أكد المشاركون بأصيلة في ندوة تحت عنوان “الإبداع الإفريقي في إفريقيا والمهجر”، أن البلدان الإفريقية تواجه اليوم تحديات تفرض عليها أن تكون مبدعة، وذلك على هامش ندوات الدورة الحادية والأربعين لموسم أصيلة الثقافي الدولي. وأبرز هؤلاء المتدخلون خلال الجلسة الافتتاحية للندوة، بأن الإبداع يجب أن يكون من صلب المجتمعات الإفريقية، حيث أن هذا الأخير يتم من أجل تغيير شيء ما، ويكون عدم الرضى عن الأوضاع حاملا للتقدم والتغيير الإيجابي عندما يكون مسنودا بعقول مبدعة قادرة على فهم وتفسير حاجيات وتطلعات شعوبها. وفي تصريح صحافي، قال الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، محمد بن عيسى، إن موسم أصيلة ظل وفيا منذ سنته الأولى لإيلاء اهتمام خاص بالثقافة الإفريقية، مضيفا أنه استقطب فنانين ومبدعين أفارقة عقدوا عدة ندوات فكرية أثرت فقرات الموسم الدولي. وأوضح بن عيسى أن اختيار موضوع الإبداع في إفريقيا والمهجر يأتي استجابة لحاجة ملحة تفرضها التحديات التي تواجه القارة من جهة، وتؤكد الدور الذي تلعبه الطبقة المثقفة والمبدعة في النهوض بأوضاع المجتمعات وحمل همومها. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال منسق الندوة ووزير الثقافة السابق بالرأس الأخضر، ماريو لوسيو سوسا، إن موسم أصيلة الثقافي الذي تحتضنه مدينة مغربية وإفريقية، يجسد خير مثال على مفهوم الإبداع الإفريقي، مبرزا أنه وعلى مر دوراته السابقة شكل تجمعا موسميا حقيقيا للمبدعين والمفكرين ورجال ونساء الفن والأدب. وأضاف الموسيقي والشاعر والكاتب سوسا، بأن تخصيص مهرجان سنوي تحت مسمى “موسم الموسيقى الإفريقية بأصيلة” يهدف إلى دعم وتشجيع الإبداع الموسيقي الذي تنم روحه عن إلهام إفريقي خالص من جهة، والتعريف بالإرث الفني العريق للقارة السمراء. وفي كلمة بالمناسبة، أشار الشاعر السينغالي أمادو لامين سال، إلى أن الدورة الحادية والأربعين لموسم أصيلة جاءت بتساؤلات كبرى حول الإبداع الإفريقي، وحول الثقافة وقوة الفكر الإفريقي، مؤكدا على ضرورة معرفة الكيفية التي يمكن بها للإبداع الإفريقي أن يغير النظام الاقتصادي والاجتماعي للقارة، وذلك من خلال تعبئة الموارد البشرية والمادية. واعتبر أن إفريقيا ستظل كما هي إذ لم تعط لثقافتها وأنماطها الفكرية مركز الصدارة في رؤيتها للتنمية الاقتصادية، “وباختصار إبداعها وقدرتها على تغيير حياة شعوبها”. من جهته أوضح وزير الخارجية والتعاون والجاليات السابق بالرأس الأخضر، فكتور بورغيس، أن النقاش حول الإبداع في إفريقيا والمهجر يكتسي أهمية قصوى في الوقت الراهن، حيث يجب أن يتم ترسيخه في جميع مجالات الحياة. كما لفت إلى كون الإبداع لا يجب اختزاله ضمن المفاهيم التي تنشرها وسائل الإعلام وبعض القطاعات التي تخلط بين الإبداع والانتاج الفني على حد قوله. وأشاد المتدخلون بالرعاية السامية التي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس يوليها للفن والثقافة الإفريقية، مؤكدين في الوقت ذاته أن المغرب أصبح يشكل القلب النابض وملتقى القارة الإفريقية. وأكد سياسيون وخبراء وفنانون، خلال الجلسة الثانية للندوة، أن الإبداع الإفريقي أصبح قادرا اليوم على تغيير النظام الاقتصادي والاجتماعي للقارة. كما أشاروا إلى أن تنمية إفريقيا لن تنبني على موهبة المبدعين الأفارقة فقط، بل يتعين على رجالات الدولة الأفارقة أن يتمتعوا أيضا بالإبداع في تسيير الشؤون الثقافية لبلدانهم. وتساءل المتدخلون، في هذا الصدد، عن المكانة الحقيقية التي يجب أن تحظى بها الثقافة والفكر والتنمية في صلب السياسات الإفريقية من جهة، وعن الكيفية التي يمكن من خلالها تحفيز الإبداع من أجل إحداث التغيرات التي تحتاجها المجتمعات الإفريقية من جهة أخرى. وبخصوص الرؤية الإفريقية للتنمية الإقتصادية، أشار المشاركون إلى أن عدم احترام الثقافة والأنماط الفكرية النابعة من صميم الشعوب الإفريقية لن يؤدي إلى أي تغيير، مشددين على ضرورة قطع الصلة بالمفاهيم الدونية التي خلفها الإستعمار وإعادة إحياء مفهوم الوحدة الإفريقية. وخلص المشاركون من مختلف الدول الإفريقية، إلى أن الإبداع وسؤال التغيير يشكل اليوم تحديا أساسيا للقيادات على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والقارية، والتي يتعين إعدادها لقيادة هذا التغيير والتحول من أجل الوفاء بوعود الاستقلال والديمقراطية على حد قولهم. وعرفت الندوة التي امتدت على مدى خمسة أيام، بمشاركة ثلة من المفكرين والسياسيين والمبدعين الأفارقة والأجانب، مناقشة مواضيع ذات أهمية تتعلق بالثقافة والفكر والتنمية بالقارة الإفريقية، مع الوقوف على بعض النماذج المتقدمة ومحاولة الإجابة على أهم التساؤلات التي تشغل بال المتدخلين كل من موقعه.