أثناء نقاش رعته منظمات ثقافية وطنية مؤخرا في الدارالبيضاء، لم يتردد محمد الأشعري، وهو وزير سابق للثقافة ورئيس سابق لاتحاد كتاب المغرب، في التعبير عن انزعاجه من سلوك كثير من المثقفين في علاقتهم بقيم الديمقراطية، متسائلا عن سر صمت كثير منهم بإزاء التضامن مع الشعب الليبي مثلا، وقال: «هناك مثقفون أكلوا في راحة صدام حسين والقذافي وسكتوا وبلعوا وكانوا من وسائل تعطيل وعرقلة النضال الديمقراطي»... الكلام على حدته، وبالنظر إلى مصدره، يعيدنا إلى السؤال من جديد عن بعض مثقفينا، وعن مواقفهم... بالفعل استغرب كثيرون لصمت أدبائنا وكتابنا عن إبداء موقف تجاه الجنون والمذابح التي يرتكبها اليوم القذافي ضد شعبه، والتي هزت كل العالم، وتذكرنا نحن، بفجاعية كبيرة، مواقف بعض هؤلاء أثناء غزو صدام حسين للكويت، وسكوتهم البئيس عن الكلام عندما سقط الديكتاتور. من حق شعبنا على هؤلاء اليوم أن يطلب منهم الكلام، والخروج إلى دائرة الضوء حتى نتبين حقيقة الوجوه والجيوب... المثقف، بطبعه، يجب أن ينشغل بقضايا الحقوق والحريات، ويهتم بما يجري في مجتمعه ومحيطه، ويدافع عن القيم المجتمعية والكونية، وذلك بفكره وسجاله وكتاباته ومواقفه، وبمشاركته في الأحداث. اليوم، حين يحيط بنا كثير صخب فيما يكتب، وفيما ترمينا به فضائيات مشرقية، وحين تسكننا المعارك والجدالات الساخنة في مواقع الانترنيت، نصدم بغياب مفجع لمثقفينا عن كل هذه المواقع. إن المثقفين الحقيقيين، عبر التاريخ، كانوا دائما وراء كل مشاريع التنوير والحرية، وللمثقفين دائما دور ترتبط محصلته المعرفية والتنويرية بتحولات مجتمعاتهم، وبنضالات شعوبهم من أجل الديمقراطية، وبالنسبة لنا فإن الكثير من مثقفينا باتوا إما غائبين بشكل كامل، وأحيانا يمسكون العصا من الوسط ويشرعون في توزيع النصائح المتعالية، وفي حالات يناصرون «الجهة الغالبة» و...ينقلبون. الصرخة التي عبر عنها الأشعري، أثناء اللقاء الحواري الذي شارك فيه أيضا عبد الواحد سهيل ومصطفى الخلفي، وحضره عدد من الكتاب والفنانين، أحيت جرحا يرتبط بعلاقة عدد من مثقفينا بالنظام الليبي، وقبله بالنظام العراقي، واحترافهم الأكل في راحة الطاغيتين، بدل قول كلمة حق حول جرائمهما ومذابحهما. أين هؤلاء اليوم؟ لماذا صمتوا؟ لماذا لم يخرجوا على الأقل للاعتذار للشعب الليبي؟ أين الذين لم يخجلوا لما تربعوا حول المائدة ليقولوا بأن القذافي كاتب قصة ورواية، وعبقري زمانه؟ ليمتلك هؤلاء شجاعة الظهور ومخاطبة الشعوب... الشعب الليبي اليوم في الشارع... وبعد التحية لشاعرنا المبدع والمناضل إدريس الملياني، فالشعب : «جاء يدق باب الحرية الحمراء في الميدان بل هو كعكة الميدان يهتف ملء سمع العالم: ارحل» عتاب المثقفين والغضب من تخاذل بعضهم، منطلقه محبتهم والغيرة على دورهم، والكلمة تنتظرهم اليوم لينتفضوا، وليصرخوا وليحتضنوا شعبهم والمبادئ. إليكم الكلمة أيها السادة. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته