قال عبد الأحد الفاسي الفهري، وزير إعداد التراب والتعمير والإسكان وسياسة المدينة الأربعاء الماضي، بمدينة صوريا ” شمال إسبانيا” إن المغرب يعمل على جعل مدنه الوسيطة محركا للتنمية الاقتصادية وللإبداع والابتكار والتجديد وحتى تكون أكثر جاذبية . وأضاف عبد الأحد الفاسي الفهري خلال افتتاح أشغال الدورة الثانية للمؤتمر الدولي ” تينك أوربا” الذي ينظم تحت شعار ” المدن الوسيطة .. مفتاح للتنمية ” أن على المفهوم الجديد للمدن الوسيطة أن يأخذ بعين الاعتبار كل الأبعاد المرتبطة بالتنمية الحضرية المستدامة وذلك بشكل شمولي ومندمج . وأكد أن العديد من العوامل الحاسمة هي التي تؤطر هذه الرؤية المستقبلية للمغرب في ميدان إعداد التراب والتعمير مشيرا إلى أن التحديات المرتبطة بدعم وتعزيز مرونة الشبكة الحضرية كآلية للحكامة تروم بالأساس تنظيم البنيات التحتية والتوزيع المجالي للوظائف الحضرية وتعزيز المساواة في إعداد التراب إلى جانب تنمية وتطوير سياسة المدينة والفضاءات الحضرية . وأوضح وزير إعداد التراب والتعمير والإسكان وسياسة المدينة أن المدن ” تتموقع اليوم كمحركات حقيقية للتنمية للاقتصاديات المحلية والوطنية وبالتالي فقد أضحى ضروريا إيجاد الحلول والأجوبة لمختلف التحديات التي تطرحها بعض الإكراهات المرتبطة بالنجاعة الاقتصادية وتحسين البيئة ونوعية الحياة ” مضيفا أن المدن تعتبر أيضا فضاءات لتراكم العديد من الرهانات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وكذا تلك المرتبطة بالحكامة . وأكد في هذا الإطار أن الوزارة تعمل على الإجابة على مختلف الأسئلة المستعجلة المرتبطة على وجه الخصوص بضرورة توفير السكن اللائق لفئات كثيرة من السكان ومكافحة مختلف أشكال الهشاشة والسكن المهدد بالانهيار والأحياء الناقصة التجهيز وذلك بهدف تحقيق طفرة في إعمال وتنفيذ مبادئ التمدن والتعمير الشامل الذي يأخذ بعين الاعتبار انشغالات وانتظارات القطاعات الاجتماعية والبيئية .وقال إن هذه الدينامية التي تعتمدها الوزارة تأتي في لحظة حاسمة شرع فيها المغرب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في التفكير في تحديد نموذج جديد للتنمية يضع إشكالية محاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية ضمن اهتماماته الوطنية الكبرى . وأكد عبد الأحد الفاسي الفهري أن مساهمة الوزارة في هذا التفكير تتمثل في محاولة تحديد سياسة حضرية متجددة تأخذ بعين الاعتبار العناصر المؤسساتية الجديدة مع إعادة تأهيل عمليات التخطيط المجالي ” إلى جانب مواجهة الإكراهات التي يطرحها التوسع العمراني الحضري المتسارع مؤكدا أنه موازاة مع تنفيذ السياسة الجهوية الجديدة يتم اعتبار المدن الوسيطة التي يتم إحداثها كأدوات وآليات لتحقيق التنمية الجهوية . ولتمكين المدن الوسيطة من القيام بالأدوار المنوطة بها شدد وزير إعداد التراب والتعمير والإسكان وسياسة المدينة على ضرورة العمل من أجل تحسين مستوى تنافسيتها وجاذبيتها بشكل يعيد تموقعها كفضاءات لإعادة الانتشار والتوسع للمدن الكبرى وكمحرك حقيقي للتنمية الجهوية . وأشاد الفاسي الفهري باختيار المغرب كضيف شرف لهذه الدورة منوها بهذه المبادرة التي تشكل اعترافا بالجهود والإجراءات التي اتخذتها المملكة المغربية من أجل دعم وتعزيز قطاع التعمير بصفة عامة ومدنها الوسطية بصفة خاصة مشيرا إلى أن هذا المؤتمر الدولي الذي يحضره خبراء في المجال يشكل مناسبة لتسليط الضوء على التجربة المغربية في هذا المجال وتقاسم التجارب والتعريف بالنجاحات التي تحققت وكذا بحث ومناقشة أوجه القصور التي قد تعتري بعض هذه التجارب . ومن جهته أكد محمد السفياني رئيس بلدية شفشاون أن المغرب كان له خلال شهر يوليوز الماضي