوا أعيرة نارية في الهواء لإجبار السيارات على عدم المرور. فيما قطع مسيحيون آخرون طريق «الأتوستراد»، ووقعت مصادمات مع مسلمين، نتج عنها مقتل شاب مسيحي، وجرح ما يزيد على 10 آخرين، ومازالت المصادمات مستمرة حتى إعداد ذلك التقرير مساء الثلاثاء 8 مارس الجاري.
ووفقاً لهاني محروس شاهد عيان من أهالي قرية صول، فإن الأحداث وقعت عقب تشييع جنازة القتيلين المسلمين، حيث اتهمت عائلتهم المسيحيين بالتسبب في الحادثة، وتوجهوا إلى الكنيسة للمطالبة بتسليم الشاب الذي أقام علاقة غير شرعية مع الفتاة المسلمة لمحاكمته، ظناً منهم أنه يختبئ فيها، وقال محروس ل»إيلاف» إن القساوسة أكدوا عدم وجوده في الكنيسة، لكن المشيعين الغاضبين لم يصدقوا النفي، وأصروا على عدم الرحيل من أمام الكنيسة إلا بعد تسلم الشاب، ووقعت مشاحنات كلامية بين الجانبين انتهت بإشعال النار في الكنيسة، وهروب القساوسة. وأتهم محروس القيادات التنفيذية والشرطة بالتواطؤ أو التخاذل في القضية حتى تطورت إلى فتنة طائفية، وأوضح: كان من الممكن احتواء الموقف، وتفادي إشعال النيران في الكنيسة، حيث لم تحضر الشرطة أو أي من المسؤولين المحليين وعلى رأسهم المحافظ إلى القرية إلا متأخراً، بعد هدم الكنيسة.
ضباط النظام السابق يريدون إشعال نيران الطائفية
ورجح نبيل عبد المحسن من أهالي القرية تورط من وصفهم ب»أذناب النظام السابق وضباط في جهاز أمن الدولة في التحريض على إشعال النيران الطائفية»، وقال ل»إيلاف» إن تلك العلاقة بين الفتاة المسلمة والشاب المسيحي كانت تقريباً معروفة، وكان أمن الدولة يضغط على الطرفين للتكتم عليها، ويهدد من يحاول الحديث عنها بالاعتقال، والدليل أن أقارب الفتاة كانوا غاضبين من عدم انتقام والدها منه في ظل الظروف الراهنة التي تتسم بالفوضى. وتساءل عبد المحسن عن الأسباب التي أدت إلى شحن أقارب والد الفتاة للحد الذي جعلهم يتبادلون إطلاق النار، مما أسفر عن مقتل اثنين منهم بينهم والدها؟! وما الذي حول المشيعون إلى التجمهر حول الكنيسة وإشعال النار فيها، وليس التجمهر قرب منزل الشاب مثلاً؟ ولماذا اختفت قوات الشرطة وأجهزة الإدارة المحلية؟ ويجيب بالقول إن رموز الحزب الوطني والنظام السابق وضباط أمن الدولة يحاولون الانتقام من الثورة ومن المصريين الذين شاركوا فيها وأسقطوا النظام الفاسد وحرموا كل هؤلاء من ملايين الجنيهات والأراضي والخيرات التي كانوا يتمتعون بها طوال السنوات الثلاثين الماضية.
رغم إقرار المجلس العسكري بتكفله بإعادة بناء الكنيسة، إلا أن المعتصمين أمام مقر التلفيزيون يرفضون الرحيل، ورفعوا عشرة مطالب رئيسية، حيث أطلقوا على أنفسهم «حركة ماسبيرو ضد الطائفية»، وأصدروا بياناً حصلت «إيلاف» على نسخة منه وحددوا مطالبهم العشرة في: إعادة بناء الكنيسة في موقعها ومكانها الأصلي. إعادة بناء مبنى الخدمات المجاور للكنيسة والذى تم تدميره. تكوين لجنة لتقصى الحقائق في الأحداث ومحاسبة المسؤولين عن الأحداث. وضع ضمانات لتوفير الحماية للأقباط وضمان عودتهم لمنازلهم. صرف تعويضات عن الخسائر التي تعرض لها أقباط القرية. محاسبة المتقاعسين من قيادات الجيش المقصرين عن حماية الكنيسة. تفعيل المواطنة والمساواة بين المصريين بما يضمن المساواة في ممارسة الشعائر الدينية وبناء دور العبادة. سرعة الإعلان عن التحقيقات في أحداث دير الأنبا بيشوى وكشف المتورطين عن إطلاق الرصاص الحى على الرهبان وعمال الدير. وضع الضمانات الكافية لحماية الكنائس وممتلكات الأقباط في ظل حالة الفوضى والانفلات الامنى وتعرض الأقباط للاعتداءات في مناطق مختلفة. إقالة محافظي حلوان والمنيا لتعمدهما إشعال الفتنة الطائفية والتقصير في حماية المواطنين المسيحيين.
