للمرة الثالثة على التوالي، تطرح مؤسسة منتدى أصيلة، في إطار أشغال جامعتها الصيفية المعتمد بن عباد، فكرة التكامل والاندماج بين الدول الإفريقية. وللمرة الثالثة، تطرح هذه الفكرة بصيغة التساؤل، حيث كان السؤال قبل عامين بصيغة: «الوحدة الترابية والأمن الوطني: أي مآل لإفريقيا؟»، فيما صيغ السؤال العام الماضي كما يلي: «إفريقيا والعالم: أي عالم لإفريقيا؟»، وها هي تطرحه من جديد هذا العام بصيغة «الاندماج الإفريقي: أين العطب؟». أما الإشكالات التي تطرحها ندوة هذا العام، التي سهر الباحث خالد الشكراوي على تنسيق أعمالها، فهي ترتبط بالنماذج والمنهجيات والمقاربات الجديدة اللازمة لتحقيق الاندماج الإفريقي، وسبل تجاوز الاختلالات القائمة، وما يستتبع ذلك من حلول ووسائل. كما تتصل، من جهة أخرى، بالبحث في دور الثقافات والحضارات الإفريقية في انبثاق الوحدة الإفريقية. إذ لم يتوقف المشاركون عند تقييم الواقع وتشخيص إيجابياته وسلبياته، بل حاولوا تحليل بعض التجارب وتمحيص بعض المقترحات الرامية إلى تحقيق الاندماج، فضلا عن إعادة النظر في تاريخ فكرة الاتحاد، وكذا دور الثقافة في تحقيق الاندماج والوحدة. الاندماج ضرورة في هذا السياق، قال الباحث السنغالي «أليون صال»، المدير التنفيذي لمهد «فيتير أفريكان» بجنوب إفريقيا، إن الاندماج يقع في صلب التفكير الجماعي الإفريقي اليوم، مشيرا إلى أنه أضحى يمثل ضرورة، بالنظر إلى تصاعد تيارات هيمنة جديدة، سواء في الغرب أو الشرق. لكنه تساءل عن كيفية بناء هذا الاندماج الإفريقي، باعتباره الطريق الوحيد الذي يقود نحو المستقبل. وأجاب موضحا أنه لا بد من إيجاد المعنى المطلوب من مفهوم الاندماج أولا، وتحديد أولوياته، حيث تساءل قائلا: هل يتعلق الأمر بالاندماج الاقتصادي، أم السياسي، أم الاندماج بين الشعوب الإفريقية؟ وخلص إلى أن الاندماج الحقيقي هو الذي يحقق هذه العناصر كلها. من جانبه، أكد «جان دو ديو صومدا»، الوزير السابق في بوركينافاسو ونائب الرئيس سابقا للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، أن هناك العديد من العوامل المساعدة على الاندماج، منها التقارب الثقافي، وتشابه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. كما اعتبر أن من شأن التكتلات الاقتصادية الإفريقية القائمة الآن، وعددها ثمانية، وكذا اتفاقيات الموقعة بين الدول الإفريقية في الكثير من المجالات، أن تسهم في تحقيق رغبة الاندماج. وقد استشهد في هذا الباب بنموذج المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (CEDAO)، حيث أشار إلى أن هذه المجموعة أضحت ترنو إلى الانتقال من وحدة رؤساء الدول إلى وحدة الشعوب، من خلال مقترحاتها المطروحة الآن الرامية إلى توحيد العملة والمبادلات التجارية، والسماح للشعوب بحرية التنقل وإلغاء تأشيرات الحدود. كما أكد أن تحقيق الوحدة عبر برامج التربية والتعليم لا يقل أهمية عن الاندماج عبر الأسواق، داعيا في الآن ذاته إلى ضرورة إدماج إفريقيا في الثقافة الرقمية. لكنه عاب الدول الإفريقية لغياب أي منطقة خاصة بالتبادل التجاري الحر. في هذا السياق، ركز الباحث الموريتاني عبد الرحمن نغادي، الباحث بجامعة الشيخ أنتا ديوب بالسنغال، على أهمية الصداقة بين الشخصيات البارزة في القارة الإفريقية، مستشهدا بالصداقة التي نشأت بين الوزير المغربي محمد بن عيسى والشاعر والزعيم السياسي السنغالي «ليوبولد سيدار سنغور» والشاعر الكونغولي «تشيكايا أوتامسي»، كما أبرز دور الدبلوماسية الثقافية في تحقيق الاندماج. الاندماج.. جهوي أم قاري؟ وتساءل «جون كلود فيليكس تشيكايا»، الباحث الفرنسي في الجيواستراتيجية والكاتب الصحافي، عما إذا كان المطلوب حاليا تحقيق الاندماج على المستوى المحلي، أم على المستوى القاري. وقد لاحظ أن القارة الإفريقية تضم أكبر فئة من الشباب، لكنها تعرضت للاستنزاف بسبب العبودية مثلا. كما لاحظ أن الشباب يطالبون بالإسراع في تغيير البراديغمات ونماذج التنمية القائمة وتحقيق الاندماج. إذ اعتبر أن الشباب على حق، عندما يطلبون الإسراع في تحقيق التنمية والتقدم، وعدم الاعتماد على المساعدات الأجنبية، والبحث عن وسائل جديدة لتنمية القارة الإفريقية. وخلص إلى أنه لن تكون هناك وحدة إفريقية قوية، ما لم تتحقق تكتلات جهوية وإقليمية قوية، حيث دعا إلى ضرورة الإنصات إلى الأجيال الجديدة التي تطلب الاتحاد بين دول القارة. من جانبه، ذكر محمد المدني، المستشار السياسي الذي رافق الراحل العقيد معمر القذافي في كل خطواته السياسية الإفريقية، بالمحطات التي قطعتها فكرة الوحدة الإفريقية، خاصة ما يتعلق منها بمجموعة الدارالبيضاء التي كانت متحمسة للوحدة السياسية، ومجموعة منروفيا التي طالبت بتأسيس وحدة مرحلية. إذ أشار إلى أن تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية جاءت في النهاية لترضي المجموعتين. لكنه قال إن الحماس لتحقيق الوحدة السياسية خف مع مرور الوقت، حيث جرى الاتفاق، مع توقيع اتفاقية أبوجا، على الاندماج الإفريقي عبر بوابة الاقتصاد. غير أن التفكير في مرحلة جديدة لتحقيق الاندماج انطلق مع إنشاء الاتحاد الإفريقي. وخلافا لما كان متوقعا، كما قال المدني، لم يحقق الاتحاد الإفريقي آمال الآباء المؤسسين، على اعتبار أن عوائق عديدة حالت دون ذلك، أهمها سيادة النزعة الوطنية، والسعي إلى فرض الوحدة من الأعلى، وعدم إشراك الشعوب في الفكرة، وغياب زعامات سياسية قادرة على قيادة مشروع الاتحاد. أما «فيكتور بورغيس»، وزير الخارجية سابقا في دولة الرأس الأخضر، فيرى أن الاندماج الإفريقي لا يمكن أن يتحقق بشكل كلي، لكنه ميز بين أربعة مستويات ممكنة هي: اندماج الغايات والأفكار، اندماج الاستراتيجيات والأولويات، اندماج الاختيارات التنظيمية والمؤسساتية، اندماج الجودة والفعالية في القيادة، وأخيرا مستوى جدوى النتائج وأثرها في المجتمعات الإفريقية. في حين انطلق الوزير المغربي السابق، يوسف العمراني، من تجربة الاتحاد المغاربي الذي اعتبره هيئة معطلة لا تستطيع تحقيق تطلعات المجتمعات المغاربية، بسبب ما سقطت فيه من أعطاب، ليؤكد أنه لا بد من تفادي السقوط في مثل هذه الأعطاب، وضرورة القضاء عليها أولا. ولفعل ذلك في ما يتعلق بالاندماج الإفريقي، وجب منذ البداية، حسب رأي العمراني، تشجيع التجارة بين البلدان الإفريقية، وبناء غايات واضحة وقوية، وبناء اقتصادات قوية، وبناء الحكامة والشفافية والديمقراطية، والاستجابة لانتظارات الشباب، والانتصار على الإرهاب والنزعات الجهادية، وإعداد مقاربة