شرف تنظيم أول منتدى عالمي للمدن الوسيطة للمنظمة العالمية للمدن والحكومات المحلية المتحدة الذي توج بالتوقيع على مذكرة تفاهم تعد الأولى في العالم بين عدة أطراف من بينها وزارتي الداخلية وإعداد الترب والتعمير والإسكان وسياسة المدينة بالمغرب ومنظمة الأممالمتحدة للسكان وكذا المنظمة العالمية للمدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا من أجل إعداد استراتيجية حول المدن الوسيطة وإدراجها ضمن الأجندة الدولية لأهداف التنمية المستدامة ( أجندة 2030 ) . ” وأضاف أن المغرب مدعو اليوم لمشاركة تجربته الرائدة في ميدان تنمية وتطوير المدن الوسيطة في إطار هذا المؤتمر الدولي وتسليط الضوء على المقاربات التي اعتمدتها المملكة في مجالات التخطيط الحضري وتنمية المدن والمراكز الحضرية مشيرا إلى أهمية الأدوار التي تلعبها المدن إلى جانب الحكومات الوطنية والمنظمات الدولية في تفعيل وتنفيذ مقتضيات ومضامين أجندة التنمية المستدامة ل 2030 . وأكد أن المغرب أصبح تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس رائدا على الصعيد الإفريقي والمتوسطي وكذا على المستوى الدولي في العديد من القطاعات خاصة تلك المرتبطة بالتنمية المستدامة والبيئة والهجرة وغيرها . ومن جهاتها أكدت ميرتكسيل باتيت وزيرة سياسة التراب والوظيفة العمومية الإسبانية على أهمية علاقات التعاون القائمة بين المغرب وإسبانيا وإرادتهما الراسخة لتنمية وتطوير آفاق هذا التعاون مشيدة باختيار المملكة كضيف شرف لهذه الدورة من أجل الاطلاع على تجربتها والجهود التي تبذلها من أجل دعم وتعزيز أدوار مدنها الوسيطة كفضاءات للتعايش والتماسك الاجتماعي . وأوضحت أن هذا المؤتمر الدولي يشكل منصة لتبادل وجهات النظر والتفكير في البحث عن حلول للتحديات العالمية الحالية المتمثلة في تحقيق التنمية الاقتصادية والتوزيع العادل للثروة ودعم وتعزيز العدالة الترابية ومحاربة الإقصاء الاجتماعي . وبدوره أكد كارلوس مارتينيز رئيس بلدية مدينة صوريا على ضرورة مضاعفة الجهود من أجل جعل المدن الوسيطة كمحرك حقيقي للتنمية والالتزام بمسلسل التنسيق المتعدد الأطراف والمستويات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة . وأضاف أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب التزاما سياسيا قويا مع تنسيق متعدد المستويات بين جميع المؤسسات العمومية والمنظمات الخاصة ومكونات النسيج الجمعوي من اجل مواجهة التحديات المطروحة . ويضم الوفد المغربي المشارك في هذا الحدث العالمي الذي يستمر ثلاثة أيام كل من رئيس بلدية شفشاون السيد محمد السفياني ومديرة التواصل والتعاون والنظم المعلوماتية بالوزارة بديعة الكراوي بالإضافة إلى مديرة الوكالة الحضرية لقلعة السراغنة سميرة العيادي . وتروم الدورة الثانية للمؤتمر الدولي ( تينك أوربا ) الذي تنظمه عمدية مدينة صوريا ويحضره أكثر من 50 ممثلا عن الحكومات المحلية والمنتخبين والخبراء والباحثين المتخصصين في قضايا التعمير والإسكان وإعداد التراب لأن تكون منصة للحوار المتعدد وتبادل الخبرات وتقاسم التجارب بين الفاعلين العموميين في المجال مع البحث عن أنجع التصورات والحلول الواقعية للإشكالات الحقيقية التي تواجهها المدن الوسيطة والتجمعات الحضرية ودراسة المقاربات الكفيلة بتجاوز الخصاص على مستوى الهياكل والبنيات التي تعاني منها مثل هذه المراكز . ويتضمن برنامج هذه الدورة إلى جانب العروض والمداخلات التي سيقدمها خبراء في المجال تنظيم موائد مستديرة ستبحث مختلف القضايا والمواضيع التي تهم إشكالات تنمية وتطوير المدن الوسيطة والمقاربات التي يجب اعتمادها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي والجهوي .