تواطؤ رجالات النظام السابق
من جانبه، وصف صفوت جرجس رئيس المركز المصري لحقوق الإنسان معالجة أزمة كنيسة أطفيح بأنها «لم تكن بالشكل المناسب وتم اتباع نفس الطرق التقليدية التي كان يتبعها النظام السابق»، موضحاً أن محافظ حلوان - وهو قيادي بالحزب الوطني - والذى تقع في دائرته محل الواقعة بأي خطوات من شانها إعادة الانضباط إلى القرية وإعادة الأمور إلى نصابها، ولم تتحرك الأجهزة التنفيذية بالمحافظة لضبط الجناة والتحقيق معهم، بل تركت أرض الكنيسة فريسة للمتطرفين ليعبثوا بها، ولم تمهد المحافظة وأجهزتها الطريق لقوات الجيش لكي تبدأ في تنفيذ قرار المشير حسين طنطاوي القائد الأعلى للقوات المسلحة في بناء الكنيسة من جديد.
ودعا جرجس كل أجهزة الدولة إلى تحمل المسئولية في اللحظة الراهنة والتعامل بطرق غير تقليدية مع الأزمة، والتوقف عن إعطاء المسكنات والبدء في حل المشكلة من جذورها، لافتاً إلى ضرورة إصدار فتوى صريحة من مفتى الديارة المصرية بتحريم التعدي على الكنائس وعدم جواز بناء مسجد بدلا من كنيسة، بدلا من الصمت الذي أعطى إشارة للمتطرفين باستكمال ما يقومون به، وطالب أجهزة الدولة بالبحث عن الجناة وتقديمهم للعدالة فورا لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.
أعداء ثورة 25 يناير
إلى ذلك، نعت الناشط السياسي جورج إسحاق المسلمين الذين هدموا كنيسة أطفيح والمسيحيين الذين يتظاهرون أمام مقر الإذاعة والتلفيزيون والذين يقطعون الطرق بأنهم «أعداء ثورة 25 يناير»، وقال ل»إيلاف» إن الثورة أذابت الطائفية، ولم تعد موجودة بالفعل، لكن ما يحدث الآن هو نتيجة لتآمر فلول الحزب الوطني ضباط بجهاز مباحث أمن الدولة والقيادات القبطية المتطرفة والسلفيين، الذين يحاولون النيل من الثورة البيضاء، ويحاولون إجهاضها لصالح النظام السابق أو من أجل أهداف صغيرة ليس مكانها الآن، وأضاف أسحاق أن النعرة الطائفية مرفوضة الآن، والتظاهر من أجل مطالب فئوية أو طائفية هو تعطيل لعجلة التنمية ومحاولة لوأد الثورة وإعادة النظام السابق من خلال تمكين أنصاره من الحكم. ودعا وسائل الإعلام إلى عدم أستضافة من وصفهم ب»القيادات القبطية المتعصبة طائفياً، والسلفيين المتطرفين»، وقال إن ظهور هؤلاء على شاشات الفضائيات ليس في صالح الوطن أو الثورة. وشدد على ضرورة إعمال القانون ضد كل من يرتكب جريمة ضد كنيسة أو مسجد أو أي من الممتلكات العامة أو يعطل العمل في مؤسسات الدولة.
فيما اعتبر الدكتور شريف صالح أستاذ علم الاجتماع أن الطائفية في مصر بمثابة نيران كامنة تحت الرماد، وقال لي «إيلاف» إن الثورة استطاعت اقتلاع النظام السياسي، لكنها تحتاج إلى بعض الوقت حتى تتمكن من اقتلاع الأفكار السيئة الكامنة في العقول منذ عشرات السنوات، لاسيما الأفكار التي تؤمن بالتعصب للطائفة ونبذ الآخر، لافتاً إلى أنه من الضروري تنفيذ القانون بحذافيره ضد كل من أخطأ والكف عن الجلسات العرفية، فمن المهم معاقبة المرأة المسلمة والرجل المسيحي المتورطة في علاقة جنسية غير شرعية، ومن المهم أيضاً معاقبة المتورطين في إحراق الكنيسة أو هدمها. وأكد صالح أن استعادة هيبة الدولة وإعمال القانون هما السبيل الأمثل لإضفاء النيران التي تحت الرماد نهائياً، خاصة أنه ثبت بالفعل أنه يمكن القضاء عليها إذا شعر المصريين أنهم سواسية أمام القانون وأن لهم هدف واحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.