شمولية للتنمية، وتحقيق تقاطعات بين السياسات والاستراتيجيات الإفريقية. حلول واقتراحات بدوره، يرى أنخيل لوسادا فرنانديز، السفير والممثل الخاص للاتحاد الأوربي في دول الساحل، أن الاندماج الإفريقي هو رهان رفع التحديات المطروحة على إفريقيا، ومنها تحدي الأمن في منطقة الساحل. ففي هذا السياق، اعتبر مجموعة دول الساحل الخمس نموذجا يحتذى في الاندماج، مشيرا إلى أن هذه المجموعة نجحت في بناء جيش موحد، وهو الأمر الذي فشل فيه الاتحاد الأوربي لحد الآن. واقترح فرنانديز خمسة مبادئ يمكن أن يقوم عليها الاندماج الإفريقي، وهي: الحكامة، القيادة الرشيدة، الأمن (وهو يقول هنا: لا استقرار بلا أمن، ولا اقتصاد أو تنمية بلا استقرار)، التكامل بين المبادرات الإفريقية، حل المشكلات المطروحة والتنسيق بين المشاريع، وأخيرا الشراكة الفعلية والحقيقية بين المشاريع والاستراتيجيات. ونبه النيجيري «أوكي أونييكوي»، مدير الدراسات الإفريقية سابقا بجامعة أوهايو وأستاذ الاقتصاد السياسي الإفريقي، إلى المفارقات التي تطرحها العولمة على الاندماج الإفريقي، مشيرا إلى أن احتمالات الاندماج بين الأفارقة كانت أفضل قبل أن ترخي العولمة بظلالها على العالم كله. كما تساءل في هذا السياق عن طبيعة المحتوى الفلسفي والسياسي والإيديولوجي لفكرة الاندماج الإفريقي، مشيرا إلى أنها ملتبسة وغير واضحة، وهي تحتاج إلى إعادة نظر وتفكير عميق. وخلص إلى أن إفريقيا مازالت، إلى يومنا هذا، تتركز على مفاهيم الدولة والسيادة الوطنية، ولم تتبنّ بعد مفاهيم التبادل والشراكة الجماعية والاندماج والتكتل، الخ. ومع ذلك، إفريقيا مطالبة اليوم بالاستثمار في مواردها، حسب تعبير أحمد حجاج، السفير والموظف السامي لدى منظمة الوحدة الإفريقية سابقا. ففي نظر هذا الأخير، على إفريقيا أن تؤسس اقتصادات محلية، لكنها مجبرة لتحقيق ذلك على حل المشكلات الداخلية، مثل الحروب والنزاعات، والفقر، والجهل والأمية والأمراض والأوبئة، الخ. كما اقترح حجاج الثقافة مدخلا لتقارب الشعوب فيما بينها، خاصة من خلال السياحة والهجرة والبعثات الجامعية، والمشاركة في المهرجانات السينمائية والموسيقية والمنتديات الثقافية، الخ. الثقافة مدخلا للاندماج من جانب آخر، اعتبر الباحث المغربي خالد الشكراوي، مدير الدراسات الإفريقية بجامعة محمد الخامس، أن الوحدة الإفريقية لا تتم بالمستويات السياسية والاقتصادية وحدها، وإنما بالثقافة كذلك، وربما عبر بوابتها أساسا، وإن كان السياسي هو الذي يملك مفاتيح تنفيذ مشروع الوحدة والاندماج. وركز في هذا الباب على أهمية الثقافة في تقارب الشعوب والقبول بالآخر وتمثل المغايرة، داعيا في الآن ذاته إلى إعادة النظر في الدرس التاريخي المعتمد في هذا الباب. كما نبه إلى أن المجالات الحدودية هي مجالات ثقافة مشتركة، تكمن أهميتها في قدرتها على حل النزاعات والصراعات بين الدول. وفي السياق ذاته، تحدث «ماريو لوسيو سوسا»، الكاتب والشاعر والموسيقي ووزير الثقافة سابقا في الرأس الأخضر، عن ضرورة استحضار السيرورة الإفريقية التي كانت سائدة قبل الاستعمار. إذ أشار إلى أن هذه السيرورة الناجحة توقفت وتعطلت بعد التدمير والخراب اللذين مارسهما الاستعمار على الثقافات الإفريقية المحلية، وكذا بعد الحروب والنزاعات المحلية. هنا، اعتبر «لوسيو سوسا» أن كل المشاكل التي تعيشها القارة الإفريقية منذ عقود إلى اليوم، ومنها خصوصا العجز عن العيش المشترك، سببها الاستعمار. إذ قال في هذا السياق إن الأفارقة باتوا مع الاستعمار غرباء في قارتهم. واقترح المتحدث عدة مداخل للاندماج، منها الدين، باعتباره جزءا من الثقافات الإفريقية، حيث أشار إلى أن الأديان الإفريقية كانت عاملا موحدا، وأنها مازالت قادرة على أن تساعد الأفارقة على الاندماج. كما توقف عند أهمية المعرفة في الاندماج، مذكرا بتاريخ تمبكتو وخزاناتها من الوثائق والمعارف، الخ. وتساءل عن مدى استعمال الأفارقة المعرفة المعمارية وموروثها الطويل في بناء المدن اليوم، دون أن يغفل دور الجامعات والمدارس العليا في تحقيق الاندماج. وأكد «جان دو ديو صومدا»، في مداخلته الثانية، أهمية إرث الشاعر السنغالي ليوبولد سيدار سنغور في تحقيق الاندماج الإفريقي، مشيرا إلى أن أفكاره مازالت تكتسي أهمية وراهنية كبيرتين، خاصة ما يتعلق منها باعتبار الثقافة مدخلا للاندماج الإفريقي. فالمادة الثقافية، حسب قوله، متوفرة على الدوام. لكن على الأفارقة استثمارها في التنمية محليا وقاريا. إذ أشار إلى أن السنغال استطاعت أن تصنع مسيرتها، على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، انطلاقا من الثقافة، داعيا الأفارقة إلى أن يعوا أهميتها، وأن يقدموا مشاريع ثقافية صادقة وفعالة، وأن يبنوا رؤيتهم إلى القارة على مبادئ وأفكار جادة. التحدي الخارجي تحدث المغربي علي باحيجوب، مدير المركز الأورومتوسطي والدراسات الإفريقية ورئيس تحرير مجلة «الشمال والجنوب» التي تصدر من لندن، عن التحديات الخارجية، حيث أشار إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تمتلك الآن 34 قاعدة عسكرية فوق الأراضي الإفريقية، آخرها تلك التي شيدت في النيجر قبل شهور فقط، مشيرا إلى أن الوجود الأمريكي في إفريقيا لا يتعلق بحماية الأفارقة، بل بأسباب ودواعٍ أخرى. في هذا السياق، نبه باحيجوب إلى ضرورة تأسيس فكرة الاندماج على أرضية سياسية واقتصادية وثقافية صلبة، دون إغفال التحديات الكامنة، مثل الفساد السياسي وهجرة الأدمغة وتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، الخ. من جهة أخرى، أشار المتحدث إلى أن القارة الإفريقية لا تتوفر على عضو دائم في مجلس الأمن، حيث اقترح أن تتقدم القارة بمقترح مفاده أن يُشغل هذا المنصب بالتناوب بين الدول الإفريقية، على ألا تتعدى الولاية ثلاث أو أربع سنوات. أما السنغالي «رفائيل نداي»، المدير العام لمؤسسة ليوبولد سيدار سنغور، فاعتبر أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لم تنجح في تحقيق الوحدة الاقتصادية إلا بعد مناقشة بعض الآليات، لكنه تساءل: هل تستطيع هذه المجموعة الآن أن تقر جواز السفر المشترك والعملة الموحدة ومنطقة تبادل حر، الخ؟ أجاب قائلا إنه لا بد أن تتوفر بعض البنيات التي ينبغي أن تقوم عليها السياسات والاستراتيجية الجهوية والإقليمية. وقد أشار هنا إلى أن الاندماج الثقافي ممكن، لأن بنياته وآلياته متاحة على نحو واسع، مؤكدا أن الثقافة والقيم تمثل عناصر ضرورية وحتمية لتحقيق الاندماج. ودعا في النهاية إلى تعميم فكرة منتدى أصيلة الثقافي في القارة الإفريقية، مشيرا إلى أن هذه الفكرة يمكن أن تكون بمثابة نقطة انطلاق لمشروع الاندماج الإفريقي الثقافي. ماكي صال: «المغرب لم يترك العائلة الأفريقية» قال الرئيس السنغالي ماكي صال، في افتتاح موسم اصيلة، إن عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي سيعزز روح الصداقة والتعاون بين البلدين، مشيرا إلى المغرب حقيقة لم يترك العائلة الأفريقية. إذ اعتبر صال أنه كان موجود دائما، موضحا أن هذا الأمر "يزكي تفاؤلنا بالتكامل الأفريقي رغم ما عاشته القارة من تجربة مقلقة مع الاستعمار ولن نتنازل عن مكونات التكامل ولن نتخلى عن مسؤولياتنا المستقبلية في هذا الإطار.» في هذا السياق، ذكر الرئيس السنغالي ماكي صال أن تكتلات اقتصادية نشأت بين الدول الأفريقية بعد الاستقلال، بناء على ملامح مشتركة حضاريا وثقافيا، مشيرا إلى أن الشراكة الجديدة تمثل تطورا بالغا في طريق التكامل الرامي إلى تحقيق وحدة القارة. كما قال إن المفاوضات لازالت قائمة بين دول القارة، على غرار مجموعة السبعة من أجل تحقيق التعاون على أسس مشتركة عابرة للحدود كالطرق السريعة ومحطات الطاقة والسكك. من جهة ثانية، اعتبر الرئيس السنغالي أن التكامل بين دول أفريقيا ينبغي أن ينبني على رؤية سياسية واضحة ترسم الخطوط العريضة لتعاون مندمج من خلال برامج مفصلة. إذ أشار إلى أن هناك محاولات لإنشاء منطقة تبادل حر كخطوة ستعمل على تسهيل تواصل الأشخاص والسلع وتعزيز الاتحاد الجمركي في 2022، مشددا على أن هناك أشواطا في هذا المضمار يجب أن تقطع لتجاوز انعدام الثقة والتشكيك ورفع القيود على التبادل التجاري وتحرير التجارة. وفي ذات السياق، أكد ماكي صال أن حرية التجارة تفرض التنازل عن قسط من السيادة الوطنية، موضحا أن هناك مخاوف في هذا الصدد، لكن يتوجب تحقيق التوازن بين المصير المشترك والسيادة الوطنية، مبرزا في الآن ذاته تحديات مكافحة الإرهاب وحرية التنقل. وختم الرئيس السنغالي كلمته بالتأكيد على أن الاندماج الأفريقي بات ملحا في ظل العولمة، حيث كشف أن أفريقيا تحتاج إلى الوحدة لمقاومة الآثار السلبية للعولمة. وركز محمد بن عيسى، رئيس مؤسة منتدى أصيلة، على أهمية أفريقيا في أنشطة موسم أصيلة الثقافي، منذ تأسيسه قبل أربعين سنة إلى اليوم. إذ ذكر بن عيسى بالحضور الأفريقي على امتداد دورات الموسم، كما توقف عند مساهمة الشخصيات، قائلا في حق الشاعر السنغالي الراحل مثلا، وعن باقي الإسهامات الأفريقية: "لقد رافقنا الرئيس الراحل والشاعر الفذ، ليوبولد سيدار سنغور، في هذا المشوار، بمعية نخبة من المفكرين والفنانين والأدباء، ورجالات الدولة والسياسة، وخبراء التنمية والإعلام، من كل أنحاء أفريقيا، لدرجة يمكن القول معها إننا، وأقصد الأفارقة، نجحنا في تحطيم جدار الصحراء الكبرى الوهمي." وفي كلمته، قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أن الاهتمام بالتكامل سيزكي كل النشاطات التي واجهت صعوبات، مشيرا إلى إمكانات التكتلات الاقتصادية القائمة إلى حد الآن بين الدول الأفريقية. كما اعتبر بوريطة أن أفريقيا تجتهد في سبيل إنجاح التكامل بين دولها، لكنه أشار إلى أن التبادلات التجارية مع أوروبا أكثر حجما مما هي عليه بين دول القارة السمراء.